الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الثلاثاء 15 أغسطس 2017 / 13:23

3 أركان للاستراتيجية الخارجية لقطر.. العديد والجزيرة والجماعات المتطرفة

لفت الكاتب أنور علام، في مقال تحليلي نشره موقع The Pioneer، أن الهند اعتبرت الأزمة بين الرباعي العربي وقطر قضية داخلية تتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن إذا لم يتم حل هذه الأزمة قريباً، فإن الهند سوف تضطر إلى التخلي عن هذا الحياد واتخاذ موقف متسق مع سياستها الرامية إلى مكافحة الإرهاب.

يمكن لكل من تركيا وإيران المطالبة بسلطة إقليمية نظراً إلى تاريخها وديموغرافيتها وتقاليدها السياسية وحجمها الجغرافي، أما قطر فهي تفتقر إلى كل ذلك

ويستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه منذ قرابة ثلاثة أشهر اندلعت هذه الأزمة التي بدأت بقطع الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) للعلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرض حظر جوي وبري وبحري لدعم الأخيرة للإرهاب، وحتى الآن لا تلوح في الأفق بوادر لانفراج هذه الأزمة، وذلك على الرغم من أن القوى العالمية لديها مصلحة كبرى في استقرار منطقة الخليج نظراً لأهميتها الاستراتيجية لتعزيز الأمن وتجنب المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة.

قطر ليست ضحية

ويوضح الكاتب أن الرباعي العربي قدم 13 مطلباً لقطر لتنفيذها لحل الأزمة، وأبرزها إعلانها قطع جميع العلاقات مع الإرهابيين والجماعات الإرهابية على المستويين الدولي والإقليمي بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها الروحي يوسف القرضاوي، وغلق جميع القنوات الإعلامية التي تدعمها وبخاصة قناة الجزيرة التي تعتبر البوق الإعلامي لنشر التطرف، وكذلك وقف التقارب مع إيران وإغلاق القاعدة العسكرية التركية.

ويشكك الكاتب في صحة ما تروج له قطر بأنها "ضحية" ضلوعها بدور "ليبرالي وإصلاحي وديمقراطي" في المنطقة، وكذلك وجهات نظر بعض المعلقين الغربيين التي تعتبر تحركات الرباعي العربي ضد قطر وبخاصة المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة بمثابة ثورة مضادة ضد قوى ما يُطلق عليه الربيع العربي.

الربيع العربي وأكاذيب قطر
ويذكر كاتب المقال عدة أسباب تدلل على أكاذيب قطر، وهي:
أولاً: الربيع العربي لم يكن له تأثير خطير على منطقة الخليج باستثناء البحرين، بيد أن التحركات العسكرية لدول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية وبمشاركة قطر نفسها سرعان ما أحبطت الربيع العربي في البحرين، ومن الغريب أنه لم يتم اتهام قطر بالثورة المضادة للمشاركة في ذلك أو حتى لمشاركتها في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحرب الأهلية في اليمن.

ثانياً: الربيع العربي ارتبط بصورة وثيقة بتآكل الطابع الاجتماعي والفساد وفشل سياسة العدالة التوزيعية في الدول العربية الفقيرة نسبياً وغير النفطية. وفي واقع الأمر يمكن القول إن الربيع العربي كان أقل ارتباطاً بالقضايا المتعلقة بالحرية والديمقراطية، وللأسف سرعان ما تحول إلى حرب أهلية في سوريا وليبيا، وتعود الجذور الأولية للفوضى الحالية في البلدين إلى المجازفة السياسية لكل من تركيا وقطر.

ثالثاً: الربيع العربي أسفر عن تسليم السلطة إلى قيادات الإسلام السياسي في أنحاء كثيرة من العالم العربي، وذلك على الرغم من أن الجماعات الإسلامية لم تلعب دوراً مهماً في تشكيل الانتفاضات والثورات العربية.

صعود الإسلام السياسي
ويرى الكاتب أن صعود الإسلام السياسي، سواء في جماعة الإخوان المسلمين في مصر أو حماس في غزة أو تنظيم القاعدة في اليمن أو النصرة وداعش في سوريا والعراق أو حركة النهضة في تونس أو التنظيمات التابعة للقاعدة في ليبيا، أثار القلق لدى دول الخليج العربي بسبب التداعيات المترتبة على الأمن الإقليمي، لاسيما مع الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية من المنطقة والتقارب الأمريكي مع إيران في عهد أوباما، فضلاً عن توغل إيران في السياسة الإقليمية منذ الإطاحة بنظام صدام حسين وظهور التنظيمات الإرهابية السنية مثل داعش.

ومن أجل مواجهة هذه الظروف الاستثنائية، طالبت السعودية دول مجلس التعاون الخليجي بالتماسك والتضامن، ولكن قطر لم تتراجع فقط عن التزامها بمكافحة الإرهاب كما تعهدت في اتفاق الرياض خلال عام 2014، ولكنها أيضاً فتحت أبوابها لإيواء جميع أنواع العناصر المتطرفة، وعلاوة على ذلك عمدت إلى توطيد علاقتها مع إيران.

تحالف قطر مع تركيا وإيران

ويقول الكاتب: "في حقيقة الأمر كانت التطورات التي شهدتها المنطقة في أعقاب الربيع العربي مريحة تماماً بالنسبة إلى قطر وتركيا وإيران، وهو ما يفسر جزئياً التحالف بين الدول الثلاث في السياسة الإقليمية، وبصرف النظر عن التجانس الإيديولوجي؛ حيث يتشاركون في النظرة الإسلامية للعالم، فقد وجدت الدول الثلاث في سياسات الربيع العربي وتناغمه مع الإسلام السياسي أداة لتعزيز أنظمتها السياسية وتوسيع نفوذها الإقليمي، ومنحهم ذلك أيضاً شعوراً بأنهم أبطال الديمقراطية والحرية في المنطقة".

