قوى أمن عراقية في الموصل.(أرشيف)
قوى أمن عراقية في الموصل.(أرشيف)
الجمعة 28 يوليو 2017 / 15:28

هذا هو الطريق إلى سلام دائم في العراق

بعد عودة الموصل إلى السيادة العراقية، وطرد داعش من المدينة ومعظم القرى المحيطة بها، يشدد كريستوفر ميسيرول، باحث في السياسة الخارجية لدى مركز سياسة الشرق الأوسط، على ضرورة التركيز مجدداً على بناء سلام ثابت ومستدام في العراق.

دراسات عدة أثبتت أن عودة حرب أهلية تعتمد جزئياً على كيفية انتهائها

 ويرى ميسيرول أن باحثين وصناع قرار تعلموا أشياء كثيرة خلال العقد الماضي، عندما تم التركيز على الاستقرار ما بعد الحروب، وكيفية إحلال السلام. وفيما تستمر المناقشات، يبدو أن باحثين كونوا فكرة أوضح عن أسباب دوام السلام بعد انتهاء حروب أهلية، فيما تولد حروب أخرى مزيدأً من العنف. من هنا، لا بد من توافر ثلاثة عوامل لاستقرار العراق ما بعد داعش.

نصر لا صفقة
يلفت ميسيرول لما أثبتته عدة دراسات من أن عودة حرب أهلية تعتمد جزئياً على كيفية انتهاء الحرب. فهل توقف القتال بعدما حقق طرف ما نصراً كبيراً؟ أم صمتت المدافع لأن صفقة سلام وقعت بعد التوصل لنصر جزئي أو بعد الوقوع في مأزق؟

والغريب، بحسب الباحثين آنكي كوليير وزميلها ريتشارد كابلان في دراستهما الأخيرة، أن الطريق نحو السلام لا يمر عبر صفقة أو تسوية، بل غالباً ما تقود صفقات سلام نحو قتال جديد لا انتصارات عسكرية. وفي حالة الهدن والتسويات الناتجة عن مفاوضات، يبقى الجانبان في حالة استنفار لمعاودة القتال، لكن عندما يتحقق نصر عسكري يبقى طرف واحد. ونتيجة لدراسة كوليير وكابلان لـ 205 حالات ما بعد الصراع، وجد الباحثان أن القتال تجدد بعد عشر سنوات في أقل من 25% من الحالات التي انتهت بنصر عسكري، فيما تجدد القتال في أكثر من 50% من الحالات التي انتهت بصفقات سلام.

تدمير داعش
وفي حالة العراق، يرى ميسيرول أنه لا بد من تحقيق نصر عسكري كامل لكي يتحقق لبلاد الرافدين الاستقرار وسلام طويل الأمد. فقوات التحالف العراقية لا تستطيع أن تسيعيد فقط السيطرة على مناطق داعش، بل يجب أن تدمر التنظيم كقوة خارجة عن القانون، وتمنع عودته لممارسة إرهابه كما كان قبل الحرب الأخيرة.

الحذر من المخربين

ويقول الباحث إنه يصعب استمرار حالة السلم عند وجود طرفين فقط، ولكن عند وجود عدة أطراف تصبح المهمة أصعب بكثير. وفي تلك الحالة، يصبح لبعض الأطراف فرصة استهداف مدنيين لتقويض الدعم الشعبي لأية تسوية سياسية.

ولذا يرى باحثون أن التحالف العراقي مطالب، وهو يهزم داعش، بالعمل على عدم عودته أو تفرق صفوفه إلى منظمات جهادية صغيرة، كما كان الحال قبل فورة التنظيم الأخيرة.

تقاسم السلطة
يلفت ميسيرول لدراسة أجرتها كارولين هارتزيل وماثيو هودي حول 38 حرباً أهلية انتهت باتفاقيات سلام، ووجدا أن تلك التي قادت لتقاسم السلطة كانت أكثر قابلية للاستمرار. وكما ثبت للباحثين أنه كلما اتسعت قاعدة المشاركة في السلطة، قلت دوافع حمل السلاح مجدداً.

وبالنسبة للعراق، يرى الباحث أن لتلك الدراسة تطبيقات هامة. فإن حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي يجب أن تسعى لتحقيق تمثيل سني أوسع. وقد بذل العبادي بعض الجهود لوقف التجاوزات الطائفية التي مارسها سلفه نوري المالكي، والتي قادت لسيطرة النخبة الشيعية على السلطة في العراق.

مهام صعبة
وفي وقت يرى الباحث أن تلك مهام صعبة، يؤكد أنه إن كان العبادي ومعه زعماء عراقيون يرغبون بتحقيق سلام دائم، فإن الطريق نحو المستقبل واضح: تفكيك قدرة داعش على التواصل مع المهمشين من السنة، وإعادة السنة العراقيين إلى السلطة، قبل أن يظهر مخربون جدد.