الأربعاء 17 ديسمبر 2014 / 13:02

جريمة النقاب وحراس النوايا



من أنتم؟
سيأخذ أحدهم هذا التساؤل, ليقول صاحبة المقال تشتمنا, فنحن بنظرها لا نعني شيئاً!
وسيأخذ أخر هذا التساؤل ليقول, من أنتِ لتطالبي بالتعريف عن أنفسنا؟!
وآخر سيقول , متحررة تريد أن تتعرف علينا و تدعو بناتنا للتشبه بها و بتصرفاتها و ربما تدعوهن للفساد!
وآخر سيقول ويحها تتبنى فكر القذافي!
وآخر سيقول ماذا تريد قبيحة الشكل من هذا السؤال؟ 
وآخر سيقول أنت تقصديننا؟ من تقصدين بمن أنتم؟ 
وسيقول أحدهم أيضاً لماذا لم تقولي عرفوني عليكم بدلاً من من أنتم؟ أنتِ تتشبهين بالكفار؟ لماذا لم تعرفينا أنت بنفسك؟
وآخر سيقرأ ببساطة ليفهم ماذا أريد من سؤالي, كشخص طبيعي يقرأ رأي و فكرة يرفضها أو يتقبلها بعد أن ينهي ما قرأ.

هؤلاء, أليسوا أشبه بحراس النوايا و الفكر؟!
يدخلون داخل كلمتك, يفككونها، يأخذون منها ما يريدونه ويستخدمونه ليشوهوا المعنى العام وما تقصده برأيك ليشكلوه حسب توجهاتهم هم ورأيهم الذي لا يشبه الفكرة الأساسية مطلقاً!

قد يبدأ هذا التصرف بفهم غبي لا يمت لما كتبته بصلة! أو تصيد لتصفية حساب سابق, فيبدأ الهجوم الهمجي, لا على فكرك ورأيك فقط, ولكن حتى على شخصك!

أحياناً يكون هذا الهجوم موجهاً, ومواقع التواصل الإجتماعي أفرزت لنا ثقافة القطيع , الذي لا يتعب نفسه بالفهم , ولكن يتبنى ثقافة آخر كلمة, و(الفزعة) التي أفقدوها معناها الجميل, لتتحول لفزعة موجهة قبيحة لمهاجمة الآخرين!

عني شخصياً لا أمانع ان يختلف معي أحد في الرأي , فأول ما تعلمته في الحياة أن أحترم الآخر, وأول ما جعلني كاتبة, هو أني مستمعة جيدة للآخر!

لكن ماذا لو كان الآخر يجادل من أجل المجادلة؟! و يمارس السفسطة بلا هدف! و يستغل رحابة صدرك في محاولة لجرك لجدل عقيم!ماذا حين يظن أنه قادر على مصادرة رأيك؟ ماذا إذا حاول إجبارك على الإقتناع برأيه! ماذا إذا قال على لسانك ما لم تقله! هل نتحول حينها لدروس الشرح والتعليم؟

إحداهن في موقع تويتر مثلاً, لم تكل ولم تتعب من إيراد تساؤلات وأدلة وكنت أستغرب مما تقوله, لأنها في ظاهر تساؤلاتها تخالفني! لكن في الحقيقة كل ما أوردته كان مجرد تأييد لفكرتي! لكنها أجهدت نفسها في التركيز على مبدأ تفكيك الكلام و التصيد بدل الأخذ بالفكرة العامة! وأحزنني أنها تبذل هذا الجهد في مخالفتي من أجل محاولة لمصادرة رأيي الذي تؤيده بالأدلة التي أوردتها! بدل أن تحاول أن تكتب رأيها الخاص. 

ماذا حين يتحول الرأي للسخرية من شكل ووجه وملامح؟

قمت بتغير صورتي وتغطية وجهي في تويتر، وطلبت من القطيع بالتوقف عن مناقشة ملامح وجهي وصورتي, والبدء بمحاولة الحوار في رأيي الذي كتبته عن جريمة النقاب لأنها النقطة الأخيرة التي أفرزت لنا حراس النوايا هؤلاء, فما وجدت منهم سوى المزيد من السخرية من شكلي! وأستغرب خاصة أن أغلبهم يدعي الغيرة على الدين والمجتمع ويمارس علي الإرهاب الفكري ويسخر ويشتم ويدعون أنني أدعو للعري وأطلب خلع الحجاب! يكذبون على أنفسهم و على الله وعلى الآخرين. 

وأنا لا أكتب لكم بوجهي الجميل, ولكن أكتب لكم بقلمي الحر!
نحن مجتمعات عاطفية, حين تغلف لهم الكلمة بالدين, حتى لو كانت شتماً وسخرية, تجد القطيع يتشكل بسهولة وهذا ما يفعله رؤوس القطيع, رمي كلمة أولى مثل حرب على الدين وحرب على المجتمع والأخلاق، ويبدأ التلوث!

إفرازات تويتر ومواقع التواصل الإجتماعي لا تكفي لتصنع مثقف! والإمعة لا ينجو بسهولة ليكون ذا فكر ورأي حر, إلا إن تعب قليلاً وحاول الخروج من طوق العميانية والتبعية المطلقة, لفضاء القراءة والتفكير الحر وتقبل الآخر وإن خالفك الرأي فلا يعني ذلك بالضرورة أن تختلف معه!

لك حق دائماً أن تختلف معي, لكن ليس لك حق بمصادرة حقي في التعبير عن رأيي! 

لا أخفيكم أني أشفق على هؤلاء القادرين على إستخدام البرامج المختلفة لمواقع التواصل الإجتماعي بهذا الشكل الذي ينحدرون به وبأنفسهم لمستويات مؤذية، لكن هل ننجرف خلفهم؟ ونجاريهم؟ أو نخضع لهم؟

لن نخضع! لأننا ببساطة أصحاب فكر حر, ولا نسمح للآخرين بتوجيه فكرنا، فماذا عنكم يا أنتم؟ من أنتم؟