وحدة من الميليشيات الشيعية تقصف مواقع لداعش في البعاج.(رويترز)
وحدة من الميليشيات الشيعية تقصف مواقع لداعش في البعاج.(رويترز)
الإثنين 19 يونيو 2017 / 13:42

من طهران إلى بيروت.. الميليشيات الشيعية تحاول تثبيت النفوذ الإيراني!

24- زياد الأشقر

كتب مارتن تشولوف من البعاج على الحدود العراقية مع سوريا لصحيفة "غارديان" البريطانية، إن المدينة مهجورة، وطرقاتها مغلقة بسيارات مقلوبة ومحطمة، والأبواب الحديدية لمنازلها المنهوبة مشرعة على الرياح الحارقة. ووسط الأنقاض، هناك علامات لواصلين جدد من القوات التي كانت قبل أسبوع تطارد داعش في أحد أكثر أراضيها أهمية في شمال العراق.

حول البعاج التي كانت ملاذاً آمناً لقادة داعش، إلى نقطة محورية في الجهود الإيرانية لتغيير ديناميكية المنطقة، يتبلور بسرعة، حتى قبل إزالة مئات المفخخات من المنازل

وبكتابات على الجدران ورفع أعلامهم الحربية، لم يهدر هؤلاء الواصلين الجدد كثيراً من الوقت حتى زعموا حقهم في مكان لم يكن يعني لهم إلا القليل في تاريخ العراق الحديث، وتحول اليوم ليكون موقعاً محورياَ.

من الموصل إلى البعاج
وأضاف تشولوف أن البعاج باتت نقطة تأسيس لخطة إيرانية لتأمين طرق برية عبر العراق وسوريا إلى لبنان، تعزيزاً لنفوذ طهران فوق أراضٍ غزاها وكلاؤها. وجاء في شعارات كتبت عند مستديرة المدينة "من الموصل إلى البعاج، شكراً سليماني"، في إشارة إلى الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي ساعد في قيادة وحدات من الحشد الشعبي خلال اجتياحها البعاج نحو الحدود السورية. وقد غرست أعلام مختلف الوحدات الشيعية وكأنها نبات الخشخاش. وفي الطريق إلى المدينة، كان أبو مهدي المهندس، أحد قادة الحشد الشعبي يحيي القوات المنتصرة التي سيطرت في الأسابيع الأخيرة على مساحات جديدة من النفوذ من الموصل وحتى الحدود مع سوريا. وقال المهندس في مقابلة نادرة: "لقد كانت هذه القلعة الأخيرة لداعش. لقد كانت نقطة عبور للإرهابيين من تركيا منذ عامي 2013 و2014. لقد دخلوا إلى البعاج وتلعفر. إنها منطقة استراتيجية لقادتهم".

إلى ما وراء الحدود
وعلى طول الطريق السريع من القيارة إلى جنوب الموصل، اصطفت حفارات وجرافات بعضها سيستخدم في معركة الحشد الشعبي، في الوقت الذي يتراجع مقاتلو داعش نحو سوريا، وسيستخدم بعضها الآخر في تعزيز الخطوط الخلفية، وهي شبكة من الطرق غير المسلوكة كثيراً -التي يجري إصلاحها وتوسيعها- وهي ستشكل طريقاً حيوياً إلى الحدود وما بعدها. وقال أحد عناصر الحشد الشعبي البارزين: "لن نترك البعاج...ستكون هذه قاعدتنا الأساسية في المنطقة".

وفي مكان ليس بعيداً، أقامت حركة النجباء العراقية، التي قادت القتال في سوريا ضد فصائل معادية لنظام بشار الأسد، قاعدة في المكان. كما أن كل عناصر هذه الميليشيات قاتلوا "داعش" في العراق. لذا، يلفت تشولوف إلى أن تحول البعاج التي كانت ملاذاً آمناً لقادة داعش، إلى نقطة محورية في الجهود الإيرانية لتغيير ديناميكية المنطقة، يتجسد بسرعة، حتى قبل إزالة مئات المفخخات من المنازل. واكد أحد أعضاء الحشد: "إنها (المدينة) مهمة. سنفعل الكثير إنطلاقاً من هنا".

3 مواجهات
وأوضح أنه في مطلع مايو (أيار)، أبلغ قادة الحشد الشعبي إلى عناصرهم أن الممر البري الذي سيمنح إيران خط إمداد عبر العراق وسوريا إلى لبنان، قد أعيد رسمه إلى الجنوب من سنجار، على مسافة 25 كيلومتراً شمال البعاج. وتقرر أن تكون البعاج القاعدة الأساسية، ومنها سيعبر الطريق سوريا إلى مدينتي دير الزور والميادين اللتين لا تزالان تحت سيطرة داعش. ومذذاك احشدت القوات المدعومة من إيران بقيادة سليماني على جانبي الحدود قرب الطريق السريع بين دمشق وبغداد، مما أدى إلى ثلاثة صدامات على الأقل مع القوات الأمريكية وفصائل من المعارضة السورية تدعمها واشنطن قرب مدينة التنف.

ممرات بديلة
ونقل عن أعضاء بارزين في الحشد الشعبي أن الطريق السريع يبقى نقطة مركزية في الجهود لتوفير ممر قابل للحياة، لكنهم أشاروا إلى  استكشاف فتح ممرات أخرى بديلة في الوقت الذي يغير فيه الإنهيار السريع لداعش الميدان حول الحدود. إن ممراً عبر ديرالزور والميادين وتدمر ومن هناك نحو دمشق، يعتبر في الوقت الحاضر، خياراً مفضلاً.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، التقت ميليشيات إيرانية تقود القوات السورية نحو الحدود إلى الغرب مع ميليشيات عراقية تخضع لنفس القيادة آتية من الشرق، عند نقطة حدودية بين التنف ودير الزور، في لحظة محورية من الحرب السورية وفي القتال المستمر ضد داعش منذ ثلاثة أعوام، وشكل ذلك تجسيداً جزئياً لخطط إيران بتأمين قوس من النفوذ.