الإثنين 1 يونيو 2015 / 23:12

أمّ الشهيد بمواجهة أصوات الفتنة




البيان الذي كتبته كوثر الأربش، بعد أن فقدت ابنها واثنين من أبناء أختها أثناء محاولتهم منع دخول إرهابي حاول تفجير الآمنين في أحداث العنود الأخيرة، ربما يكون أبلغ ما يمكن كتابته في نبذ الطائفية ورفض الإرهاب. كوثر، بكل إنسانية وكأم فقدت أغلى ما لديها، قامت بتعزية أم الشاب الذي فجر نفسه! تقاسمت معها الحزن والفقد وشعور الأم الثكلى، رغم أنه من قتل ابنها!

كوثر تعلم أن كثيرين سيستنكرون منها ردة فعلها، وهذه فعلاً كانت ردود الأفعال الغريبة التي قرأناها في مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، الطائفة التي تنتمي إليها كوثر، استنكرت عليها أن تعزي أم ثكلى من طائفة أخرى!

لا غرابة في ردة الفعل هذه لأن خطاب وصوت التأجيج والتحريض من كل طائفة ضد أخرى عال جداً ويجد أذناً تنصت وتسمعه جيداً، وكل فريق وحزب وطائفة تظن أنها الفائزة بالجنة وأنها بالعداء ضد الطوائف الأخرى ستكسب رضى الله!

لا أعرف أي كلمات استخدم المجرمون الذين حرضوا الشباب الذين يفخخون مؤخراتهم ويلبسون الأحزمة المتفجرة وينتحرون ببساطة ! يذهبون هكذا بضغطة زر إلى جنة المنتحرين: جهنم!

أي غسيل للعقيدة والعقل والروح، لا يجب حتى تسميته (غسيل مخ) لأنه مجرد (تلويث) صارخ للفطرة المحبة للحياة والعقل الذي يميز بين الأشياء الصحيحة والخاطئة!

من أين يستمدون الجرأة على الله وعلى الإنسانية ويزهقون أرواحهم و أرواح بريئة، ربما لم تكترث لطائفته ولم تكن تهتم إلا بالذهاب للمسجد والصلاة لله الذي بيده وحده أن يحاسب كل شخص على دينه، على كفره، وعلى اختياراته في الحياة.

الغريب أن هؤلاء الذين يتولون تلويث الأدمغة، ويغيبون عقول الشباب ويغرونهم بصكوك الجنة والحور العين، لا يسابقونهم إليها! بل يعيشون حياتهم بكل متعها، و يمارسون المزيد من التصعيد الطائفي وهم في بيوتهم وبين عائلاتهم وفي جنتهم الدنيوية! ولا يكترثون بدموع الثكالى ولا الأرامل ويظنون أن دعوة الأمهات لن تصل ويتناسون أن الله ربما (يمدهم في طغيانهم يعمهون)!

أنا سنية، لا أملك جرأة أن أقول عن طائفة أخرى أنهم كفار ومشركون ومجوس ولا أستطيع أن أبارك وأهلل لموت أحد منهم بهذه الطرق البشعة! لأن ديني الذي أعرفه وأحبه يهذب نفسي ويعلمني كيف احترم الآخر الذي ربما يكون أفضل مني، وأترك لله وحده شأن الحساب!

لتعرفوا حقارة الإرهاب، انظروا للتوقيت الذي اختاروه والأماكن. هل تصدقون مثلاً ان رجلاً يبتغي الجنة ينتحر ويقتل أنفس بريئة في مسجد؟! في بيت من بيوت الله؟! أي جرأة على الله هذه؟ لا أفهم كيف يجعلون من أنفسهم رباً يكفرون ويدخلون الجنة من يشاؤون؟!

أشياء كثيرة يجب فعلها لمحاربة الطائفية والإرهاب، أولها إخراس أبواق الشر التي تهلل وتصفق لكل مصيبة تحدث لأحد، الحزم وحده معهم سينجي الناس من الإنسياق وراء هرطقاتهم وسلوكياتهم المنافية للإنسانية قبل أي شيء. يجب معاقبتهم ومحاسبتهم على كل روح غابت بسبب خطابات الكراهية و سمومهم التي يوزعونها على الناس!

والتوعية التربوية مهمة جداً داخل البيوت وفي المدارس، وخطابات التكفير والتحريض يجب أن تتوقف.

اليوم داعشي انتحر و أزهق أرواح أبناء شيعة، و قبلها قتل رجل أمن سنة، في المقابل حرق أبناء شيعة شاب سني بطريقة بشعة في مكان آخر، موت بشع لا يستفيد منه سوى شياطين البشر الذين يحرضون طائفة ضد أخرى!

أحدهم كتب لي بقبح غريب في تويتر حين استنكرت الجرائم الإنتحارية التي حدثت مؤخراً إني موالية للمشركين! لا أعرف متى وكيف صار رباً ليصنف الناس كمشرك وموحد! مثل هذا عليه فهم الدين بشكل سوي ويتوقف عن ممارسة دور رب العالمين، وللأسف غيره كثر، لا يدركون قبح الكلمة المهلكة التي يكتبونها.

الإرهاب لا دين له! والمنتحرون لا دين لهم! و ما يحدث الآن في المملكة العربية السعودية، هو محاولات فاشلة لإثارة الفتنة، لكن الشعب السعودي أوعى بكثير من السقوط في براثنها. انظروا لصلاة السنة والشيعة معاً في صفوف واحدة في مسجد العنود الذي سعى الإرهابيون لتفجيره، لتعرفوا كم أن الدين والوطن لديهم أغلى بكثير من محاولات الطائفيين النتنين أو الإرهابيين القتلة!

حمى الله بلاد المسلمين من شر الفتنة والطائفية والإرهاب!