مدينة القدس (أرشيف)
مدينة القدس (أرشيف)
الأربعاء 19 يوليو 2017 / 13:39

المسجد الأقصى.. أول القبلتين الشاهد على معركة الحرية

24 - بلال أبو كباش

تعتبر مدينة القدس أكبر مدن فلسطين التاريخية المحتلة مساحة وسكاناً وأكثرها أهمية دينياً واقتصادياً. ومع اكتساب المدينة أهمية كبيرة ومقدسة بالنسبة للفلسطينيين والمسلمين بشكل عام تبقى نقطة لاشتعال الصراع واحتدام الأزمة في فلسطين من حين لآخر مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول طمس هوية المدينة وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الصلاة والعبادة.

القدس تحت الاحتلال
وفي 1948 قسمت القدس إلى "شطرين"، القدس الغربية وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي، والقدس الشرقية بقيت عربية ضمن ما يعرف "بالضفة الغربية" والتي كانت تحت الإشراف والإدارة الأردنية. ومع الأيام احتل القسم الشرقي من المدينة في عام 1967، لتبدأ بذلك خطوات تهويد المدينة ومحيطها، بالتزامن والتكامل مع الإجراءات الصهيونية على الأرض ضدّ العرب وتجمعاتهم في المنطقة ومحاولة السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد ممكن من المواطنين العرب.

المسجد الأقصى
أكسب المسجد الأقصى المدينة مكانة مرموقة فهو أحد أكبر مساجد العالم ومن أكثرها قدسية للمسلمين، كما أنه أول القبلتين. ويقع داخل البلدة القديمة في القدس، وتبلغ مساحة المسجد الأقصى قرابة 144.000 متراً مربعا، ويضم بداخله قبة الصخرة المشرفة، والمسجد القبلي، والمصلى المرواني، إضافة لمعالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم.

ومع اكتساب المكان أهمية بالنسبة لليهود المحتلين، وزعمهم بوجود الهيكل تحته (هيكل النبي سليمان)، تحاول المنظمات الإسرائيلية واليهودية تهويد المكان وإخراجه من محيطه الإسلامي وعزله وطمس هويته بعمليات حفر وإغلاق وتضيق على المسلمين.

تهويد المسجد الأقصى
وللمسجد الأقصى تاريخ طويل، يبدأ بعهد اليبوسيين وبني إسرائيل، مروراً بعهد الرومان، ثم العهد الإسلامي بفتراته المختلفه وصولاً للعصر الحديث المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي.

حريق المسجد الأقصى
في عام 1969 تعرض المسجد الأقصى لهجمة صهيونية شرسة تمثلت في حرق يهودي متطرف للجامع القبلي ما أدى لسقوط جزء من سقفه، إضافة لاحتراق منبر صلاح الدين التاريخي. وتلى ذلك إغلاق المسجد بشكل كامل أمام المصلين الفلسطينيين.

وفي ثمانينات القرن الماضي تآمر يهوديان لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة، اعتقاداً منهم بأن تلك الخطوة ستحل مشاكل اليهود جميعاً آملين في بناء المعبد الثالث مكان المسجد الأقصى.

واستمرت إسرائيل منذ ذلك الحين في الاعتداء على الفلسطينيين ومضايقتهم ومنعهم من حرية العبادة في المسجد الأقصى، ففي عام 1990 قتل الاحتلال الإسرائيلي 22 فلسطينياً خلال احتجاجات ضد الهيكل المزعوم ومخططات لوضع حجر الأساس له.

انتفاضة الأقصى
وفي عام 2000 قام أرئيل شارون وعدد من كبار الحكومة الإسرائيلية بزيارة للمسجد الأقصى ما أدى لاشتعال الانتفاضة الثانية التي استمرت لأعوام طويلة.

وفي ذلك العام بدأت إسرائيل سياسة جديدة تهدف لمنع التوسع في المسجد وتقليص مساحته حيث منعت إدخال مواد البناء والترميم للمسجد الأقصى، إضافة لتقييد حركة موظفي الأوقاف وتركيب أقفال جديدة للأبواب الخاصة به والتحكم بها. وحفر أنفاق تحته ما أدى لتصدع أجزاء منه.

تضييق مستمر
تقف القوات الإسرائيلية على كل باب من أبواب المسجد الأقصى، فارضة سيطرة كاملة على حركة المصليين في خطوة تأتي لمنع عدد كبير من الشبان وغيرهم من دخول المسجد بحجج أمنية.

وتمنع السلطات الإسرائيلية سكان الضفة الغربية الغير حاملين للهوية الإسرائيلية وسكان قطاع غزة من دخول المسجد الأقصى بشكل تام.

الإغلاق الأخير
وبعد كل هذه الإجراءات توجت إسرائيل الأزمة بإغلاق تام جديد للمسجد في 14 يوليو (تموز) حيث أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، قراراً بإغلاق المسجد الأقصى المبارك، ومنع إقامة أي صلاة بداخله إثر تنفيذ ثلاثة مسلحين من عرب إسرائيل عملية ضد الشرطة الإسرائيلية بالقرب من المسجد الأقصى في القدس، فقتلوا شرطيين ليستشهدوا بعد ذلك بنيران قوات الاحتلال.

وتلا عملية الإغلاق قراراً بوضع بوابات إلكترونية لتفتيش المصلين الداخلين للمسجد الأقصى الأمر الذي قوبل برفض تام وأدى لاحتجاجات ما زالت مستمرة مطالبة بإزالة تلك البوابات.

وصاية أردنية
تقوم الأردن بدور مهم في مواجهة محاولات تهويد المسجد الأقصى المبارك، فيما تتوالى الإعمارات الهاشمية للمسجد الأقصى المبارك، والمشاريع الحيوية التي يتم تنفيذها من خلال لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة التي تتولى مهام الإدارة والرعاية والصيانة والترميم في المسجد الأقصى للمحافظة عليه.

وفي عام 2013 وقع الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تاريخية أعاد فيها عباس التأكيد على أن الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصاً المسجد الأقصى، المعرف في هذه الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف.

وتعتبر الاتفاقية إعادة تأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس منذ بيعة 1924، والتي انعقدت بموجبها الوصاية على الأماكن المقدسة للشريف الحسين بن علي، وأعطته "الدور في حماية ورعاية الأماكن المقدسة في القدس وإعمارها، واستمرار هذا الدور بشكل متصل في ملك المملكة الأردنية الهاشمية من سلالة الشريف الحسين بن علي".

ويمتد الدعم الملكي الأردني إلى دعم المؤسسات الوقفية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف، ويتحمل الأردن نفقاتها ومصاريفها ورواتب العاملين فيها.