وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور فرقاش.(أرشيف)
وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور فرقاش.(أرشيف)
الأحد 11 يونيو 2017 / 11:54

قرقاش لـ"نيوزويك": مستعدّون لمزيد من العقوبات ضد قطر

أجرت الصحافية في مجلة "نيوزويك – ميدل إيست" الأمريكيّة ليلى حاطوم مقابلة مع وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجيّة الدكتور أنور قرقاش الذي استعرض آخر التطورات المرتبطة بالأزمة التي تسببت بها قطر، مؤكداً أن الدوحة قد تجد نفسها معرضة لتهديدات إقليمية وعالمية وفي حالة حرمان من الحماية الخليجية، لو قررت الاستمرار بالسياسات الحالية، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة قد سئمت هي الأخرى من السلوك القطري.

لا أعتقد أننا بحاجة لنصيحة من إيران. هذا هو الجزء الأول. أعتقد أن إيران ستحاول استغلال الوضع وكما قلت ليس من مصلحة قطر أن تصعّد بهذا الاتجاه

وحذر قرقاش الدوحة من دعمها المستمر للمجموعات الإرهابية والمتطرفة، لأنّ ذلك لن يؤدي إلا لمزيد من الإضرار بسمعتها. ولفت إلى أن امتناع قطر عن أن تكون في شراكة وتناغم مع مجلس التعاون، سيؤدي بها إلى أن تكون معزولة في الخليج ومجرد جزيرة تتدبر سياستها الخاصة. وأضاف أن جميع الدول التي تحرّكت ضد قطر قالت إنها أُجبِرت على اتخاذ هذه الإجراءات كآخر وسيلة لدفعها إلى تغيير سلوكها. حتى الولايات المتحدة التي تستخدم قاعدة عسكرية في قطر اتخذت موقفاً واضحاً من خلال رئيسها دونالد ترامب الذي عبّر على تويتر عن رأيه في كون جميع الأدلة تشير إلى أنّ قطر تمول الإرهاب والتطرف.

ترامب قد يفعلها
ووصف قرقاش تغريدات ترامب بأنها "صريحة جداً واستثنائيّة". فيما يراها البعض تأكيداَ على أن الرئيس الأمريكي الذي وعد مراراً بتقليص قوات بلاده في الخارج يمكن أن يسحب جنوده من قطر تاركاً إياها بدون حماية مناسبة. فهو انسحب من اتفاقية دولية حين ظنّ الجميع أنه لن يفعل ذلك. من جهة أخرى، هنالك اعتقاد بأن هذه الإجراءات قد تدفع قطر أكثر باتجاه إيران التي وعدت بإمدادها بالمواد الغذائية. لكنّ قرقاش يرى هذه العقوبات "ضرورية" على الرغم من وجود مخاوف من استغلال طهران للوضع كي تصل إلى مزيد من المكاسب. غير أنّ الدول الخليجية لن تتقبل التعامل مع الدوحة وازدواجيتها ودعمها للإرهاب فقط لأنها قلقة من ظروف أخرى، كما أكد الوزير نفسه.

لسنا بحاجة لنصائحها!
وفي هذا السياق، انتقد العديد من المسؤولين الإيرانيين العقوبات الخليجية على قطر عبر موقع تويتر. لكنّ قرقاش كان حاسماً في المقابلة: "لا أعتقد أننا بحاجة لنصيحة من إيران. هذا هو الجزء الأول. أعتقد أن إيران ستحاول استغلال الوضع، وكما قلت ليس من مصلحة قطر أن تصعّد بهذا الاتجاه". فبالنسبة إليه، "تراقب إيران المسرح لرؤية ما إذا كانت ستكسب أفضلية استراتيجية في ما يحدث". ويشدّد قرقاش أنه حين يرتبط الأمر بقطر، فإنّ الأخيرة تبقى شريكة ويبقى مجلس التعاون الخليجي موطنها الطبيعي.

