الإثنين 26 سبتمبر 2016 / 15:21

النفاق الإعلامي... تكتيك جديد في الحرب السورية

انتقد باتريك كوكبيرن، كاتب بارز في صحيفة إندبندنت البريطانية، ومتخصص في التحليلات حول العراق وسوريا والحروب في الشرق الأوسط، سلبية المجتمع الدولي تجاه الحملة العسكرية التي تشن على مدينة حلب السورية، وتناسيه السريع لجريمة قصف قافلة شاحنات كانت تحمل أغذية وأدوية لسكان محاصرين يقيمون في شرق المدينة.

لروس، كما يرى الكاتب، أخطأوا أيضاً عندما قدموا، في نفس الوقت، عدة روايات مختلفة لتبرئة أنفسهم، مدعين بأنه لم تكن في المنطقة أية طائرات روسية أو سورية

ويقول الكاتب إنه لطالما تم تبرير أو نفي استهداف مقاتلات عسكرية لأهداف خاطئة، من قبل منفذي تلك الجرائم عبر مزيج من النفاق والأكاذيب.

كذب متعمد
ويقول الكاتب إنه كان من اللافت اتباع هذا النهج من الكذب المتعمد في سوريا، في معظم الأوقات. فقد سعت الولايات المتحدة، قبل أسبوع لتوضيح كيف قتلت ما لا يقل عن 62 جندياً سورياً يحاربون داعش في منطقة تحاصرها قوات حكومية في مدينة دير الزور، كما تنصل الروس من مسؤوليتهم عن غارة جوية أصابت قافلة لنقل مساعدات إنسانية، وقتلت 20 شخصاً بالقرب من حلب، قبل خمسة أيام.

ابتكار
ويشير كوكبيرن إلى ابتكار مسؤولي الجيش الأمريكي لأسلوب جديد لتفسير ما جرى. فقد قال أحد هؤلاء على شاشة سي إن إن إنهم تصوروا بأن الذين أصيبوا في الهجوم كانوا أسرى لدى النظام، وربما مقاتلين معتقلين، بالرغم من عدم تأكده من تلك المعلومات.

مؤشرات أولية
وقال ذلك المسؤول: "أوحت صور أولية بأن الأشخاص كانوا يرتدون ملابس مدنية. وربما لم يكونوا يحملون أسلحة من نوعية ما تحملة وحدات الجيش السوري، ولكن كانت هناك شاحنات محملة بأسلحة. كما ليس من المعروف بعد ما إذا كانت تلك الشاحنات قد اصطفت هناك بقصد خداع قوات التحالف".

تشويش
باعتقاد الكاتب، أن تلك الردود تأتي في إطار التشويش على فرضيات أو أدلة، وهدفها طرح شكوك بأن طرفاً ما أمر بشن هجوم على موقع للجيش السوري بالقرب من مطار دير الزور. وليس القصد من ذلك سوى تجنب انتقادات توجه عادة خلال الأيام الأولى لأية حادثة، وتتصدر حينها عناوين الأخبار. ومن ثم، وبعد بضعة أسابيع أو أشهر، قد يعترف الطرف المخطئ بالحقيقة، أو بقسم منها.

فن الدعاية

من جانب آخر، تجدر دراسة التفسير الروسي للهجوم على قافلة الإغاثة الدولية، والذي تم في 19 سبتمبر( أيلول) بوصفه مثالاً على فن الدعاية. فقد نقلت وكالة تاس الروسية الرسمية عن مسؤول رفيع المستوى قوله: "أظهرت تحليلات لتسجيلات فيديو صورتها طائرات غير مأهولة، تفاصيل جديدة تشير إلى أن قافلة المساعدات الإنسانية التي كانت تتحرك داخل مناطق تسيطر عليها ميليشيات، كانت تتحرك برفقة شاحنة تابعة لإرهابيين محملة بمدفع هاون".

روايات عديدة
لكن الروس، كما يرى الكاتب، أخطأوا أيضاً عندما قدموا، في نفس الوقت، عدة روايات مختلفة لتبرئة أنفسهم، مدعين بأنه لم تكن في المنطقة أية طائرات روسية أو سورية، مما يدحض صحة ما قيل بأن طائرات غير مأهولة صورت القافلة.

كما ورد في تبريرات روسية أخرى بأنه لم يجر أي هجوم جوي على الإطلاق، وأن من قصفوا قافلة الإغاثة هم إرهابيون، وأن كل ما جرى تم توجيهه من البر لا من الجو.

فراغ إعلامي
ويقول كوكبيرن إن النقطة الرئيسية والمهمة، يجب أن تركز على عدم إيجاد فراغ إعلامي عندما تتصدر حادثة ما عناوين النشرات الإخبارية، لأن ذلك الفراغ لا بد أن يملأه الخصوم.

وتشير وقائع إلى إخفاق هجمات جوية في إصابة أهدافها الدقيقة بانتظام، ولكن غالباً لا ينتج عن تلك الأخطاء كوارث ديبلوماسية، كالتي شهدناها في الأسبوع الأخير في حلب. فالقوات الجوية تركز اليوم على قدرة قنابل ذكية على إصابة أهدافها بدقة أكبر، من ذي قبل، ولكنهم نادراً ما يوكدون أن إحداثياتهم تستند لمعلومات استخباراتية ربما تكون خاطئة، أو يساء تقديرها. ويتم عادة سوء التقدير في مكان بعيد داخل مركز عمليات، أو بناء على معلومات طرف محلي يستقي معلوماته من خلال مناظير مكبرة.

معلومات
ويشير عسكريون أمريكيون إلى حصولهم على معظم المعلومات الاستخباراتية من قبل قوات برية موالية. وتقول مصادر في القوات الجوية البريطانية إنهم شنوا فقط 56 غارة جوية فوق سوريا خلال الأشهر الستة الأخيرة، بالمقارنة مع 550 غارة شنت في العراق، وذلك لأنهم يفتقرون إلى شركاء على الأرض في سوريا، فيما يدعمهم في العراق الجيش العراقي والبشمركة الكردية.