السبت 9 أبريل 2016 / 17:32

بالفيديو| ماما نجيبة حداد لـ 24: الطفولة تقف أمام فوهة البندقية في اليمن

24 ـ القاهرة ـ أحمد علي عكة

من رحم الطفولة الصعبة والمعاناة يخرج الإبداع، ومن بين الصعاب والتحديات يخرج أبطال الكفاح، هذا ما حدث مع رائدة الكتابة للأطفال اليمنية، مقدمة ومعدة البرامج الإذاعية والتgفزيونية ماما نجيبة حداد كما يلقبها الأطفال في اليمن. الأطفال أصبحوا رجالاً ونساءً يحملون راية الحفاظ على اليمن من أجيال سابقة لكنهم ما زالوا يحملون في قلوبهم المحبة والود والتقدير لماما نجيبة.

ضحيت من أجل أطفال بلدي الذين يحبونني ويمنحوني ابتسامة رضا

قصتي "سارق العسل" ترجمت إلى 14 لغة وفازت بالجائزة الذهبية من الاتحاد السوفيتي السابق

دقات قلبي تقول أنا ماما نجيبة أحب الأطفال أحب الطفولة

ركنت الطفولة جانباً لرعاية أخوتي العشرة وأنا عمري لم يتعد 12 عاماً

ماما نجيبة حداد تؤكد أن أكثر ما يؤلمها في هذا العالم هو أن ترى دموع طفل، فالطفولة تجري في شرايينها مجرى الدم، إذ قضت عمرها من أجل الأطفال سواء بالكتابة لهم أو تقديم البرامج التلفزيونية.

ماما نجيبة، أو "أم الأطفال" كما يطلق عليها، التقاها 24، وأجرى معها هذا الحوار للتعرف أكثر على ملامح تجربتها الطويلة مع الأطفال ورأيها فيما يحدث الآن في اليمن.

قضيتِ عمرك من أجل الأطفال، فماذا عن طفولة ماما نجيبة حداد؟
نشأت في أسرة بسيطة متواضعة متوسطة، كان أبي رجلاً مثقفاً وكانت أمي سيدة طيبة، وكانت السعادة تغمر بيتنا، وفجأة سقط أبي وتوفي بأحلامه وحبه الكبير لنا وبمستقبلنا، فسقطت كل هذه الأحلام، في هذه اللحظات ركنت الطفولة جانباً لرعاية 10 من الإخوة والأخوات وأنا عمري لم يتعدّ 12 عاماً.

في ظل طفولتك الصعبة، كيف استطعت مواصلة الطريق نحو النجاح؟
كان عليّ أولاً الحصول على عمل، فكان أول عمل لي في إذاعة عدن من خلال بعض أصدقاء والدي، كنت أعمل في بريد الإذاعة بأجر يومي لأن عمري وقتها لم يكن يسمح لي بالعمل، وفي المساء أدرس وأتعلم، وواصلت عملي في إذاعة عدن ثم تلفزيون عدن، ثم سافرت للدراسة في ألمانيا ثم إلى القاهرة، وزرت الكثير من دول العالم في مهرجانات ومؤتمرات، صحيح أنني الآن وكيلة وزارة، لكن شرايين قلبي تتدفق ودقات قلبي تقول أنا ماما نجيبة أحب الأطفال أحب الطفولة.

كيف كانت البداية في تقديمك أعمالاً للطفل؟
البداية مع أعمال الأطفال، كانت من خلال إذاعة عدن في العام 1967، ثم كانت الكتابة للأطفال في بداية سبعينيات القرن الماضي من خلال عدد من المجلات، مثل مجلة الحرية في بيروت، والطليعة الكويتية، والمرأة السوفيتية، بالمراسلة عبر البريد الذي لم أنسه ولن أنساه، حيث لم تكن شبكة الانترنت موجودة في هذه الأيام وكان القائمون على هذه المجلات لا يعرفون نجيبة حداد لكنهم ينشرون الأعمال من خلال تقييمها فنياً.

حدثينا عن أول إصداراتك للأطفال؟
أول إصدار لي، كان قصة للأطفال بعنوان "لعبتي" في العام 1975 وكانت تتناول ألعاب الأطفال باستخدام التكنولوجيا الحديثة وقتها، ابتداءً من البطارية، حيث أن الألعاب في هذا التوقيت بدأت تتحرك وتغني للأطفال، فكانت قصة "لعبتي" تحث على تطوير هذه الألعاب وكيفية تفاعل الطفل معها وكيف تؤثر في حياة الطفل الذي يلهو بها.

