الثلاثاء 2 يونيو 2015 / 21:57

جمعة التفجير




يوم الجمعة الذي يجتمع فيه المسلمون في بيت من بيوت الله عز وجل لتأدية فريضة من فرائضه، وفي منتصف نهار عند آخره يفتح الله لنا أبواب جنته وفيه دعوة لا ترد، يستغل هذا اليوم من جماعة لا تعرف الإسلام ولا بيوت الله ولا النهار المبارك ولا الدعوة التي لا ترد، ليقوموا بتفخيخ أنفسهم ومركباتهم ويكبسوا زر التفجير في صفوف هؤلاء الخشع الركع، علامة جديدة من علامات دين الإرهاب وصفة تثبت من جديد بأن أؤلئك الاشخاص لا يعرفون دين ولا رحمة، وعداوتهم ليست سياسية كما يقولون بل عداوتهم مع عباد الله عز وجل، ولو كانت عداوتهم سياسية فلماذا يختارون المصلين الواثقين ببيت الله وأمنه؟

إن المملكة العربية السعودية جزء لا يتجزأ من الجسد العربي الذي اذا أصابه أذى انتقلت آلامه إلى ما تبقى من الجسد، واختيار المملكة هو اختيار سيئ من جماعة إرهابية و المقصود من وراء ذلك ضرب الدين في عقر داره، واستخدام لغة الانتقام بالمتفجرات من قبل تلاميذ مدرسة بن لادن بحجة الانتقام لعاصفة الحزم والتي شنها جميع العرب والمسلمين على شرذمة طهران في اليمن يقابلها تناقض عجيب جداً، فهل يظن ابناء القاعدة بأننا نسينا حادثة اقتحام مستشفى وزارة الدفاع والقتل العشوائي الذي وزعه جحافل القاعدة على العزل من المرضى وكادر التمريض؟

الإرهاب الذي لا يعرف طائفة ولا ملة، ولا يميز بين عربياً وأجنبياً، لا يمكن أن نقنع أنفسنا بأن صناع هذه الآلة البشعة من البشر، كون هذه الالة لا تعرف التفريق بين الحق والباطل، وأن لدعاة الزور نصيب من هذه الآلة كون المشغل الرئيس لها هم دعاة الزور بشحمهم ولحمهم، فبدلاً من الدعوة إلى الله عز وجل بالحسنى بدأ الارهاب يقترب من بيوتنا شيئاً فشيئاً، والسبب دعاة الفتنة، فمن الذي صرح لهؤلاء وأقنعهم بأنهم ذاهبون بعد التفجير إلى الجنة، والراكع إلى الله سيذهب إلى النار؟ فالمسألة ليست مسألة غسل للإدمغة والعقول بقدر ما هي مسألة تحتاج من الجميع الالتفات الى هذه النقطة الحساسة، كيف يقضي الفتى عمره بين أرجوحة ولهو وقبل أن تكتمل ذقنه يعتنق هذا الفكر الظلامي؟ ماهي الوسيلة التي تستخدم في تحريض هؤلاء؟ نعلم جميعاً أن دعاة الزور يستخدمون الأقل وزناً والأثقل ثمناً وهي مشاعرنا باتجاه ديننا الحنيف، ولكن علينا أن نقول مرة أخرى كيف؟ وماهي المفاتيح السحرية التي تستخدم لفتح عقول بل لإغلاق عقول هؤلاء الشباب؟

من وجهة نظري، مكافحة قلب الحريق أفضل من مكافحة ألسنة اللهب المتصاعدة منه، وقلب النار هنا أساتذة الارهاب، المنتشرين بشكل طبيعي والممارسين لحياتهم الدينية بحجة الوقار، رافعين شعار السلف، وملوحين بالفرقة الناجية، وكأننا لا نعرف بأن الفرقة الناجية هي التي تجنب العباد من شر الإيدلوجية الإرهابية، وكأن الصحابة نقلوا عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لغة الدم وفواتيل المتفجرات وليس العبادة الخالصة الى الله عز وجل. جزء بسيط من دين الله ينهي جميع ما يأتي به ابناء بن لادن، وهي الرحمة التي أمر بها رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه، فإن حلت الرحمة في قلوبنا لن نفجر ولن نكره ولن نقتل، ومن يفعل هذا كله هو من لا يعرف الرحمة، هو الذي يقتل أطفالاً ذهبوا مع آبائهم لتأدية فرض من فروض الله؟

لست داعية قتل، ولا أتمنى بأن يفقد أحد ابنه، أو أحد أقاربه، وفي اعتقادي لو ذهب ضحية هذه التفجيرات أحد ابناء دعاة الفتنة والزور سيعرف جيداً قدر الألم والحسرة الذي يصنعه الإرهاب برعايته.

ذكر لي أحد الأشخاص قصة في دولة عربية اعتادت في فترة من الزمن على أسلوب التفجير، عندما اكتشف أحد الإرهابيين بأن المدرسة التي زرع بها عبوة ناسفة تتواجد بها ابنة أخيه وهو لا يعلم، ولرحمة الله لم تصب الفتاة بأذى، فعندما علم أعلن توبته من الجماعات الإرهابية وحمد الله على سلامة ابنة أخيه! فأستغرب عندما أعلم بأن هؤلاء الاشخاص تتحرك مشاعرهم اتجاه ابنائهم فقط وكأن دماءهم دماء ودماء ابناء الناس مجرد ماء! يتصرفون بها كيف ما شاؤوا.