ضريح تاج محل الهندي (أرشيف)
ضريح تاج محل الهندي (أرشيف)
الأحد 23 يوليو 2017 / 13:57

تقرير: حماية تاج محل تهدد صناعة الزجاج الهندية بالاندثار

ليست المشكلة بالنسبة إلى هانومان براساد غارغ في ارتفاع أسعار مصادر الطاقة، أو في المنتجات المقلّدة الرخيصة الثمن، بل إن السبب الفعلي لتدهور صناعة الزجاج الضاربة في القدم: تاج محل.

ومنذ عقود عدة، يصنع الحرفيون في فيروز آباد شمال الهند، أساور زجاجية وغيرها من الاكسسوارات اللازمة للهنديات.

غير أن قرب المنطقة من موقع تاج محل، أشهر المعالم في البلاد بقبته ومناراته على ضفاف نهر يامونا في أغرة التي تبعد عنه 35 كيلومتراً، دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير لمكافحة التلوث أثرت على النموذج الاقتصادي المعتمد.

ويقول هانومان براساد غارغ رئيس جمعية صانعي الزجاج في فيروز آباد "إن القطاع برمته يعاني بسبب تاج محل".

في نهاية القرن الماضي، أمرت المحكمة العليا في الهند صانعي الزجاج بالتوقف عن استخدام الفحم، واعتماد الغاز الأكثر كلفةً، إذ إن دخان الصادر عن مواقدهم يؤدي إلى اصفرار المعلم المصنوع من الرخام الأبيض في عهد سلطنة المغول، والمزينة واجهاته بنقوش خطية رفيعة.

لكن وبعد 20 عاماً على اعتماد هذه التدابير، لا يزال التلوث يشوه صورة تاج محل، الضريح الذي شيده الإمبراطور شاه جهان تخليداً لذكرى زوجته، المُدرج على قائمة اليونسكو للتراث.

 دقة فائقة 
ينحت جعفر أحمد بدقة فائقة عصفوراً صغيراً على كتلة زجاج قيد الانصهار.

ويقول لوكالة فرانس برس في مشغله: "أصنع قطعاً زجاجيةً منذ أن كنت في العاشرة من العمر، هذه هي الحرفة الوحيدة التي أتقنها، وعائلتي برمتها تعمل في هذا المجال".

وأغلقت مصانع كبيرة للأكسسوارات الزجاجية، وخفضت أخرى أنشطتها في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة، ما تسبب في إفلاس أجيال من الزجّاجين.

ويُقر جعفر: "من الصعب الصمود، لم يعد في وسعي إبقاء أطفالي الأربعة في مدارس جيدة، ولا أريد أن أفكر بما سيحدث لهم إذا أفلست".

ولا يكسب الزجّاجون سوى 300 روبية في اليوم الواحد (حوالى 5 دولارات) رغم ظروف العمل الشاقة التي يقاسونها وخطر التعامل مع السيليسيوم المصهور.

ويُواجه القطاع منافسة  صانعي الأساور البلاستيكية، أو المعدنية الأقل كلفة، والأيسر صنعاً.

أيام معدودة 
في 2015، شددت دراسة لباحثين أميركيين وهنود، على أضرار الدخان الناجم عن إحراق الفحم، وروث الحيوانات، والنفايات، في مدينة أغرة وضواحيها.

واتخذت تدابير جذرية لخفض التلوث في محيط تاج محل.

وحُظر ركن السيارات في الجوار، واضطرت مصانع عدة تعمل على الفحم لإغلاق أبوابها، أو نقل فروعها.

غير أن الاصفرار لا يزال يضرب الضريح الشهير.

ولإرجاع البياض له، يضع الخبراء الوحل عليه لإزالة الأوساخ.

وقد عولجت عدة واجهات ومنارات بهذه الطريقة.

ومن المرتقب تطبيقها على القبة عما قريب.

لكن في فيروز آباد، يخال للحرفيين أن أيام صنعتهم باتت معدودة.

فقد طالبت محكمة متخصصة بحماية البيئة بدراسة حول المواد الملوثة المتواجدة في الدخان المنبعث من مواقدهم.

وحسب نتائج هذه الدراسة، قد تطلب منهم السلطات نقل أنشطتهم.

ولدعم هذه القطاع، تطلق الدولة حملات لتدريب الزجّاجين على الاستفادة من الاقتصاد الحديث، وبيع منتجاتهم على الإنترنت، او فتح أكشاك في المهرجانات.

ويؤكد شهباز علي، وهو رئيس وكالة حكومية تعنى بالتدريب: "لا يمكن لأحد أن يسرق منهم موهبتهم، فهم يتمتعون بدراية تقليدية واسعة، ونحن لا نقوم سوى بصقل مهاراتهم".