الروائي والقاص إسلام أبو شكير (أرشيف)
الروائي والقاص إسلام أبو شكير (أرشيف)
الأحد 20 أغسطس 2017 / 13:07

مبدعون سوريون.. أين هي الكتابة من فيض الدم في سوريا؟ (1)

كيف يمكن الكتابة عن حدث مأساوي بحجم الحرب؟ تبدو الإجابة عن سؤال كهذا أكثر تعقيداً في حالة الحرب السورية المستمرة منذ قرابة 7 سنوات، لما بلغته من درجة قبح، لم يسبق أن شهد العالم مثيلاً لها، كثير من المبدعين السوريين حاولوا مقاربة الواقع السوري المؤلم خلال سنوات الحرب؟ والإجابة عن تساؤلات كثيرة حول طبيعة ما يحدث، وكيف تفاعل الأدب شعراً ونثراً مع هذا المشهد المأسوي.

فهل استطاعت الأعمال الأدبية الجديدة تشخيص المأساة السورية؟ وما التغيرات التي طرأت على معالم الكتابة الإبداعية في سوريا في هذه المرحلة؟ وأخيراً: هل يمكن أن نطلق مسمى "أدب الحرب" على ما أنتجه الأدباء والكتاب السوريون حول الحرب في بلادهم خلال الست سنوات الماضية؟ وفي محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات، توجهنا إلى عدد من المبدعين السوريين:

إسلام أبو شكير: الجمال في مواجهة القبح
يقول الروائي والقاص إسلام أبو شكير عن واقع الكتابة في سوريا اليوم: "هنالك حرب في سوريا، وهنالك أدب وفن أيضاً، منطقياً يبدو الأمر مثيراً للدهشة أن يترافق القبح في أقصى درجاته مع الجمال في أقصى درجاته أيضاً. لكن هذا لم يحدث للمرة الأولى، تكرر كثيراً، بل دائماً، وفي كل مكان شهد حرباً أياً كان حجمها أو مستوى ما تخللها من عنف".

وكما في كل مرة يعود السؤال إلى الواجهة: هل عبر الجمال عن القبح؟" يتساءل الكاتب إسلام أبو شكير، ويقول: "في الحالة السورية فرضت درجة القبح غير المسبوقة تحدياً صعباً أمام الجميع، قوة الخيال في الأدب خصوصاً والفن عموماً لم تستطع مقاربة ما يحدث حتّى الآن. مازال الواقع يتجاوز الخيال. وكلما اعتقد الخيال أنه حقق انتصاراً ما، باغته الواقع بما يجعله خيالاً ساذجاً قاصراً".

ويضيف الروائي أبو شكير، صاحب رواية (القنفذ): "هنا يكمن مأزق الكاتب في هذه المرحلة.. نعم.. هنالك الكثير من الأعمال الأدبية في الرواية والقصة والشعر وسواها من فنون الأدب، لكن شيئاً منها لم ينجح بعد في تشخيص الحالة، ولا في وصفها، ولا في استيعاب حقيقتها. ما زلنا في طور السؤال عن طبيعة ما يحدث، ولم نصل بعد إلى طور تصويره والتعبير عنه جمالياً. وكيف نصور ما لم نفهمه بعد؟!!، ما زلنا في طور الصدمة من أن هذا حدث أصلاً في وقت كانت فيه إمكانيّة تجنبه بسيطةً للغاية، ومتاحةً، وغير مكلفة على الإطلاق".

لم ننتقل حتى الآن إلى المرحلة التي تتيح لنا أن ننتج (أدب حرب) كيف، والحرب ما زالت خارج الوعي، يؤكد الروائي أبو شكير، ويقول: "أدب هذه المرحلة خاص جداً. هو أدب صدمة. أدب أسئلةٍ مذهولة. أدب بحثٍ وتقصٍ. أدب مراجعاتٍ حائرة. أدب تطلعاتٍ ملهوفةٍ نحو إجاباتٍ تبدو بعيدةً ودائمة الهروب.. هذا الأدب ليس سوى بداية. مهم بكل تأكيد، وسينجو بعضه من مطب الارتجال والانفعال الفائض وطغيان المباشرة وتأثيرات الرغبة في التوثيق والتأريخ أكثر من الفن، ليغدو علامةً من العلامات، منجز مهم، لكنه ليس كل شيء".

ويختم الكاتب أبو شكير بتأكيده على أن "الأهم هو ما لم يكتب بعد.. الأهم هو هذا الذي سيفرزه الوعي الجديد لدى الشباب خصوصاً، والذي تشكل في ظروفٍ تختلف عن تلك التي تشكل فيها وعي الجيل السابق، الشباب يكتبون الآن، لكنّهم بلا سلطةٍ للأسف. ما زالت السلطة بأيدي آخرين لم يجددوا بعد في آليات تفكيرهم، وما زالوا يعتقدون أن ما حدث هو مجرد تطور، في حين أنّه قطيعةٌ حادةٌ ونهائية مع ما سبق.. لا بأس في الانتظار قليلاً ليتاح لنا أن نحكم في ثقةٍ وطمأنينةٍ أكبر وأعمق".