الأربعاء 23 أغسطس 2017 / 09:00

تجذير التربية الأخلاقية

هشام صافي - الخليج

"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"

ليس هناك في الوجود أبلغ، من قول الشاعر الذي يؤكد شرط بقاء الأمم واستمرارها بوجود الأخلاق، التي إن افتقدوها يوماً فإنهم يكتبون نهايتهم بأيديهم، ويصبحون ذكرى في التاريخ، سواء بافتقاد وجودهم أو بتحولهم إلى الهامش، لا قيمة لهم ولا دور.

من هذه القاعدة، كان توجيه ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتدريس مادة التربية الأخلاقية ضمن المنهج الدراسي لجميع المراحل التعليمية، لما لها من قدرة على الإسهام في ترسيخ، وتجذير قيم الاحترام والتسامح والتعايش بين البشر، وتعزيز السلوكيات الإيجابية للطلاب على حساب السلبية، وهو الأمر الذي استوعبته وزارة التربية والتعليم والمجالس والهيئات التعليمية، وحولته إلى خطط عمل، وبرامج ستبدأ في تنفيذها العام الدراسي الجديد.

التطبيق لن يكون هيّناً ويسيراً كما يعتقد البعض، فيجب أن يجتاز مرحلة محاولة بعض الطلبة اعتبار حصة التربية الأخلاقية تحصيل حاصل، وأن الجميع يمكنه أن يكون منظراً في هذا المجال لأن الحق بيـّن والباطل كذلك، كما أن المعلم الذي سيتولى المهمة، يجب أن يكون من نوعية خاصة، نموذجياً، غير مسموح له بالخطأ مهما كان صغيراً وغير ذي أهمية، فباب النجار يجب ألاّ يكون مخلوعاً، ومعلم الأخلاق يجب أن يتمتع بفيض منها.

ويجب أن تتكامل هذه الحصة مع حصص الأنشطة الرياضية والفنية والقرائية الحرة، فكلها تتكامل في بناء شخصية الطالب المتلقي، وتؤسس لقاعدة متكاملة الأركان تمهد مع التحصيل العلمي القائم على البحث والاستقصاء، للوصول إلى الإنسان الجديد التي تنصب كل الجهود، وتحشد كل الإمكانيات من أجل بنائه، باعتباره محقق الإنجازات وحاميها، وقائد فريق المستقبل المكلف باستكمال المسيرة بلا توقف، نحو تحقيق المجد الاقتصادي والسياسي للبلاد.

القيم الأخلاقية الراقية، التي كانت سائدة أيام الأجداد والآباء، باتت اليوم مهددة، بفعل عجلة التطور التي تدور بسرعة خيالية، وقلبت موازين كثير من الأشياء رأساً على عقب، وبفعل تعرض الأبناء لتيارات فكرية متضاربة عديدة، بعد تطور وسائل الاتصال بصورة هائلة ومتنوعة وفائقة التأثير على المتلقين، وكل ذلك يتطلب من كل فرد في المجتمع أن يكون مسؤولاً ويحرص على الشباب والطلبة المسؤول عنهم، بما يكفل خفض نسبة السلوكيات السلبية، على طريق الوصول إلى القضاء عليها نهائياً.

ولعل الظواهر السلوكية السلبية في المدارس، هي خير وسيلة لقياس مدى نجاح جهود التربية الأخلاقية للطلبة، من خلال تحديد مدى النجاح في مواجهة مشكلة مثل: تطاول بعض الطلبة على المعلمين، والغياب غير المبرر، والتسرب الدراسي خلال الحصص، وكلما تحققت نجاحات في مكافحة الممارسات السلوكية السلبية، كلما كان الدرس الأخلاقي بليغاً.

الجهود المطلوبة يجب أن تكون متكاملة، ولا يغيب طرف عنها، خاصة الأسرة والمؤسسة التعليمية، وبقية مؤسسات المجتمع، فالأخلاق فضلّوها على العلم.