الأربعاء 28 سبتمبر 2016 / 15:50

حلب تحترق... أمريكا حائرة وروسيا فائزة

وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في افتتاحيتها القصف العنيف الذي تشهده مدينة حلب السورية بأنه "همجي"، مشيرة إلى أن حلب تحترق والولايات المتحدة لا تزال مترددة ومتمسكة بالحلول الدبلوماسية، كما أنها لن تفعل شيئاً على الإطلاق لوقف هذا الهجوم الوحشي باستثناء طرح المزيد من المناشدات العقيمة والمخزية لموسكو.

للأسف بات واضحاً تماماً لكل من بوتين وبشار الأسد أن الدبلوماسية هي التصرف الوحيد الذي يوافق عليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومن ثم فإنهما لا يشعران بأنهما تحت أي ضغط من شأنه أن يجبرهما على تغيير سلوكهما

وترى واشنطن بوست أن مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سامنتا باور، كانت محقة تماماً في قولها مؤخراً إن "ما تقوم به روسيا الآن في مدينة حلب السورية يتصف بالهمجية". فعلى مدار عدة أيام، أمطرت الطائرات الروسية والسورية المنطقة التي تسيطر عليها قوات المعارضة في حلب بوابل من القنابل التي تتضمن قنابل الفوسفور الأبيض والذخائر العنقودية، مما أدى إلى مقتل المئات من المدنيين نصفهم من الأطفال، كما حذر مبعوث الأمم المتحدة في سوريا ستيفان دي ميستورا من أن الأوضاع تنذر "بآفاق جديدة من الرعب".

جرائم حرب بشعة

وتنقل الصحيفة الأمريكية عن باور قولها إنه "بدلاً من المساعدة على توصيل المساعدات من أجل إنقاذ حياة المدنيين، فإن روسيا وقوات النظام السوري تعمدان إلى قصف قوافل الإغاثة الإنسانية والمستشفيات والأشخاص الذين يحاولون باستماتة الحفاظ على بقاء الناس على قيد الحياة".

وتلفت واشنطن بوست إلى أن جرائم الحرب البشعة التي تشهدها سوريا (من أجل إستعادة السيطرة على حلب الشرقية بحسب تصريحات مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة) دمرت محاولة إدارة أوباما للفوز بالتزام روسيا والنظام السوري باتفاق وقف الأعمال العدائية. وبطبيعة الحال، يسأل الصحفيون كبار المسؤولين الأمريكيين عن رد فعل الولايات المتحدة إزاء ذلك، وتستنكر الصحيفة الموقف الحائر والمتردد للولايات المتحدة الذي تعكسه استجابات هؤلاء المسؤولين في عبارات مثل: "لا أعتقد أن الوقت مناسب الآن لنتحدث عن خطوتنا التالية" أو "نحن ننتظر رد الجانب الروسي".

مناشدات عقيمة
وترى الصحيفة أن استجابة إدارة أوباما بدت واضحة بحلول يوم الإثنين الماضي؛ إذ إنها أدانت بشدة الهجوم على حلب، ولكنها لن تفعل شيئاً على الإطلاق لوقف هذا الهجوم، والأدهى من ذلك، أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، كان مصراً على أنه سيواصل طرح العروض الدبلوماسية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أملاً في أن يتم اختيار وقف هذا القصف.

وسخرت الصحيفة من تصريحات كيري عقب اجتماع بشأن سوريا يوم الخميس الماضي والتي كان مفادها أن "الولايات المتحدة سوف تبذل قصارى جهدها في محاولة لتخفيف معاناة الشعب السوري"، مشيرة إلى أن تلك الجهود التي تحدث عنها كيري لا تعني بالطبع اتخاذ خطوات فعلية لحماية المدنيين، وإنما مجرد المزيد من المناشدات "العقيمة" و"المخزية" لموسكو، على حد وصف الصحيفة.

روسيا هي الفائزة
وتقول واشنطن بوست: "للأسف بات واضحاً تماماً لكل من بوتين وبشار الأسد أن الدبلوماسية هي التصرف الوحيد الذي يوافق عليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومن ثم فإنهما لا يشعران بأنهما تحت أي ضغط من شأنه أن يجبرهما على تغيير سلوكهما. ومن خلال كيري، حقق بوتين الفوز بالحصول على موافقة الولايات المتحدة على مبدأ بقاء نظام بشار الأسد في السلطة بينما تتشارك الولايات المتحدة مع روسيا في محاربة قوات المعارضة التي يتم اعتبارها إرهابية. وقد استغل النظام السوري التفجير الذي وقع بالخطأ ضد الجنود السوريين في شرق سوريا، وعمد إلى شن هجوم على حلب، وانضمت إليه روسيا. وإذا فاز الأسد في هذه المعركة، فإن دمشق ستحرز الانتصار في الحرب الأهلية، وبالطبع لن تكون هناك حاجة إلى المفاوضات التي يدعى كيري أن وقف إطلاق النار سوف يقود إليها. وفي الوقت نفسه، إذا فشل الهجوم فإن بوتين على الأرجح سوف يرسل وزير الخارجية سيرغي لافروف لتجديد الاتفاق مع كيري، ومن ثم فإن روسيا في كلتا الحالتين هي الفائزة".

الشعب السوري يدفع الثمن
وتخلص واشنطن بوست إلى أن الخاسر الحقيقي في هذه الصفقة هو الشعب السوري، وتحديداً المدنيون المحاصرون في حلب الشرقية (تتراوح أعدادهم ما بين 250 و 270 ألف نسمة) المحرومون من إمدادات الغذاء والدواء ويتعرضون للقصف بلا رحمة. ويواجه هؤلاء المدنيين الخيار نفسه الذي فرضه النظام السوري بنجاح في المدن الأخرى في جميع أنحاء البلاد وهو "الاستسلام أو التجويع".

وتختتم الصحيفة: "إن من يحاولون الاقتراب من ممرات إخلاء المحاصرين في حلب (التي تدعي روسيا إقامتها) يتم إطلاق النار عليهم. إنهم بالفعل ضحايا الهمجية، ولن يساعدهم الخطاب الدبلوماسي للولايات المتحدة واستمرارها في تقديم الالتماسات إلى الرئيس بوتين".