الإثنين 21 أغسطس 2017 / 08:47

الأمن الأوروبي والإرهاب

يونس السيد- الخليج

وضعت الهجمات الأخيرة، في برشلونة وكامبريلس في إسبانيا وفي مدينتي توركو جنوب غربي فنلندا ووتربال غربي ألمانيا، والتي سقط ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، القارة الأوروبية مجدداً في دائرة الاستهداف الإرهابي الذي يتهدد الساحة العالمية برمتها، على الرغم من الحشد الدولي لمحاربة الإرهاب وتضييق الخناق على الإرهابيين في معاقلهم الرئيسية.

ومع الإقرار بعدم إمكانية سد جميع الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها الإرهاب على مستوى العالم، باعتباره يلجأ لاستخدام وسائل وأساليب وأشكال متعددة، ويستطيع الظهور بألف لون ولون، إلا أن ما حدث في الأيام الأخيرة يطرح الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول المنظومة الأمنية الأوروبية وقدرتها على التصدي ومواجهة الإرهاب الزاحف نحو القارة العجوز. فعلى مدار السنتين الماضيتين فقط، تعرضت أوروبا إلى نحو 17 هجوماً إرهابياً بينها هجمات لندن وباريس ونيس وبروكسل وبرلين وستوكهولم وغيرها، وسقط خلالها نحو 364 قتيلاً ومئات الجرحى، وفي كل من هذه الهجمات كانت المنظومة الأمنية الأوروبية تكشف عن عجزها المزمن في مواجهة الإرهاب، فلا تشديد القوانين والإجراءات الأمنية ولا التنسيق وقواعد البيانات التي يفترض أن تكون مشتركة أو موحدة عبر اليوروبول نجحت في منع الهجمات أو القيام بعمليات أمنية استباقية ضد الخلايا النائمة والمنتشرة في دول القارة.

وقد كشف هجوما إقليم كتالونيا عن ثغرات أمنية خطيرة على مستوى الداخل الإسباني والعمق الأوروبي، ففي بلدة الكانار الكتالونية تأكد وجود خلية إرهابية نائمة كانت تعد لعملية ضخمة، حال القدر وحده دون حدوثها بعد وقوع انفجار في المنزل الذي كان يجري في داخله إعداد المتفجرات، وعثر بين أنقاض المنزل على 105 أسطوانات لغاز البوتان كان سيتم استخدامها في الهجوم الكبير لإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية، لكن وقوع الانفجار أدى إلى تسريع استخدام الخطة البديلة التي حصدت 14 قتيلاً و130 جريحاً في برشلونة وعلى شاطئ كامبريلس.

وعلى المستوى الأوروبي، تبين بعد الكشف عن أسماء المجموعة المنفذة أن أياً منها لا يوجد على قواعد البيانات الموحدة، كما أن أياً منها، وفق مسؤول فرنسي، لم يكن مطلوباً أو على صلة بمجموعات إرهابية مشتبه بها في فرنسا.

هذا الواقع يفرض على أوروبا ليس فقط إعادة صياغة منظومتها الأمنية، بل إعادة النظر جدياً في الأسباب التي يمكن أن توفر حواضن للإرهاب، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، والعمل على توسيع وتفعيل وتوحيد الجهود الدولية ضد الإرهاب بعيداً عن بيانات التضامن والشجب والاستنكار.