الإثنين 18 أغسطس 2014 / 00:05

رؤوس داعش تمهد طريق إسرائيل



أطفال يلهون برؤوس مقطوعة، أشلاء متناثرة لشبان نُكل بهم بعمر الزهور، تشاهدها عائلاتهم على الشاشات، يدوسها رجال بلحى طويلة خرجوا لتوهم من عزلة الكهوف، يتراقصون فوق الموتى، الذين قُتلوا باسم "الإسلام"، والإسلام من إجرامهم براء.

وباسم "الإسلام" أيضاً يسيطر داعش الآن على مناطق واسعة من العراق وسوريا، حيث غدا أغنى تنظيم متطرف في العالم، يستعمل أحدث وسائل التكنولوجيا، حتى أنه لجأ إلى تشفير اتصالاته، فضلاً عن استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي بحرفية، فأخبار "الدولة" تنشر يومياً على تويتر، بالإضافة إلى مجلة شهرية ناطقة بالإنجليزية، والتي تساعد التنظيم على اجترار المزيد من المؤيدين مغسولي الأدمغة، دون أي قوة تذكر تحاول التصدي لآلتهم الإعلامية.

لكن ما لم يشفره داعش هو صور ضحايا التعذيب والمجازر الجماعية التي يتفاخر التنظيم بنشرها يومياً، مثل صور جنود الفرقة 17 بالجيش السوري، الذين قتلوا وعذبوا بالرقة، والتي لا يمكن تخيل شعور ذويهم وهم يشاهدون رؤوس أبنائهم معلقة على أسوار حديدية، دون أدنى ذرة من الإنسانية.

ومن غير الممكن عند الحديث عن داعش، تجاهل تعامل القوى السياسية الكبرى مع تعاظم خطر أكبر تطرف يضرب الشرق الأوسط، رغم أن الولايات المتحدة حركت بعد تجاهل دام طويلاً، طائراتها للمساعدة في الحد من توسع التنظيم.

كما لا يمكن إلقاء اللوم كاملاً على "نظرية المؤامرة"، فقيادات داعش لا يجمع بينهم شيء سوى الإرهاب، وجهلهم الحقيقي بالإسلام، لذلك هم يشكلون أقوى سلاح لإسرائيل في معركتها بالمنطقة، هم يقولون للعالم أنظروا ماذا سيفعله المسلمون إن تابعوا مسيرتهم.

إلا أن التساؤل الأكبر الآن هو كيف يمكن إيقاف آله القتل العشوائية وهؤلاء الرجال الذين غسلت أدمغتهم وشلت عقولهم تماماً حتى فقدوا آخر جزء من إنسانيتهم، وبات القتل والترهيب والجثث جزء من غذائهم الروحي اليومي، ولعل جزءاً من الإجابة يكمن باجتثاث الطائفية من جذورها عند جميع الأديان والمذاهب والطوائف، والتي أعطت ذخيرة دائمة تستعمل لاستمالة السذج والجهلة المهمشين في مجتمعاتهم.

ولعل الدولة الإسلامية التي تقاتل تحت راية "السنة" أكثر من أساء للطائفة السنية، باتخاذها اسمها ستراً لجرائمها، حتى أنها وضعت أبناء الطائفة موضع الدفاع عن دينهم ومعتقداتهم أمام جيرانهم على هذا الكوكب، إلا أن الإرهابيين ليسوا مسلمين مهما زعموا.

ويبدو أن "العهدة العمرية" غابت عن ذهن زعيم داعش البغدادي، والتي جاء فيها أن الفاروق عمر بن الخطاب "أعطى أهل إيليا (القدس) الأمان لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، أن لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم"، ليأتي "خليفة" دولة الإجرام البغدادي، ليقتل المسلمين مع المسيحيين والإزيديين والأكراد وكل من استطاعت يده الوصول إليه.