الأربعاء 14 يونيو 2017 / 21:09

قطر.. خطاب مزدوج للداخل والخارج

ليست الأزمة الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي، وليدة هذه الأيام، إنما تعود جذورها إلى أكثر من عشرين عاماً مضت، حيث دأبت قطر طوال هذه المدة على دعم الإرهاب بكل أطيافه، وعبثت بأمن دول كثيرة، ووصلت نيرانها إلى دول الخليج العربي التي أعلنت مقاطعة قطر إضافة إلى جمهورية مصر العربية ودول أخرى، وذلك بعد أن اكتوت بنيران السياسة القطرية، التي تضرب في الخفاء أمن الدول ومقدرات الشعوب ومستقبلها من خلال تنظيمي القاعدة والإخوان المسلمين والتنظيمات الأخرى التي خرجت من جلبابهما، بينما تزعم عبر وسائل الإعلام مد يد الخير والعطاء لتلك الشعوب نفسها، وهكذا فإنها تساهم في خلق مشكلاتهم السياسية سراً، وتلعب علانية دور إطفائي الحرائق، مقدمة نفسها في الوقت نفسه كأيقونة متطورة في مجالات التعليم والصحة، متسابقة للحصول على استضافة الفعاليات العالمية؛ رغبة في تعريف الناس ولفت الانتباه لها كدولة عصرية.

لكن نفد صبر الدول الخليجية الثلاث، ألا وهي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين، فبلغ السيل الزبى، واتسع الخرق على الراقع، لقد تجاهلت قطر كل الاتفاقيات الموقعة بينها وبين الدول لوقف دعمها للإرهاب، منها اتفاقية عام 2014، وحتى القمة الأمريكية مع دول الخليج التي عقدت في الرياض. لكن فات قطر أن للصبر حدوداً، فاستنزفت صبر قادة الدول الثلاث، ومن شدة جهلها وغرورها، لم تلتفت إلى الإشارات الكثيرة التي تدل على أن موقف هذه الدول صار أكثر حزماً، ظنا منها أن زيارة مكوكية تكفي وحبّ الخشوم سيزيل فتيل الأزمة، لكن ساء حكم قطر على الموقف الذي تطور إلى مقاطعة.

وقد لفت انتباهي أن لقطر خطابين في وسائل الإعلام التقليدي والجديد، واحد للداخل يتحدث عن أمرين هامين: الوفرة في المواد الغذائية والاستهلاكية، إضافة إلى إصرار قطر على مواقفها السياسية، وعدم فهمها لأسباب المقاطعة. وأما الخطاب الموجه للخارج فهو الإصرار على الحديث عن الظلم الواقع عليها جراء الحصار(كما تدعي) الذي أثر على سكان قطر الأبرياء، عمدت وسائل الإعلام إلى إظهار رفوف محلات السوبر ماركت الخالية في الدوحة، وإلى افتقارهم للمواد الأساسية! إن قطر بين خطابين متناقضين خطاب الوفرة والاكتفاء والقوة والإصرار على السياسة ذاتها، وخطاب آخر عن النقص والعوز والظلم الواقع عليها من الحصار كما تقول! المشكلة أن خطاب قطر عن الظلم والحصار هزيل متخبط، غير مقنع أبداً، يدل على وجود أكثر من وجهة نظر عند صانع القرار السياسي والإعلامي، فهما طرفان يصنعان هذه السياسة ، يتجاذبان شعرة معاوية، أحدهما يشدّ مصراً على الموقف السياسي الراعي للإرهاب والآخر يرخي بدعوى الظلم الواقع عليها، يمسكان بالشعرة أمام العالم، الذي ينظر بوعي ويفهم، أن صانع القرار السياسي القطري يحاول أن يستغفله . كأن صانع القرار هناك قادر على فصل الخطاب للداخل وللخارج، أو محاولة كسب الرأي العالمي فمن يرفض سياسة قطر الداعمة للإرهاب تستميله بالحديث عن الظلم الواقع على الشعب القطري، الذي يعبثون به وبمستقبله. فمتى تعود قطر إلى رشدها، ومحيطها الخليجي بتنفيذ الاتفاقيات السابقة، التي تتجاهلها مدعية عدم معرفتها بمطالب الدول المقاطعة، من أجل كسب الوقت لتدويل هذه الأزمة.

ليت قطر تدرك حجمها الجغرافي والسياسي، وتكف عن لعب دور أكبر منها، بدعمها للإرهاب. لقد دمرت دولاً وأضاعت مستقبل شعوب كثيرة، دون أن تبدو عابئة بذلك، فعيونها على النقاش الدائر عن سحب تنظيم كأس العالم منها عام 2022!