ماذا عن الإصدرات الأخرى ؟
بعد "لعبتي" قدمت قصة "سارق العسل" وكانت تتحدث عن أولادنا عندما يذهبون إلى الجيش، وكان الهدف منها تنمية الشعور بالولاء والانتماء للوطن لدى الأطفال من خلال تأدية الخدمة العسكرية، وتحدثت في نفس القصة عن الأمية ومشاكلها ومخاطرها وأهمية محو الأمية، من خلال قصة عن أم كانت أمية ولا تستطيع قراءة الرسائل البريدية التي يرسلها لها ابنها، وكان هدفي هو محو أمية المرأة في اليمن ونشرت قصة "سارق العسل" في مجلة بالاتحاد السوفيتي السابق وترجمت إلى 14 لغة في الثمانينات، وكنت سعيدة بحصولها على الجائزة الذهبية، ثم جاءت قصة "حكاية ورقة" والتي عمل معي فيها فنان سوري عن طريق المراسة، وهو فنان مبدع ورائع في رسومات الأطفال، الغريب في الأمر أنني لم أشاهده إلى الآن، وكان هناك عدد من القصص نشرت في المجلات اليمنية وبعض منها في مجلة سيدتي.

ما الفارق بين الاهتمام بكتب الأطفال بين الوطن العربي والعالم؟
الكتاب والطفل لهما حكاية ليس مع ماما نجيبة فقط، بل مع كل كاتب وأديب عربي يعيش الظروف القاسية والقاهرة للكتاب في الوطن العربي، لست متشائمة ولكني أقول بأن الكتاب لم يأخذ حقه في المجتمعات العربية، أما المجتمعات الغربية فهي تهتم بالكتاب وتدعمه بإدراكهم تأثير الكتاب الكبير في حياة الشعوب وتاريخ الأمم.

ما هي المتطلبات التي يحتاجها أدب الأطفال في العالم العربي؟
يجب علينا في العالم العربي أن نقوم بتطوير كتب الأطفال لتتناسب مع احتياجات الأطفال الفكرية والخيالية في هذا العصر، كما يجب أن نقوم بالاعتماد على االتكنولوجيا والتقنية الحديثة والاعتماد على أفكار جديدة وغير تقليدية لجذب الطفل للكتاب، من خلال الاهتمام بغلاف الكتاب ومضمونه، بالإضافة إلى الاهتمام بتسويق كتب الأطفال، كما أناشد الحكومات العربية بتقديم الدعم الكامل للمطبوعات الموجهة للطفل.

كيف يختلف عالم الطفل الآن عن الماضي في رأيك؟
عالم الطفل أصبح عالماً مفتوحاً ابتداء من السموات المفتوحة ووسائل الحاسوب ومناخات إلكترونية متسعة حالياً، أما في الماضي، فلم تكن كل هذه الوسائل موجودة أو متاحة للطفل.

لماذا تكون الكتابة للأطفال أصعب من الكتابة للكبار؟
الكتابة للكبار تكون أسهل لأنك تكتب لشخص ناضج يمتلك خلفية ثقافية وتجربة حياتية، أما الكتابة للطفل تكون أصعب لأنه يكون كالصفحة البيضاء ناصعة البياض ويكون لما يقرأه في الطفولة العامل الأكبر على تشكيل فكره وثقافته وطموحاته في المستقبل، كما أن لغة التواصل مع الطفل تكون صعبة جداً لأنها لابد أن تكون شيقة، وهذا يتطلب أن يقوم الكاتب بكتابة العمل مرات عدة للوصول للصيغة النهائية التي تصلح مع الطفل، وهذا يحتاج إلى شهور، وبعد الانتهاء من العمل يجب جمع مجموعة من الأطفال وقراءة العمل لهم والتعرف على ردود أفعالهم وما وصلهم من الأهداف التي كنت تسعى لتوصيلها لهم أثناء الكتابة، ودائماً ما كنت أجمع الأطفال في بيتي واقرأ عليهم قصتي الجديدة واستمع إلى ملاحظاتهم، وأقدم لهم بعض الهدايا البسيطة من الحلوى والعصائر.

