الثلاثاء 10 مارس 2015 / 09:00

الكونغرس و"فزعات" نوّابِهِ لنتانياهو "تصفيقاً وتطبيلاً"



اعتدنا نحن العرب، على متابعة بعض الخطابات الرئاسية في البرلمانات العربية، عندما يتفضل سيادة الرئيس بإلقاء خطابه أمام "الأمة" المتمثلة في أعضاء البرلمان المنتخب من قبل الشعب بنِسبٍ لا يتوقعها حتى النواب أنفسهم.

واعتدنا في تلك الأجواء والمناسبات الاستثنائية، أن نستمع إلى التصفيق أكثر من استماعنا لخطاب سيادة الرئيس. كما اعتدنا على "فزعات" تتقافز من هنا وهناك في أنحاء البرلمان وتهتف: يعيش، يعيش...إلى آخره!

لكننا لم نكن نعرف أن في دولة القانون والديمقراطية والحضارة والتقدم وهي الولايات المتحدة الأمريكية، شبيهاً لبعض تلك البرلمانات العربية، فما ظهر في الكونغرس الأمريكي مؤخراً، أثناء كلمة بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل يؤكد أن حالة التطبيل ليست محصورة أو محاصرة داخل جدران البرلمان العربي في الدول القومية (والعروبية أكثر مما يجب)، فلها هناك شبيهاتها وما يفوقها سخرية وكوميديا أيضاً.

ما حدث أثناء خطاب نتانياهو في الكونغرس، عندما صفق عدد لا بأس به من أعضائه وقوفاً ( أكثر من عشرين مرة) وبابتسامات عريضة ورؤوس "مرفوعة" (ولو أمام أعين الشاشات فقط) يشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحني رأسها لإسرائيل، وتشاركها فظاعاتها بأكثر من أداة منها أولاً: التصفيق والتطبيل، ثم تصدير السلاح بكرم وسخاء غير مسبوقين، ثم مجاراة سياساتها السوداء في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنطقة الشرق الأوسط برمتها، ثم تنفيذ أوامرها التي تصل لأمريكا عبر قرارات جاهزة كي يتم تنفيذها، وما على الولايات المتحدة سوى الاعتراف بها ودعمها سياسياً وإعلامياً. إضافة إلى أدوات كثيرة عرفناها و لا نزال تعرف إليها مؤخراً عبر ما تجترحه أمريكا من وسائل دعم لإسرائيل.

لا أدري كيف لا تخجل قوة عظمى، من أن يطبّل نوابُها لرئيس وزراء دموي مثل نتانياهو ومكروه من جميع شعوب ودول العالم (الثالث والأول والثاني.. والعاشر إن وُجد)، ولا أعرف كيف يقبل الرأي العام الأمريكي بذلك، دون أن يعلّق أو يضع علامات التعجب والاستفهام أمام ما حدث، بالرّغم من أن هناك من سخر من ذلك في إسرائيل ذاتها وعلق عليه بسخرية سخيّة.

هل يمكن للولايات المتحدة الأمريكية، الدولة التي من المفترض أنها تقود العالم، أن تظهر بهذه الصورة البائسة أمام شعبها أولا، ثم أمام شعوب العالم أجمع؟

وهل بات الدعم الأمريكي اللامحدود لدولة إسرائيل خفيّاً على أحد، أو موضع شك لمحلل سياسي أو حتى لرجل بسيط يجلس أمام شاشة التلفاز ليتابع نشرة الأخبار التي تعينه على النوم كل ليلة ؟!

يبدو أننا أمام مرحلة جديدة لسياسات البيت الأبيض، ستكون فيها أكثر انكشافاً وأقل خجلاً ومراوغة. وما يحدث أخيراً أكان عبر التوافق الأمريكي الإسرائيلي، أو عبر التوافق الأمريكي الإيراني لخير دليل على انقلاب السياسية الأمريكية على نفسها ثم على دول العالم من حولها أعداء وحلفاء وأصدقاء.