الخميس 21 أغسطس 2014 / 22:22

سوريا تتوقع انفراجاً مع الغرب بسبب خطر "داعش"

تراهن سوريا على أن مسعى تنظيم الدولة الإسلامية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، سيدفع في نهاية المطاف الغرب المعادي إلى التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد، باعتباره الخيار الوحيد للتصدي لهذا الخطر.

وفي حين تصعد قوات الأسد قتالها مع مسلحي الدولة الإسلامية في حرب سوريا الأهلية، تنفذ الولايات المتحدة غارات جوية على الجماعة ذاتها في العراق المجاور.

وتقول مصادر على دراية بتفكير الحكومة السورية، إن هذه العوامل بالإضافة لعقوبات الأمم المتحدة على المقاتلين السنة في سوريا والعراق، عززت اعتقاد الأسد بأن الولايات المتحدة وأوروبا ستتفقان مع رؤيته للصراع.

ويستبعد مسؤولون في حكومات غربية دعمت الانتفاضة ضد الأسد، فكرة التقارب ويقولون إن سوريا ليست العراق.

لكن تنامي المخاوف الغربية من الدولة الإسلامية يثير الجدل بشأن السياسة تجاه سوريا، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحرب الأهلية
تراجع دور المعارضة السورية المعتدلة، التي كان الغرب يأمل أن تكون لها اليد العليا، مع صعود إسلاميين متشددين.

فرص تواصل
وترى حكومة دمشق التي تشجعت بسبب زيارات من وكالات مخابرات أوروبية، أعلن عنها مسؤولون سوريون في وقت سابق هذا العام، أن الحرب على الدولة الإسلامية ستفتح فرصاً جديدة للتواصل.

ولا توجد مؤشرات على أي تغيير في واشنطن التي تقوم سياستها تجاه سوريا على ضرورة رحيل الأسد، وكادت تقصف سوريا العام الماضي بعد أن اتهمت الأسد باستخدام أسلحة كيماوية.

وقال نائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي باراك أوباما بن رودس، خلال مقابلة إعلامية "إنه جزء من المشكلة".

وتقول المصادر إن الأسد لا يتوقع أن يغير الغرب سياسته قريباً، لكن بعد سيطرته على أراض ينظر لها باعتبارها ضرورية لبقائه فإن أمامه متسعاً من الوقت طالما يتحلى ببعد النظر في الصراع في سوريا.

وقال الصحفي اللبناني مقرب من الحكومة السورية سالم زهران "يدرك النظام أن الانفتاح الغربي سيكون في السر وعبر قنوات أمنية وليس دبلوماسية، الانفتاح الدبلوماسي والسياسي يحتاج لوقت أطول... لكن النظام يعتقد أن العالم كله سوف يأتي للتنسيق معه تحت شعار مكافحة الإرهاب".

عدو مشترك
وتقدم دمشق نفسها كشريك في حرب ضد عدو مشترك أعلن "خلافة إسلامية" في الأراضي التي يسيطر عليها عبر الحدود بين سوريا والعراق، ويتحرك مقاتلو الدولة الإسلامية بحرية بين البلدين.

وتكبدت قوات الأسد خسائر فادحة بيد تنظيم الدولة الإسلامية في اشتباكات حديثة، ونفذت القوات الجوية السورية أعنف غاراتها حتى الآن على معقل التنظيم في مدينة الرقة الشرقية مطلع الأسبوع.

ويسيطر التنظيم على نحو ثلث أراضي سوريا وهو الأقوى بفارق كبير بين الجماعات التي تقاتل الأسد، في حرب قتل خلالها نحو 170 ألف شخص، ودمرت معظم سوريا وقصرت سيطرة الأسد على المناطق الغربية وبينها دمشق.

ووصف الأسد معارضيه بأنهم متطرفون منذ بداية الانتفاضة في 2011 حين قمعت قواته بعنف متظاهرين سلميين استلهموا الربيع العربي، ويقول منتقدون إن هذا القمع أدى لتطرف خصومه.

سوريا مستعدة للتعاون
وتهيمن الجماعات الإسلامية الآن على المعارضة المفككة، وثاني أقوى هذه الجماعات هي جبهة النصرة الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سوريا، والتي أدى تنافسها مع تنظيم الدولة الإسلامية إلى اقتتال داخلي بين مقاتلي المعارضة أنفسهم.

وأصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بالإجماع يوم 15 أغسطس (آب) الجاري يدرج فيه جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية على القائمة السوداء، لكنه على النقيض لم يستطع أن يتفق على اتخاذ أي إجراء صارم ضد الأسد خلال السنوات الثلاثة الماضية، فيما يرجع أساساً إلى الدعم الروسي لدمشق.

والمقاتلون الإسلاميون الآخرون في سوريا في حالة تراجع، فهم يقاتلون تحت مظلة الجبهة الإسلامية، ويواجهون ضغطاً نتيجة لتقدم مسلحي الدولة الإسلامية شمالي حلب وهي مدينة سورية رئيسية تطوقها القوات الحكومية أيضاً.
وينظر إلى الجيش السوري الحر، الذي كان في وقت من الأوقات الأمل الرئيسي للغرب في معارضة معتدلة للأسد، على أنه الآن فقد أهميته.

"العمل مع إيران"
ويمثل هذا الوضع ورطة للغرب، وحتى العام الماضي فقط سعى أوباما للحصول على موافقة من الكونغرس على توجيه ضربات جوية ضد الأسد، بعد أن اتهمه باستخدام أسلحة كيماوية ضد شعبه وهو زعم نفته حكومة دمشق، وتم تجنب هذه الضربات نتيجة لاتفاق توسطت فيه روسيا وافق بموجبه الأسد، على تسليم مخزوناته من الأسلحة الكيماوية.

لكن وزير الخارجية البريطاني السابق مالكولم ريفكند قال هذا الأسبوع، إن المعارضة المعتدلة "في حالة فوضى"، وأضاف قائلاً "الإرهابيون من الدولة الإسلامية يصبحون على نحو سريع الخصوم الجادين الرئيسيين للحكومة المؤيدة لإيران في دمشق".

وكتب في صحيفة ديلي تلغراف البريطانية داعياً للتعاون مع إيران في مواجهة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وقال "إذا تعين علينا العمل مع إيران لهزيمة الدولة الإسلامية فليكن كذلك".

ومناطق سيطرة الدولة الإسلامية بعيدة عن مناطق الاهتمام الرئيسي للحكومة السورية، وخاصة دمشق، وممر أراض استراتيجياً يمتد شمالاً إلى الساحل معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد وتشكل قاعدة سلطته، وهذه المنطقة تخضع الآن في معظمها لسيطرة الأسد.