الجمعة 15 مايو 2015 / 10:01

من المسؤول عن السوداوية في حياتنا




 
قليلاً ما نجد أو نسمع اليوم عن راضٍ أو شاكر لحاله ولأوضاعه بين الناس، فمن منا ليس متذمراً على  شخص أو واقع أو ظرف يعيشه.

"عدم الرضا" هي سمة من طبع البشر تلازمه مهما تباينت الظروف والشخصيات، وبنظرة إيجابية قد تكون هذه الحالة هي الدافع نحو العمل والبحث المستمر عن الحالة الكاملة التي ينشدها كل شخص لنفسه، إلا أن الواقع مغاير لتلك الرؤية الإيجابية لا سيما في ظل الظروف المحيطة بالأوطان والمجتمعات والتغيرات المتسارعة من حولنا، فبتنا بمعظمنا نميل إلى استغلال الظروف تبريراً للإحباط وعدم السعادة التي نعيشها.

اليوم بات لوم الأشخاص المحيطين بنا وتعزيز عقدة الاضطهاد والتعرض لنظرية المؤامرة والظلم واتهام الأسرة والمجتمع والحكومات والأوطان بشكل أوسع هي الوسائل الأسهل التي نرضي بها ذاتنا كمسببات لعدم سعادتنا، وهو نمط تفكير موجود ومسؤول عن كثير من العدوانية والشر الموجود في عالمنا.

حين نقتنع بأن عدم الرضا بداخلنا هو نتيجة كل تلك العوامل الخارجية التي تمارس علينا الضغط والاضطهاد، نبدأ عملياً بتجييش مشاعرنا العدوانية بدرجات متفاوتة تجاه محيطنا انتقاماً للذات ودفاعاً عنها، فتطفو إلى السطح الحساسيات والخلافات وتصبح الحياة مليئة بالمنغصات خالية من الصفاء.

الحاصل لدى غالبيتنا العظمى، أننا وبدل أن نفرغ طاقاتنا بتحقيق الإنجازات الشخصية وتطوير المهارات والتغلب على الظروف الصعبة التي تعيشها معظم دولنا، نهدر قدراتنا ونستنزف طاقاتنا العصبية والفكرية باعتقادات سلبية، ولعل صفحات التواصل الاجتماعي المليئة بجمل الحزانة المخدوعين واليائسين من غياب العدالة والثقة والأخلاق تكفي لتعبر عن حالة التذمر العامة من الحياة التي استدعت سؤالاً هاماً ...... إن كنا بمعظمنا نشكو فمن المسؤول إذاً عن هذا الحجم من السوداوية في حياتنا.

لنتفكر قليلاً بكل هذا الكم من الإحباط ونتابع تسلل هذه المآسي، كلنا جزء من هذا المجتمع المتذمر، هل نجرؤ على أن نسأل أنفسنا عن مدى صلاحنا نحن من حيث خلقنا وسلوكياتنا تجاه حالنا ومحيطنا، هل سببنا أذى لغيرنا ظلمنا أو اعتدينا، حقيقة الإجابة الصادقة هي حتماً نعم فعلنا كل ذلك لأننا ببساطه لسنا منزهين.

الحياة لا تتمحور حول شخصنا الكريم والأشخاص بطبعهم يخطئون ونعم هناك أذى لمجرد الأذى وظلم ولكن ليس بهذا المستوى من السوداوية التي باتت خطاباً عاماً حتى لدى أعمار فتية.

الحري بنا وقبل أن "نشيطن" محيطنا ونتكئ على ظروف الحياة، أن نعود لداخلنا ونبحث عن مساوئها فحتماً هذا النوع من التفكير سيولد سلوكاً إيجابياً يدفع نحو تنقية كثير من الأجواء المشحونة والمشوهة من حولنا. ولا يجب أن يبقى الوضع القائم بأن لوم الغير أسهل بكثير من لومنا لأنفسنا فالانحراف بالتفكير يؤدي لا محاله للانحراف بالسلوك.