لا تنمّر
"قطر، مثل جميع دول مجلس التعاون الخليجي، لديها مصالح مع إيران، ولا بأس بهذا"، لكن حين يمرّ الوضع "في مرحلة استقطاب، فأنت بحاجة لإرسال رسائل تضامن، لا رسائل تفرقة، وأعتقد أنّ هذا مهم". وفي هذا الإطار، "لم يكن منصفاً" اتهام الإمارات العربية المتحدة وحلفائها ب "التنمر" على قطر في حين أنها لم تفرض عقوبات على إيران، لأن"هناك فرقاَ كبيراً! أعني أنّ قطر عضو في دول مجلس التعاون. وكنتيجة لذلك هي تتبع سياسات لا نقبلها بالكامل". فإيران غريبة عن المجموعة فيما قطر "جلست طويلاً إلى نفس الطاولة" مع دول مجلس التعاون و"ناقشت في مجالات دفاعية وأمنية معنا". وبالرغم من ذلك، حافظت على سياسة مزدوجة في ما يتعلق بالإرهاب والتطرف.

ليس الهدف إيذاء القطريين
وشدّد الوزير على أنّ الهدف من هذه الإجراءات لا يكمن في "إيذاء الشعب القطري" بل إرسال رسالة واضحة حول وجود مسألة شائكة وجب أن تحلّها رؤوس "أكثر حكمة". وساءت العلاقات القطرية مع الدول الخليجية الثلاث بعدما فشلت الدوحة في تطبيق التعهدات التي وردت في اتفاق عام 2014. وكان من بينها بتقييد ذراع قطر الإعلامية - قناة الجزيرة- وقطع الدعم عن المتطرفين والإرهابيين وشخصيات من الإخوان المسلمين وحماس وحركة الشباب في الصومال وآخرين.

من سيء إلى أسوأ

قرقاش لفت النظر إلى أن هذه الأزمة أتت نتيجة "تراكم" ولم تكن "قراراً مفاجئاً". فالدعم القطري للمتطرفين استغرق وقتاً طويلاً واستنفد صبر المملكة العربية السعودية الذي كان "هائلاً". وأشار إلى أنّه بعد التوصل إلى اتفاق سنة 2014 مع قطر حول التطرف والعلاقة مع الإخوان المسلمين، أصبحت الأمور "أسوأ" بعده. "لقد رأينا مؤشرات بأن قطر تدعم المنظمات المرتبطة بالقاعدة في سوريا، وليبيا ومالي. لذا سأقول أن الوضع بات أسوأ"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن لنا أن نعود إلى ما كانت عليه الأمور". وأضاف الوزير أن الدول الخليجية علقت آمالاً "كبيرة جداً" على الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وقدرته على تغيير المسار. لكن "للأسف لم نرَ مؤشرات حول ذلك خلال السنوات الثلاث والأربع الأخيرة".

لأجل ماذا؟
وأعطى قرقاش لنيوزويك بعض الأدلة التي تملكها دول مجلس التعاون حول تورط مجموعة من الأفراد في نشاطات إرهابية والذين تمّت معاقبتهم من الأمريكيين والأمم المتحدة. هؤلاء الأفراد موجودون في قطر حالياً وينعمون بحرية التنقل ويتلقون تمويلات من هناك. لكن عملياً هنالك لائحة ضخمة لأسماء تنشط إرهابياً من مالي إلى البحرين، بما فيها شخصيات من حماس والزعيم الروحي للإخوان يوسف القرضاوي. وبعدما تحدّث قرقاش عن أنّ سلوك قطر مسيء لصورتها أولاً، وتساءل قائلاً: "قطر تنفق كميات هائلة من الأموال لإيقاد كل هذا ولأجل ماذا؟ فعلاً السؤال هو لأجل ماذا؟"