ويضيف الكاتب: "ولكن وضع قطر يُعد الإشكالية الأكبر بين الدول الثلاثة؛ إذ يمكن لكل من تركيا وإيران المطالبة بسلطة إقليمية نظراً إلى تاريخها وديموغرافيتها وتقاليدها السياسية وحجمها الجغرافي، أما قطر فهي تفتقر إلى كل ذلك، واعتمدت فقط على قوتها المالية للسعى إلى بناء مكانتها الإقليمية من خلال انتهاج سياسة خارجية نشطة بعيدة عن السياسة الإقليمية لدول الخليج تقوم على ثلاثة عوامل إستراتيجية وهي القاعدة العسكرية الأمريكية الموجودة في قطر (القوة الصلبة) وقناة الجزيرة (القوة الناعمة) ورعاية وولاء مجموعة من الجماعات الإسلامية المتطرفة".

لا ديمقراطية في قطر

ومع الغطاء الأمني الأمريكي والشرعية الديمقراطية المكتسبة حديثاً من خلال قناة الجزيرة، شعر النظام القطري، بحسب الكاتب، بالثقة في تعزيز صورته الوطنية والإقليمية والعالمية من خلال تسهيل المناقشات العالمية والمفاوضات بين الإسلاميين والغرب في العاصمة القطرية الدوحة، ومن خلال ذلك، حاولت قطر ترسيخ صورتها بأنها "أمة إصلاحية إسلامية حديثة" تقف ضد الوضع الراهن وتؤيد التغيرات الديمقراطية.

ولكن الواقع يختلف كثيراً عن هذه الإدعاءات؛ وبالمقارنة مع كل الدول العربية فإن قطر هي الأقل تاريخاً في ممارسة أي نوع من الإصلاحات الليبرالية، ومن الناحية الاجتماعية لا يزال المجتمع القطري منغلقاً جداً ومحافظاً، وعلاوة على ذلك لا توجد هيئة تشريعية منتخبة في قطر على الإطلاق، وذلك على النقيض من معظم دول الخليج الأخرى التي تتحقق فيها مظاهر مشاركة الشعب في السلطة.

تناقض قناة الجزيرة
ويعتبر الكاتب أن قناة الجزيرة من السمات الأخرى المتناقضة للسياسة القطرية؛ إذ يتم الاحتفاء والإشادة بها لأنها "صوت الديمقراطية" في المنطقة، ولكن هذه القناة ظلت صامتة على نحو مثير إزاء قضية إضفاء الطابع الديمقراطي على حكومة ومجتمع قطر، كما اكتفى هذا البوق الديمقراطي بتسليط الضوء على سخط وإحباط الشباب العربي فقط من دون تقديم أي نوع من التوجيه للاحتجاجات المشروعة والمفاوضات بشأن القضية الفلسطينية أو البطالة أو الفساد أو الإصلاحات الديمقراطية. وكرست الجزيرة إمكاناتها لبث رسائل المتطرفين والإرهابيين وتوفير منصة إعلامية لقادتهم من أجل التسريع بعملية "إضفاء الطابع الإسلامي على السياسة العربية".

سياسة الدوحة الميكافيلية
ويرى الكاتب أن الدوحة تجسد بوضوح النفاق الذي تنتهجه قطر حيث توفر ملاذاً آمناً للإسلاميين والمتطرفين والإرهابيين المصنفين من الغرب، وفي الوقت نفسه تضم أراضيها قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة. وتنطلق من الدوحة الخطابات المعادية المناهضة للغرب وبقية الأنظمة العربية المختلفة باستثناء قطر بالطبع. واستمر النظام القطري الحاكم في هذه الازدواجية الصارخة لفترة طويلة رغم التحذيرات المتكررة من دول مجلس التعاون الخليجي حتى تفاقمت الأزمة الحالية، ومن ثم فإن قطر تتحمل اللوم بسبب امتداد هذه السياسة الميكافيلية لفترة طويلة واختراق التقاليد والأعراف الداخلية للمجتمع العربي الخليجي.

خيارات الهند
وفيما يتعلق بالخيارات المتاحة بالنسبة إلى الهند التي تقيم علاقات جيدة مع كل دول الخليج ومصر، ولكن ليس لديها الكثير من النفوذ للتأثير على مسار الأحداث في المنطقة، يعتقد الكاتب أنه إذا لم يتم حل هذه الأزمة قريباً فإن الهند سوف تضطر إلى التخلي عن الحياد واتخاذ موقف متسق مع سياستها لمكافحة الإرهاب.

ويختتم الكاتب قائلاً: "عندما تفقد باكستان شرعيتها في المنطقة، يجب أن تشجب الهند قطر لرعايتها للتطرف والإرهاب، وبخاصة لأن أهمية قطر بالنسبة إلى الهند قاصرة على توفير الاحتياجات من الغاز الطبيعي المسال فقط (على النقيض من المصالح مع السعودية والإمارات في الطاقة والتجارة والتحويلات المالية والاستثمار ومكافحة الإرهاب والصفقات الدفاعية)، ولأن الهند هي إحدى أكبر أسواق قطر، فإن الأخيرة لن تتمكن من خفض إمدادات الغاز الطبيعي، ومن ثم فإن الالتزام بالحياد في هذه الأزمة لا يصب في مصلحة الهند وصعودها".