هل هناك علاقة بين التنشئة الخاطئة للأطفال واعتناق الأفكار المتطرفة فيما بعد؟
بالطبع، فهذا تقصير أولاً من الأسرة فالأب والأم لم يقوما بدورهما تجاه توعية الأطفال وتربيتهم على الوسطية الفكرية والدينية من خلال الصلاة والقرآن الكريم، كما أن للمجتمع دوره الذي يجب عليه أن يقوم به من خلال توفير البيئة الثقافية لهؤلاء الأطفال حتى لا نجدهم فيما بعد يعتنقون أفكاراً متطرفة تسعى لهدم المجتمع، كما أن على الدولة دور كبير من خلال دعم الكتاب وتسويقه وتقديم برامج تستهدف الأطفال لتحقيق الشعور بالانتماء والايجابية لدى الأطفال واندماجهم داخل المجتمع وعدم تركهم فريسة سهلة لاستقطاب الجماعات المتطرفة، فالتربية والتنشئة السليمة للأطفال لن تجعلهم ينضموا إلى داعش أو أي من الجماعات التي تقاتل الأمم وتدمر الشعوب، فهؤلاء يتميزون بالضعف لأنهم يصبحون فريسة لاستقطاب الجماعات المتطرفة.

كيف ترين الوضع في اليمن حالياً ؟
أنا أتحدث عن الشرعية وعلى الجميع أن يكون مع الشرعية في اليمن، لكن علينا ألا نغفل أن كل من في اليمن هم أولادنا، وربما هناك مجموعة انحرفت عن المسيرة، أيضاً علينا أن نسأل أسئلة بديهية من المسؤول عن انحرافهم؟، ومن أين لهم هذه الأسلحة؟، يجب أن نفكر أن القضية لم تحدث بين يوم وليلة، فهناك استراتيجية ضد اليمن، استرتيجية لها مخطط ولها بعد ولها آلية تنفيذ ليست وليدة اليوم، الحقيقة أن هذا مخطط رهيب وجميعنا يستفسر من لديه القدرة ليفعل باليمن مايحدث الآن، نحن نسمع أن إيران هي التي تدعم، ونسمع أن حسن نصر الله يدعم ونسمع عن ميليشيات وحوثيين، ونحن كأناس وطنيين نحب وطننا كأي إنسان في أي دولة، فالوطن لايوجد أغلى منه فهو كحضن الأم الدافئ، هل يستطيع الإنسان أن يستبدل حضن أمه؟، وأدعو الله أن يهدي هذه المجموعات الخارجة عن المسيرة، فنحن لا نريد أن يقتتل الأخ وأخوه والابن وأبوه، وأقول لهم جميعاً أن اليمن لايستحق منا كل هذا، اليمن الذي ذكر في القرآن الكريم وحكمته بلقيس، وكان له في عهد الملك سليمان تاريخ، كتبت عنه الكتب التاريخية ومازال محفوظاً في القرآن الكريم،كيف لليمن أن تصل لهذه الظروف؟، وكيف نشاهد اليمن في هذه الأزمة وهذه المعاناة، ولكننا ندعو جميعاً أن يعود اليمن سعيداً كما كان بالماضي.

وماذا عن وضع الأطفال في اليمن الآن؟
وضع الأطفال الحالي في اليمن مؤلم جداً جداً، لأنه في فوهة البندقية تأتي الطفولة، لأن الطفولة ضعيفة ولا تستطيع أن تقوم بأي شيء بحكم ضعفها، في مقدمة الحروب دائماً الأم والطفل، فتأتي عليهم القذائف والصواريخ تحصدهم بدون ذنب أو سبب، لن تستطيع أن تتخيل الوضع فمن يشاهد الوضع على شاشات التليفزيون غير الذي يعيشه واقعاً مريراً سواء في اليمن أو سوريا أو بالعراق، أو بالحبيبة الغالية فلسطين التي مازالت تدمي وتدمي معها قوبنا جميعا، أو ليبيا، أو أي دولة عربية أو إسلامية تعاني من الصراعات والحروب.

هل هناك تجارب جديدة لك في الكتابة للطفل؟
هناك الكثير من النصوص التي كتبتها مؤخراً، لكن للأسف يغلب عليها الطابع السياسي والحزن، فكلما قرأتها أبكي وأنا لا أستطيع أن أكون سبباً في دموع طفل فأكثر شئ يؤلمني في هذا العالم أن أرى دموع طفل، فأي دمعة للطفل تقتلني وتحرقني، لأني أحببت الطفولة حتى أنها تجري في شرايين دمي وضحيت بدون مقابل من أجل أطفال بلدي الذين يحبون ماما نجيبة ويمنحوني ابتسامة رضا.