المروّج الأكبر للإرهاب

وبحسب قرقاش، باتت دول كثيرة تنظر إلى قطر على أنها "المروّج الأكبر للإرهاب والخطابات الإرهابية في العديد من المجالات: المال، اللوجستيات، الإعلام وعلى مستوى هؤلاء المشايخ الراديكاليين. أعني أن جميع هؤلاء المشايخ ذوي الفتاوى الراديكالية هم هناك في قطر". ونفى الوزير اتهامات قطر للدول الخليجية بمحاولة فرض سيطرتها عليها ومصادرة قرارها "الحر". فالعديد من دول المجلس "تمتعت على مدى سنوات بسياسات مستقلة ولم تشكل أي مشكلة".

أولاً اتفاق الرياض.. ثمّ شروط جديدة

وشدّد قرقاش على وجوب تطبيق بنود اتفاق عام 2014 قبل وضع مزيد من المسائل على الطاولة. "لقد كانت هنالك أزمة والآن هنالك أزمة كبرى". وأكد ضرورة التعامل مع جوهر المسألة لا مع الأعراض. أمّا الفرصة الحقيقية لإيجاد حل للأزمة فتكمن في "استدارة كاملة" لقطر وإلزامها بالعمل وفقاً لخطة جديدة مضمونة النجاح لا كما حصل سنة 2014. لكنّه لم يرَ نية حقيقية لدى قطر للإقدام على مثل هذه الاستدارة. وأضاف أنّ دول الخليج تريد إصلاح هذا الوضع ويمكن للوسيط المصلح أن يكون الكويت أو أمريكا. لكن المشكلة هي أنه لبدء المسار، يجب الحصول على تأكيد قطري واضح بتغيير السلوك تجاه دعم التطرف.

ضرورة اعتراف قطر بخطئها
لا يعتقد قرقاش بجدوى نقاش يقوم على قول قطر "اسمحوا لي بدعم الإرهاب بنسبة 50% بدلاً من 70%" أو "اسمحوا لي بدعم جبهة النصرة بنصف الأموال التي كنت معتادة على تقديمها". يتعلّق الأمر كما يقول الوزير بتغيير قطري حقيقي في الوجهة المقبلة كاملة. عندها حين تحصل دول الخليج على تلك المؤشرات، يمكن أن يكون هنالك خطة تنفيذية للمضي بها قدماً كما يؤكد. وأمير الكويت هو "زعيم خبير ذو سنوات متعددة من الخبرة في العلاقات الدولية وويحظى باحترام وتقدير كبير جداً". لكنّ الوزير يشدّد على أن نجاح الوسيط هو نجاح قطر في استيعاب المطلوب منها. فإذا كانت الرسالة القطرية "لم نقم بأي شيء خاطئ"، عندها "لن نصل إلى أي مكان" بحسب قرقاش. فالدوحة بحاجة كي تعترف بالمشكلة أوّلاً.

مستعدون لمزيد من الإجراءات
ومع ذلك، لم يبدُ للوزير أن قطر ذاهبة باتجاه الاعتراف بخطئها. فمسؤولوها ما زالوا في حالة "إنكار". وإلى الآن، يجب أن تكون العقوبات "كافية لجلب العقلانية إلى الحسابات القطرية". لكن مع ذلك، حذّر من أن الدول الخليجية الثلاث وحلفاءها "مستعدة لمزيد من الإجراءات". وكان قرقاش واضحاً حول عدم تسامح الإمارات قطّ مع التطرف أو الإرهاب. "إنه أسود أو أبيض. لا تبرير" لتلك الأفكار والأعمال. وتوجه برسائل تعزية للدول التي كانت ضحية للإرهاب بما فيها المملكة المتحدة ثمّ أكّد أنّ "السبيل الوحيد لمواجهة ذلك هو في اعتراض مسألة خلق التطرف والتشدد داخل الإسلام وفي مكافحة الخطاب المتطرف".