الأربعاء 11 يونيو 2014 / 22:47

لوموند: اللاجئون الليبيون في تونس "يحفظون" ذكرى القذافي

24- فاطمة غنيم

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً حول الآلاف من الليبيين الذين فروا إلى تونس بعد ثورة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، بحثاً عن الأمن والاستقرار الذي فقدوه في بلادهم. ولكن يبدو معظمهم من أنصار الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الذين ما يزالون يحتفظون بذكراه في قلوبهم ويعلقون صورَه في بُيوتهم.

يؤكد التقرير أن تونس استقبلت مئات الآلاف من الليبيين، الذين فروا من بلادهم قبل ثلاث سنوات، ليحولوا تونس إلى مخيم عملاق للاجئين.

وتتزايد أعداد الأسر الليبية النازحة إلى تونس كل يوم، ويحتلون مبانٍ بأكملها في عدة مناطق بتونس، أو تجدهم منتشرين في مدن مثل الحمامات وسوسة ونابل وقابس. وبرغم معاناتهم الشديدة وتدهور أوضاعهم يوماً بعد آخر، لا توجد منظمات إنسانية تقدم لهم يد العون.

وبحسب التقرير، تتفاوت التقديرات حول أعداد اللاجئين الليبين في تونس، ولكن تشير تقديرات وزارة الداخلية التونسية إلى وجود ما بين 600.000 مهاجر ليبي. وبالنظر إلى الليبيين الذين فروا إلى مصر، هناك نحو مليوني مواطن ليبي يعيشون الآن خارج حدود بلادهم. وهو رقم مذهل بالنظر إلى أن إجمالي سكان ليبيا يبلغ حوالي ستة ملايين نسمة.

واعترافاً بهذه الظاهرة، موّلت الحكومة الليبية افتتاح خمس مدارس في تونس هذا العام. يقول فتحي بو شعلا الملحق الثقافي في السفارة الليبية في تونس: "إنهم أحرار، ونحن نحاول دمج أكبر عدد ممكن من الأطفال الليبيين".

ويشدد التقرير على وجود صعوبات في اندماج اللاجئين الليبيين. على سبيل المثال، في مدرسة جميلة بمنطقة موتولفيل بتونس، هناك 300 طالب وطالبة يرفض الكثير منهم غناء النشيد الوطني الليبي الجديد. ويحول البعض منهم رأسه بعيداً عن لافتة كبيرة تحتفي بثورة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي وتحمل عبارة "ثورة 17 فبراير".

كل عائلات اللاجئين تقريباً تدعم الرئيس المخلوع، أو هي جزء من النظام القبلي السابق في سرت وبني وليد أو ورشفانة. يقول المدرس عامِل بن عايد: "في البداية، كانت هناك الكثير من المعارك الشرسة. يتوجب عليهم تعلم كيفية العيش من أجل بلد وليس من أجل رجل، ولكن القذافي لا يزال يعيش بينهم".

ذهب ولكن لم يُنس
يلقي التقرير الضوء على عائلة شهد وبيتها الذي تحلق في أجوائه روح القذافي الذي يظهر في صورة قلادة تضعها حول عنقها، وملصق بارز في غرفة المعيشة، وعلى القناة الفضائية الموالية للقذافي التي تبث مشاهد الحرب وابتزاز المتمردين والخطب التي يلقيها الزعيم الليبي السابق. فرت شهد (32 سنة) من طرابلس، ولم تكن تعتقد أنها ستنجو، حسب قولها.

بعد معارضة النظام السابق لمظاهر العنف، انضمت للجيش قبل إلقاء القبض عليه من قِبَل المتمردين في 28 أغسطس(آب)، 2011.

وتوضح شهد قائلة: "تنقلت بين عدة سجون خلال ثلاثة أشهر تقريباً. في البداية ، سجن تاجوراء، وكان الأسوأ". وروت كيف تعرضت للاغتصاب المتكرر من قِبَل زعيم ميليشيا على مدى خمسة أيام، وكانت تُضرب بالمواسير. وتقول إنها لا تستطيع أن تتخيل مقدار الكراهية التي يحملها كل من لا يزال في الأسر.

وهناك حامد (50 عاماً) الذي غادر ليبيا في أغسطس 2011 وعاش في مصر لمدة عامين تقريباً. يقول عن ثورة مصر إنها "بالنسبة لنا ليست ثورة بل دمار. فهي أسوأ من هنا. لقد اعتدنا أن نعيش أربعة في غرفة واحدة، وكان الناس ينامون في المقابر أيضاً".

تساهل
ويكشف التقرير عن انفجار أسعار الإيجارات في تونس، ويرجع ذلك جزئياً إلى العدد الكبير من اللاجئين الليبيين. ويتم التساهل معهم بدون أوراق رسمية وبطاقات إقامة أو تصاريح عمل رسمية. وعلى مدى ثلاث سنوات، تم تسليم 1.000 بطاقة إقامة فحسب، حصل على معظمها أصحاب الشركات التجارية، حسبما يقول محمد علي العروي، الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية.

ويذكر التقرير، نقلاً عن أحد أعضاء قبيلة القذافي ويدعى عبد المنعم كان وصل إلى تونس في مايو(أيار)، أن مسقط رأس القذافي هو "الجحيم" بعينه الآن، حيث أصبحت معقلاً لجماعة إسلامية متشددة تُدعى "أنصار الشريعة". وكان أُلقي القبض عليه في طرابلس وسُجن لمدة شهرين في نهاية الحرب. ويتذكر أنه كان يتعرض للضرب بالأسلاك الكهربائية كل يوم.

ولم يستسلم كل أقارب القذافي، إذ فر أحدهم إلى النيجر ثم عاد الآن للقتال في جنوب ليبيا. يضيف عبد المنعم: "إذا لم يحدث جديد في غضون عامين، أود أن أعود إلى النيجر أو الصحراء. يمكننا هناك، مع بعض سكان، أوحتى المتطرفين، أن نجد حلاً وسطاً. نستطيع، خلال ثلاثة أشهر فقط أن نستولي على السلطة".