الجمعة 11 سبتمبر 2015 / 18:50

أمهات في ساحة القتال

لقد استوعبت القيادة الإماراتية العديد من دروس الماضي، والدروس الحالية التي تجري أحداثها في المنطقة، واستوعبت أهمية تدارك مسبِّبات الأخطار لنزع فتيل قنابلها الموقوتة قبل فوات الأوان، لذلك جاءت مشاركتها ضمن قوات التحالف في اليمن لتصد تلك الكرة المتدحرجة التي بدأت في التشكل في اليمن، وهي أشبه بكرة النار التي يزداد خطرها كلما امتدت مساحة تدحرجها.

كان لا بد من إطفائها بالمال والعتاد والأرواح.

وعندما سالت دماء أرواح شهدائنا وشهداء أبناء المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين واليمن في أرض مأرب في اليمن مؤخراً، فإنها سالت لتشكّل مع الجنود البواسل في قوات التحالف سداً منيعاَ يقف إلى جوار سد مأرب، لصد الخطر الناجم عن الميليشيات الحوثية الإرهابية ومن يدعمها ويقف خلفها.

لقد كشفت لنا تلك الحادثة صلابة الموقف الإماراتي والقيادة الإماراتية في التعامل مع مختلف الأزمات، وكشفت عن التماسك الذي تحلى به ابن الإمارات، سواء تماسك أسر الجنود الشهداء أو المصابين أو الذي ما يزالون مرابطين في أماكنهم، وتماسك القيادة مع أبناء الشعب والشعب مع القادة. ولن نضيف جديداً إن تحدثنا عن موقف قادتنا وموقف أهالي أسر جنودنا البواسل في الأيام الماضية. لكننا في حاجة مهمة إلى الوقوف وقفة تحية وإجلال إلى أمهات الشهداء والمصابين.

لقد قدمت أمهات الشهداء والجرحى في الإمارات صورة من أعظم صور الصبر والاحتساب في مصابهن وآلامهن في فلذات أكبادهن جراء الحادثة الأخيرة.

لقد شاهد كثير منا التسجيلات المرئية التي ظهرت فيها أمهات الشهداء والمصابين، منهن تلك الأم التي تتحدث بصدق وبساطة عن جنود الإمارات وكيف أنهم يؤدون واجباً وطنياً ودينياً لنجدة إخوانهم في اليمن ومساعدتهم بالتعاون مع قوات الأشقاء في المملكة العربية السعودية. كانت تتحدث بوعي لتقول إن ما أصاب أبناء اليمن فيه مصاب لنا. وما يمسهم يمسنا.

شاهد كثير منا أيضاً تلك الأم التي قالت إنهم لم يربوا أبناءهم ويوفروا لهم كل سبل الراحة إلا لتأدية مثل هذا الدور منهم في مثل هذا الموقف. وهو موقف تلبية نداء الوطن.

هؤلاء هن أمهات أبناء الإمارات، دون زيف أو تصنع.

هؤلاء هن الأمهات اللاتي حفظن أبناءهن من الانجراف وراء التيارات المضللة والمخادعة التي لا تعترف بالولاء للأوطان والقادة.

هؤلاء هن الأمهات اللاتي غرسن قيم الولاء والإخلاص والوفاء لهذا الوطن العظيم الغالي وقادته.

هؤلاء هن الأمهات اللاتي كسب الوطن رهانه عليهن، تماما كما كسبه ويكسبه كل يوم على أبنائهن البواسل.
الأمهات مدرسة من مدارس صناعة الرجال والأبطال.

وأمهات الشهداء والمصابين والجنود البواسل الذين ما يزالون مرابطين في اليمن الشقيق، هنّ أمهات في ساحة القتال أيضاً، وإن كنّ في بيوتهن أو اماكن عملهن في الإمارات. فرباطة جأشهن وصبرهن صار مضرباً للمثل في المنطقة.
ما أعظمكن من أمهات، وما أعظمكم من جنود بواسل لهذا الوطن الغالي.

رحم الله شهداء الإمارات وشهداء جيراننا، وحفظ الله أوطاننا وجنودنا البواسل من كل شر.