رسالة مرسي إلى صديقه العظيم بيريز (أرشيف)
رسالة مرسي إلى صديقه العظيم بيريز (أرشيف)
الأحد 4 سبتمبر 2016 / 17:58

درس جديد في النفاق السياسي وتحريف التاريخ من "اتحاد علماء القرضاوي"

يستمر اتحاد علماء القرضاوي في هجومه الشرس على مصر وسياساتها الداخلية والخارجية، وجاء أحدث قصف من نائب القرضاوي وذراعه الأيمن، علي قره داغي، الذي غرد بعنوان لتقرير لقناة الجزيرة، التي حرفت على طريقتها تصريحات يبدو أن السفير الإسرائيلي ديفيد غوفرين أدلى بها لوسائل إعلام إسرائيلية، وقال فيها إنه بين مصر وإسرائيل "تجمعنا مواجهة الإسلاميين".

ولم ينس قره داغي، بالمناسبة أن يُضيف "مصر في عهد مرسي، كانت شوكة في حلقهم، لكنها أصبحت في عهد السيسي حليفاً وشريكاً".

ولأن الأمر كما هو دائماً عند الإسلاميين وتحديداً فصائل الإخوان، مسألة تلاعب وتحايل ولي عنق الحقائق، فإن تقرير الجزيرة الذي لم يأت ولو في مرة واحدة، على ذكر تأييد مصر "الرسمية" لأقوال السفير الإسرائيلي وتصريحاته لصحف ووسائل إعلام إسرائيلية، إضافة إلى أن ما نقله التقرير نفسه بالحرف، وبعيداً عن العنوان والذي يكشف ما وراء أخبار قناة الجزيرة، عندما قال صاحب التقرير"أشاد السفير الإسرائيلي الجديد لدى مصر ديفد غوفرين بدفء العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، مؤكداً أن الجماعات الإسلامية تمثل تهديداً مشتركاً للبلدين".

ولكن قره داغي الذي قفز على التقرير نسي أن محمد مرسي الذي رفعه إلى مرتبة الشوكة في حلق إسرائيل، التي ترتبط بمعاهدة سلام مع مصر، هو نفس "البطل" الذي أرسل إلى الرئيس الإسرائيلي السابق، شيمون بيريز، عند تعيين سفير مصري جديد في إسرائيل في أكتوبر(تشرين الأول)2012، بعد أربعة أشهر فقط من وصوله إلى الرئاسة في يونيو(حزيران)2012، حتى لكأنه كان يستعجل تعيين سفيره لدى بيريز الذي خاطبه بشكل رسمي دخل به "التاريخ" فقال "صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل، عزيزي وصديقي العظيم".

رغم قصر الذاكرة الذي يُميز الإخوان المسلمين وتعاطيهم من منظورهم الخاص مع الأحداث، إلا أن خطاب اعتماد السفير المصري في إسرائيل، عاطف سالم من قبل محمد مرسي، يُعد من تحف المراسلات الإخوانية مع الأعداء، ويُذكر في مقاطع كثيرة بمراسلات قيادات الإخوان من سيد البنا إلى حسن الهضيبي، إلى عمر تلمساني خاصة وغيرهم مع القصر والإنجليز قديماً ثم عبد الناصر ومن بعده السادات ومبارك، وخطاباتهم الحربائية المتلونة المهادنة، خاصة بعد الضجة التي أثارها انتشار خبر الخطاب وتفاصيله في مصر والمنطقة، وبعد الأعذار الواهية التي ساقها الإخوان، للتخفيف من ألم الفضيحة، بتأكيد أن المراسلات مع رؤساء الدول نموذج موحّد، لا يتغير.

وبدفعهم بهذه الحجة، تورط الإخوان أكثر يومها في استبلاه الرأي العام، تماماً مثل استبلاه قره داغي، الرأي العام "بشوكة زعيمه الوهمية" التي لا تصمد كثيراً حتماً أمام نص الرسالة وصورتها.

وفي خطابه قال محمد مرسي حرفياً"

محمد مرسي رئيس الجمهورية، 
صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل، 
عزيزي وصديقي العظيم 

لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السيد السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيراً فوق العادة، ومفوضاً من قبلي لدي فخامتكم، وإن ما خبرته من إخلاصه وهمته، وما رأيته من مقدرته في المناصب العليا التي تقلدها، مما يجعل لي وطيد الرجاء في أن يكون النجاح نصيبه في تأدية المهمة التي عهدت إليه فيها.

ولاعتمادي على غيرته، وعلى ما سيبذل من صادق الجهد، ليكون أهلاً لعطف فخامتكم وحسن تقديرها، أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحيطوه بتأييدكم، وتولوه رعايتكم، وتلقوا منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، لاسيما أن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد.
صديقكم الوفي،
محمد مرسي".


انتهت الرسالة.

ولم ينس محمد مرسي كما يبدو في صورة النص الأصلي لخطابه، أن يُرفق رسالته بتأكيد وفائه لإسرائيل ورئيسها، وتمنياته لها بالرغد.

إن تغريدة قره داغي، وغيره من رموز الإخوان المسلمين، نموذج مثالي للثابت الوحيد في الخطاب الإخواني، اللعب بالمشاعر والتلاعب بالأحداث والوقائع، وحياكة الباطل بخيط الحق، ودق عنق التاريخ إذا اقتضى الأمر، والتحايل عليه ما أمكن وكلما أمكن ذلك، ما يرتقي بالنفاق السياسي إلى مستويات غير مسبوقة، كما يكشفه خطاب مرسي قبل سنوات وتؤكده تغريدة قره داغي اليوم.