فيدل كاسترو (أرشيف)
فيدل كاسترو (أرشيف)
السبت 26 نوفمبر 2016 / 13:08

فيدل كاسترو... الثائر الذي حاولت أمريكا اغتياله 638 مرة

توفي فيدل كاسترو أب الثورة الكوبية الذي حكم بلاده بيد من حديد وتحدى القوة الأمريكية العظمى لأكثر من نصف قرن قبل أن يسلم السلطة لشقيقه راؤول، مساء الجمعة في هافانا عن 90 عاماً.

وأعلن راؤول كاسترو في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني: "توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية في الساعة 22:29 هذا المساء".
ولم يوضح راؤول كاسترو أسباب الوفاة، لكنه ذكر أن الجثة ستحرق، وقال: "بناء على رغبة عبر عنها الرفيق فيدل، سيتم حرق جثمانه في الساعات الأولى من يوم السبت".

وأضاف: "أن تنظيم الموكب الجنائزي سيتم توضيحه لاحقاً"، قبل أن يختم إعلانه مطلقاً هتاف الثورة "هاستا لا فيكتوريا سيمبري" (حتى النصر دائماً).



ابتعاد عن الأضواء
وكان الزعيم الكوبي سلم السلطة في 2006 لشقيقه راؤول، المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه عام 1965، بعد إصابته بالمرض.

وفي أبريل (نيسان) 2011، تخلى له عن آخر مسؤولياته الرسمية بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي.

وغاب فيدل تماماً عن الأضواء بين فبراير (شباط) 2014، أبريل (نيسان) 2015، ما غذى حينها شائعات حول حالته الصحية.



لكن منذ عام ونصف ورغم محدودية تنقلاته، عاد لنشر "أفكاره" وإلى استقبال شخصيات وأعيان أجانب في منزله.

وفاجأ فيدل كاسترو الجميع بعدم استقباله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، رغم الصداقة الكبيرة التي ربطته في الماضي بوالده بيار إليوت ترودو، وذلك رغم أنه كان استقبل عشية وصول رئيس الوزراء الكندي الرئيس الفيتنامي تران داي كوانغ.

وتأتي وفاة فيدل كاسترو بعد نحو عامين من الإعلان التاريخي عن التقارب بين كوبا والولايات المتحدة، ليطوي نهائياً صفحة الحرب الباردة التي أوصلت العالم إلى حافة النزاع النووي أثناء أزمة الصواريخ في أكتوبر (تشرين الأول) 1962.

ومع وفاة فيدل يجد راؤول نفسه للمرة الأولى وحيداً في القيادة، وهو الذي كان أكد عند تعيينه أنه سيستشير "القائد الأعلى" في كافة القرارات المهمة.


وبدا راؤول (بلغ 85 عاماً) منذ 10 سنوات عملية بطيئة لنزع بصمة فيدل على النظام، ترجمت في أبريل (نيسان) باعتماد مؤتمر تاريخي للحزب الشيوعي الكوبي مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الهادفة لإنقاذ كوبا من الاإفلاس.

كما رتب في الخفاء تقارباً تاريخياً مع الولايات المتحدة، أعلن في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، ليكشف بذلك عن نزعة برغماتية تناقض مناهضة شقيقه فيدل العميقة للولايات المتحدة.

الكفاح ضد الإمبريالية
وعرف فيدل كاسترو بمواقفه الصاخبة وخطبه المطولة، وأيضاً بزيه العسكري الأخضر الزيتوني وسيجاره ولحيته الأسطورية، وكان رمزاً للكفاح ضد "الإمبريالية الأمريكية" مع حصيلة رديئة في مجال الحقوق المدنية والحريات.

وفيدل كاسترو نجل أحد كبار ملاكي الأراضي من ذوي الأصول الإسبانية، وفاجأ حتى أنصاره بتقربه من موسكو بعيد توليه الحكم في يناير (كانون الثاني) 1959.



وتحدى فيدل كاسترو 11 رئيساً أمريكياً، ونجا من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقما قياسياً من 638 محاولة بحسب موسوعة غينيس، إضافة إلى محاولة فاشلة لانزال منفيين كوبيين مدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) في خليج الخنازير (جنوب كوبا) في أبريل (نيسان) 1961.

وفرض جون كينيدي بعيد ذلك في فبراير (شباط) 1962، حظراً تجارياً ومالياً على كوبا، لا يزال ساري المفعول حتى الآن، ويؤثر بشدة على اقتصاد كوبا رغم سلسلة من إجراءات التخفيف التي اعتمدتها إدارة الرئيس باراك أوباما.

التهديد الذري
في أكتوبر (تشرين الأول) 1962، وقعت أزمة الصواريخ التي تسبب فيها نصب صواريخ نووية سوفياتية في كوبا، ما ولد مزايدات وضعت العالم على حافة التهديد الذري.

وقررت واشنطن فرض حصار بحري على كوبا، وانتهى الأمر بسحب موسكو صواريخها مقابل وعد أمريكي بعدم غزو كوبا.



وأراد فيدل كاسترو رفيق سلاح القائد الثوري الأرجنتيني أرنستو تشي غيفارا، أن يكون بطل تصدير الثورة الماركسية في أمريكا اللاتينية، وكذلك في أفريقيا وخصوصاً في أنغولا التي انخرطت فيها قوات كوبية لمدة 15 عاماً.

وأثارت تلك الثورة حينها نوعاً من الإعجاب، وافتخر النظام الكوبي بأنه قضى على الأمية وأقام نظاماً صحياً ناجعاً وفي متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11,1 مليوناً، وهو إنجاز نادر في بلد فقير في أمريكا اللاتينية.

زمن السلم
لكن انهيار الاتحاد السوفياتي، أهم ممول لكوبا، في 1991 سدد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي، وواجه السكان نقصاً كبيراً في التزويد، وأعلن فيدل كاسترو عندها "فترة خاصة في زمن السلم" وتكهن الكثيرون بنهاية نظامه.

غير أن فيدل بطل الانبعاث السياسي، وجد مصدراً جديداً للدخل مع السياحة، وخصوصاً مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي قدمه فيدل كاسترو باعتباره "ابنه الروحي".



وأبقى فيدل كاسترو باستمرار حياته الخاصة بمنأى عن الأضواء، وشاركته حياته مرافقته داليا سوتو ديل فالي منذ ستينات القرن الماضي وأنجبا 5 أطفال، ويتوقع أن تحضر جنازة رفيقها فيدل كاسترو الذي لديه 3 أطفال آخرين على الأقل، بينهم بنت تعيش في ميامي، من 3 نساء أخريات.