الشاعرة رشا عمران (أرشيف)
الشاعرة رشا عمران (أرشيف)
الثلاثاء 22 أغسطس 2017 / 22:59

مبدعون سوريون.. أين هي الكتابة من فيض الدم في سوريا؟ (5)

كيف يمكن الكتابة عن حدث مأساوي بحجم الحرب؟ تبدو الإجابة عن سؤال كهذا أكثر تعقيداً في حالة الحرب السورية المستمرة منذ قرابة 7 سنوات، لما بلغته من درجة قبح، لم يسبق أن شهد العالم مثيلاً لها، كثير من المبدعين السوريين حاولوا مقاربة الواقع السوري المؤلم خلال سنوات الحرب؟ والإجابة عن تساؤلات كثيرة حول طبيعة ما يحدث، وكيف تفاعل الأدب شعراً ونثراً مع هذا المشهد المأسوي.

فهل استطاعت الأعمال الأدبية الجديدة تشخيص المأساة السورية؟ وما التغيرات التي طرأت على معالم الكتابة الإبداعية في سوريا في هذه المرحلة؟ وأخيراً: هل يمكن أن نطلق مسمى "أدب الحرب" على ما أنتجه الأدباء والكتاب السوريون حول الحرب في بلادهم خلال الست سنوات الماضية؟ وفي محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات، توجهنا إلى عدد من المبدعين السوريين:

رشا عمران: كتابة غير متورطة "مع أو ضد"
الشاعرة رشا عمران ترى أن "تسمية (أدب الحرب) لا تصلح لما يكتب حالياً، أحكي طبعاً عن النصوص التي أتيح لي الاطلاع عليها، رواية أو شعر أو يوميات، فكل ما يكتب حالياً يكتب من التأثير المباشر للحرب السورية، التأثير النفسي أقصد، وهو ما لا يمكن تسميته بأدب الحرب، بمعنى آخر، حين نتحدث عن أدب حرب ما، فكتاب هذا الأدب يفترض أنهم يعيشون يوميات هذه الحرب بكل تفاصيلها، القتل والقصف والدمار والهجرة والموت والفقدان والخسارات الكبرى، أن يعايشوا هذه الكوارث بيومياتها كاملة، يوميات يتم تدوينها، كي لا تسقط في النسيان، ويمكن الرجوع إليها فيما بعد".

وعن الكتابة عن هذه المرحلة أدبياً، تقول عمران: "لا أظن أن من كتب عن الوضع في سوريا خلال السنوات الماضية عاش هذه التفاصيل، ربما هناك قلة قليلة جداً، كتبت من وسط كل هذا، أنا على الأقل، لم تتح لي قراءة هذه الكتابات، بالتأكيد هناك نتائج اجتماعية واقتصادية كارثية للحرب، طالت حتى الذين يعيشون في مدن آمنة أو شبه آمنة في سوريا، وكثر من الكتاب كتبوا ما يشبه اليوميات النثرية أو الشعرية عن هذه النتائج، لكن برأي الشخصي لا يمكن أن تندرج ضمن أدب الحرب، بالنسبة لنا نحن الذين نعيش في الخارج، بقيت كتاباتنا على هامش الحدث روائياً، وهي انعكاس للحدث اليومي على اللاوعي الفردي شعرياً".

وبرأي الشاعرة رشا عمران صاحبة (بانوراما الموت والوحشة): "فإن الكتابات الأهم هي التي كتبت في السنة الأولى للثورة، عن يوميات الثورة، يوم كان الجميع في سوريا ومشاركاً أو على الأقل مراقباً قريباً للحدث اليومي، ولكن كل ما كتب حتى الآن بكافة صنوف الأدب، برأيي لم يصل إلى مستوى الحدث الواقعي، الواقع تفوق على خيال الكتابة بدرجات خطيرة، والكتاب اليوم متورطون بشكل من الأشكال بالحدث، ولكي نحكي عن أدب مرحلة من المراحل، نحتاج إلى كتابة غير متورطة مع أو ضد، وهو ما يحتاج إلى مسافة زمنية تفصل بين الكتابة والحدث، ويحتاج إلى رؤية تستند إلى التوثيق الذي يفترض أن ثمة من يقوم به خلال سنوات الثورة والحرب، سواء توثيق علمي ومنهجي أو أدبي على شكل يوميات نثرية وشعرية، أو بصري، وهو برأي أهم ما أنتج حتى الآن، فالصورة التسجيلية والفيلمية، استطاعت نقل الحدث كما هو، مع غلاف إنساني مهم، وهو ما لم يستطع الأدب فعله، أكرر دائماً، حسب ما أتيح لي من القراءات للأدب السوري خلال السنوات الست الماضية".

وفيما يخص قيود الرقابة والموافقات الأمنية داخل سوريا وخارجها، تقول عمران: "شخصياً ليست لدي مشكلة لا مع النشر ولا مع الرقابة، ولا أظن هذه مشكلة موجودة لدى الكتاب السوريين، دور النشر جميعها تنشر للسوريين حالياً، هناك حركة ترجمة كثيفة أيضاً للأدب السوري الحالي، لا أعرف داخل سوريا ما هو الوضع بما يخص الرقابة، أتصور ثمة مشكلة غلاء بما يخص النشر، أما التواصل مع القارئ فحلته وسائل التواصل الاجتماعية ومواقع النت والبريد الإلكتروني، يمكن أن أرسل كتابي إلى أي أحد يطلبه، النشر الإلكتروني أيضاً صار وسيلة مضادة لأي رقابة، سواء أكانت رقابة على المضمون أو على اسم الكاتب".

وعن جدوى الكتابة في أتون الحرب، تقول الشاعرة رشا عمران: "الكتابة لا تغير أي واقع، وسط الموت والحروب، هي تساعد على التجاوز، هي بمثابة علاج للكاتب، وهي فعل مقاومة ضد الموت، مهمة الحروب هي تعميم الموت المادي والنفسي، من لم تقتله الحرب، أصابه عطب نفسي، الكتابة تساعد الكاتب على مقاومة الإحساس بالعطب والموت، هي ربما أيضاً تساعد القارئ، القراءة أيضاً فعل مقاومة".