مسيرة في "يوم القدس" في لندن رفعت فيها أعلام حزب الله". (أرشيف)
مسيرة في "يوم القدس" في لندن رفعت فيها أعلام حزب الله". (أرشيف)
الأربعاء 23 أغسطس 2017 / 12:48

متى يتخلّى بعض الغربيّين عن الازدواجية في مكافحة الإرهاب؟

بعد اعتداء برشلونة الإرهابي الذي راح ضحيّته 14 قتيلاً، طالبت الصحافيّة المقيمة في ألمانيا خديجة خان بالإسراع في استهداف المنابع الفكريّة للإرهاب. وكتبت في مؤسّسة الرأي الأمريكية "غايت ستون إنستيتيوت" أنّ المرء لا يحتاج إلى الكثير من التفكير كي يعلم أنّ الأفراد لا يستطيعون ارتكاب قتل جماعي من دون دعم أو تدريب أو الأهم تلقّن التطرف.

إذا كان لمنظمة إرهابية جناح سياسي، فهل هذا يجعلها أقل من منظمة إرهابية أو يشرّع ذلك إرهابها؟ ماذا عن اختراع أجنحة سياسية للقاعدة وداعش؟

وتنتقد الصحافية وسائل إعلاميّة أمريكيّة وغربية تهاجم ترامب لأنّه لا يتحدّث بلغتها على مستوى مواجهة العنصريّين فيما تسرع بالمقابل للدفاع عن منظمات إسلامية متطرفة مثل حماس والمجتمع الإسلامي لأمريكا الشمالية وحزب التحرير والمجلس الإسلامي البريطاني وغيرها.

وانتقدت خان أيضاً السماح بانضمام ما يسمّى بالجناح السياسي لحزب الله إلى ما يسمى بيوم القدس العالمي في يونيو (حزيران) الماضي. وسألت: "إذا كان لمنظمة إرهابية جناح سياسي، فهل هذا يجعلها أقل من منظمة إرهابية أو يشرّع ذلك إرهابها؟ ماذا عن اختراع أجنحة سياسية للقاعدة وداعش؟". وفي يوم القدس، اختارت السلطات المحلية في بريطانيا غضّ النظر عن المظاهرات والشعارات التي رُفعت فيها على الرغم من أنّ مواطنين قلقين طالبوا عمدة لندن صادق خان بإلغاء المظاهرة. "ربّما ظن المسؤولون أنه لم يكن مؤذياً لبريطانيا أن ينفث أحد السمّ ضدّ شعوب أخرى على أرضهم".

صرخة إلى ماي: كفى تطميناً للجهاديّين!
تشير الصحافية إلى أنّ القائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان العقيد ريتشارد كمب غرّد على موقعه عبر "تويتر" كاتباً إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي: "كفى يعني كفى، لماذا تستمر الحكومة في تطمين الجهاديين عبر السماح بما يسمى بمسيرة يوم القدس في (شوارع) لندن؟" وحاولت المسيرة أن تحرّض على اليهود باتهامهم زوراً بحريق برج غرينفيل الذي قضى فيه 58 شخصاً. وقال أحد المتحدّثين باسم المسيرة إنّ "بعضاً من أكبر الشركات التي تدعم الحزب المحافظ هي صهيونية. هي مسؤولة عن القتل في غرينفيل. الداعمون الصهاينة لحزب المحافظين". تكتب خان عن صدمتها لدى رؤية أشخاص من أديان أخرى ينضمّون إلى هؤلاء الإسلاميين المتطرفين، ومن يسمّون أنفسهم بالناشطين الحقوقيين ينضمّون إلى مناصري حزب الله الإرهابي في المظاهرة.

حزب التحرير والإخوان و "حرية التعبير"

في حادث منفصل في أستراليا، طلب مقدّم برنامج تلفزيوني من الناطق الرسمي باسم حزب التحرير الإسلامي الأسترالي وسيم الدريعي أن يدين داعش لكنّه ظلّ يلتفّ حول الموضوع رافضاً الإدانة. لا بل دافع عن التنظيم الإرهابي قائلاً إنّ داعش والقاعدة هما "رد فعل" على التدخل الغربي في الأراضي الإسلاميّة. وهما بحسب كلام الدريعي "يعتبران نفسيهما، خطأ أو صواباً، وبغضّ النظر عن رأيي جهداً مقاوماً لما يريانه احتلالاً غير عادل". وتشرح الصحافيّة أنّ حزب التحرير هو منظمة إرهابية تؤمن بفرض "خلافة" إسلامية على العالم من خلال استخدام جميع الوسائل الممكنة. وضعتها دول مثل ألمانيا وباكستان على لائحة الإرهاب لكنّها تنمو في الغرب تحت ستار "حرية التعبير".

ينطبق الأمر نفسه على منظمات مثل الإخوان المسلمين وفروعهم والذين استطاعوا أن يحافظوا على وجودهم في الغرب على الرغم من أنّ 22 مليون مصري وقّعوا عريضة للتخلص من حكمهم سنة 2013. وكتبت خان أنّ مطالبة الرباعي لقطر بإنهاء دعمها للإخوان هو في صلب الأزمة الحالية بينه وبين الدوحة.

للتخلّي عن الازدواجية الغربية!
في هذا الفضاء ينجح المتشدّدون الإسلاميون بالانتشار وتلقين الشباب المسلم المحلي التطرف باتجاه أجندات مناهضة للديموقراطية. ولا يستطيع العالم الفوز في الحرب على الإرهاب بمكافحة أسلحته المادية. فإذا حاولت الحكومات منع الإرهابيين من التفجير، أمسكوا السكاكين أو قتلوا الناس بالشاحنات. فالإرهابيون ينوون أولاً السيطرة على عقول المدنيّين عبر تخويفهم. وإذا أراد العالم الحر الانتصار، فعليه أن يتخلى عن ازدواجيته والبدء باستهداف جميع من يغذّون التطرّف بدون استنساب. وإلّا فستواجه المنظمات الدولية المكافحة للإرهاب التعب وهي تلاحق أفراداً مشتبهاً بهم، بما أنّها في كل مرة تكتفي بمراقبة الأسماك لا الأحواض التي تسبح فيها.