ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد.(أرشيف)
ولي عهد أبو ظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد.(أرشيف)
الأربعاء 16 أغسطس 2017 / 13:46

الصدر في الإمارات والسعودية.. قلق في طهران

خلال الأشهر القليلة الماضية، تزايد الصراع على النفوذ بين المنظمات الشيعية السياسية في العراق، استعداداً للانتخابات البرلمانية المقررة في العام المقبل. لكن بحسب أليكس فاتانكا، زميل بارز لدى معهد الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب سيصدر قريباً عنوانه: "صنع السياسة الخارجية الإيرانية"، تشعر إيران حالياً يسخط جراء إعلان عدد من التنظيمات الشيعية ابتعادها عن راعيها الشيعي، لأن وقوفها كقوى مستقلة، متحررة من رعاية قوى خارجية، سيكسبها نقاطاً بين الناخبين العراقيين.

يرغب الصدر بأن ينظر له كبديل لأطراف شيعية أخرى

وبحسب فاتانكا، يتملك إيران حالياً هاجس أن يؤدي الحوار السياسي، والذي سيتم بعد طرد داعش من العراق، بين مختلف الفصائل السياسية، فضلاً عن حوار بين إثنيات وطوائف عراقية، حول تقاسم السلطة، إلى استبعادها، وبالتالي تعريض مصالحها الطويلة الأجل للخطر.

إبطاء خطط طهران
ويشير الكاتب إلى نقاش يجري حالياً في طهران حول ما إذا كان ذلك التوجه في بغداد مجرد زوبعة في فنجان، أو أن طهران ستسلم بوجود ظاهرة شيعية عراقية متمردة.

ومن شأن نتاج هذا الصراع الشيعي الداخلي أن يترك أثره على المصالح الإيرانية خارج الحدود العراقية. وقد بدا قلق إيران واضحاَ عندما قام رجل الدين العراقي الشهير مقتدى الصدر في 30 يوليو(تموز) بزيارة جدة، لأن الزيارة ستودي، على أقل تقدير، للتأثير على الشيعة العراقيين لإبطاء خطط طهران الهادفة لتوسيع نفوذها الإيديولوجي في المنطقة.

متابعة حثيثة
ويقول فاتانكا إن طهران أجرت دوماً متابعة حثيثة لكل انعطافة للسياسات العراقية الشيعية، لسبب وجيه يعود إلى أن نفوذ طهران على الأحزاب الشيعية هناك لربما شكل أكبر إنجازاتها في السياسة الخارجية، منذ إنشائها لحزب الله في لبنان في عام 1982.

ولهذا كله، يلفت الكاتب، لدهشة أصابت طهران عندما زار الصدر السعودية ومن ثم أبوظبي. فقد عرف الرجل بكونه قومياً عراقياً شيعياً كثيراً ما تقاتل مع مجموعات شيعية مرتبطة بإيران. وتدرك طهران أيضاً أنه سياسي مستقل.

وأثارت زيارة الصدر للسعودية، التي يعتقد عدد من الإيرانيين أنها تمثل رأس الحربة في الجبهة المعادية لبلادهم، إضافة إلى لقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، توقعات كثيرة في طهران بشأن دوافع ومغزى الزيارة.

وحصلت آخر زيارة للصدر للسعودية في عام 2006. ثم أمضى ثلاث سنوات في المنفى في إيران حينما كان الجيش الأمريكي يسعى لاعتقاله لدوره في الانتفاضة ضد التواجد الأمريكي في العراق.

وفيما كان الصدر معارضاً للنفوذ الإيراني في العراق، وجد من جانب آخر، ملاذاً آمناً هناك عندما احتاج للاختباء.

نهج مختلف
ولكن في وقت لاحق، أدرك الإيرانيون أن الصدر يسعى لأن يرسم لنفسه خطاَ مستقلاً عن السياسيين العراقيين الآخرين، بحيث يبقى مرتبطاً بالمشهد السياسي العراقي. وتأتي الزيارة إلى جدة امتداداً لتلك الجهود. وبحسب فاتانكا، يرغب الصدر بأن ينظر له كبديل لأطراف شيعية أخرى. وليس اتخاذه موقفاً مغايراً حيال السعودية إلا وسيلة لتحقيق تلك الغاية، رغم أنه ليس معروفاً بعد ما سيكون أثر الزيارة على المدى البعيد.

ارتباك
ويلفت الكاتب إلى ارتباك إيران في قراءة خطط الصدر. وفي بداية الآمر، صدر عن طهران ما يفيد آن الرجل لم يتجاوزها بزيارته إلى الرياض، بل هو نسق الرحلة معها. ووفـقاً لذلك التفسير، قام الصدر بدور الوسيط بين السعوديين والإيرانيين.

لكن سرعان ما تبين عدم صحة ذلك التفسير، لأنه حال عودة الصدر إلى وطنه كرر مطالبته للحكومة العراقية بحل قوات الحشد الشعبي. وتلك نقطة شديدة الحساسية بالنسبة لطهران التي كان لها اليد الطولى في تشكيل وتمويل وتدريب تلك القوات، ونشرها ليس عبر الأراضي العراقية وحسب، بل إرسالها لساحات المعارك في سوريا للدفاع عن النظام السوري.

ويرى الكاتب أن فصل طهران عن مجموعات شيعية، كما يدعو الصدر، لن يكون بالأمر السهل بالنظر للروابط القديمة بين الجانبين. لكن يبقى هاجس طهران قائماً لأنها ترى أنه إذا كان الصدر قادراً على القيام بذلك التغيير الكامل والمفاجئ، فقد تحذو مجموعات شيعية أخرى في بغداد حذوه.