الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. (أرشيف)
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. (أرشيف)
الأربعاء 23 أغسطس 2017 / 19:39

بذكرى المؤسس الأول.. احتفاء بالقيم التي قامت عليها الدولة

لبنى الهاشمي

من يقود الأمّة إلى المجد والسؤدد هم حكامها وقيادتها، وإعادة الذكرى للمؤسس الأول الشيخ زايد بن سلطان "رحمه الله" جزء أصيل من تجربتنا الوطنية

اعتماد عام 2018 "عام زايد" كمثال لواحد من أعظم الشخصيات القيادية في العالم، ولتخليد شخصيته الوطنية ومبادئه وقيمه عالمياً، واسترجاع الذاكرة الوطنية، لتمكين المواطن من عناصر القوة، ونشر إرثه الإنساني والحضاري، يعدُّ مطلباً ملحاً يغذّي الذائقة الوطنية، وتفرداً وطنياً وتميزاً عربياً يضعه في الصدارة والطليعة، وأنموذجًا يُحتذى به لصناعة العظماء في بلد العظماء، ويلقنّ الأجيال دروسًا في الكرامة والشرف والتضحية.

نحن اليوم في المكان الذي قادنا إليه إلهام "آل نهيان"، وأفكارهم النيرة بدأت مرحلة تاريخية، وملحمة بطولية فذة مع البناء والتطور، قادها بحنكة وإصرار وإرادة لا تلين، حاكم تفهم المعنى الحقيقي للعمران وبناء الإنسان، حيث قدر للمغفور له- بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن يبني الواحة الغناء في وسط الصحراء. والإمارات في عهده حققت الكثير من الإنجازات والمكتسبات. فالأمة التي لا تحافظ على استرجاع الذاكرة الوطنية وإرثها من العظماء لا يمكن لها أن تنهض وتبعث من جديد.

فمن يقود الأمّة إلى المجد والسؤدد هم حكامها وقيادتها، وإعادة الذكرى للمؤسس الأول الشيخ زايد بن سلطان "رحمه الله" جزء أصيل من تجربتنا الوطنية. فإدراك شعبنا أنّ ثقافة العظماء والرموز صناعة وطنية بحتة، هو بطاقة تعريف عن الهوية الإنسانية والوطنية المؤثرة في تاريخنا، وتقديراً وعرفاناً بموقف هذا الرجل الذي كانت له اليد الطولى في بناء هذا الصرح من التقدم، وبناء واقع مجتمعي مزدهر لا مثيل له على الإطلاق.

وهذا الاحتفال بالذكرى المئوية للمؤسس الأول تذكير بالخمائر الأولى من المبادئ العظيمة المشتركة في حياة كل العظماء في الإمارات. فهو مؤسس هذا الوطن كما أنه أحد صناع قيمه ومبادئه. ومغزى الذكرى هو الحفاظ عن القيم التي قامت عليها الدولة، ودافع عنها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- الذي احتضن الوحدة وبذر فكرة الاتحاد في شيوخ إماراتنا السبع. ولا عجب أن يمثل الحفاظ على الموروث هاجسًا وطنيًّا.

لقد كتب الراحل العظيم تاريخاً ناصعاً، يكشف بجلاء عبقرية ابن الصحراء العربي الأصيل وألمعيته من خلال قدرته على تصوّر الحلم بالدولة العصرية. ومازالت دولتنا مصدر إلهام للطاقات البشرية في كلّ أنحاء العالم، لأنها معزَّزة بفكر نقي وحس فطري بريء بدون استئثار او مطمع.

بدءاً بالشيخ زايد الكبير وصولاً إلى مؤسس إماراتنا الشيخ زايد بن سلطان الذي احتضن الوحدة، وشيوخ إماراتنا السبع مروراً بالشيخ خليفه بن زايد رئيس الدولة، إلى الشيخ محمد ين زايد العبقري صاحب الإنجاز والعمل الدؤوب، والشيخ محمد بن راشد صاحب المبادرات الشجاعة، وكأنّ أرحام النساء لم تعقم بكل المراحل، بل أبت أن تتوقّف عن إنجاب العظماء، فصناعة العظماء بين الأمس واليوم تمتد وتتواصل، فنجد أنّ أولئك العظماء شحذوا الهمم ، ووطنوا العزم على اقتفاء أثر المؤسس الأول، وتخليد رؤيته عبر مشروعات ومبادرات مستقبليَّة. فلا عجب أنّ الإماراتي لم يتأخر باللّحاق بركب التطوّر والتقدم والتمدن، لأنه يدرك أنّ هناك ثقافة النموذج والقدوة والمثالية مازالت تسيطر على فكر الإنسان الإماراتي وسلوكه، حيث أرسى ركائزها القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه.

إنها ثقافة وصناعة العظماء التي بها لا بغيرها نستطيع بكل أريحية تمرير الكثير من الأجندات المضيئة والأفكار القيمة، والتوجهات الرائدة، لكي يسمو بها المواطن نحو الأمن والحق والعدل والخير، وتكون رصيدًا قوميًّا وملحمياً تذخره مع ثرواتها النوعية، واجب على الوطنيين من شبابنا أن يطّلعوا بصورة شموليّة على مسيرة حكامنا وقيادتنا، وأن ينقّبوا في مخزون تاريخهم التليد للبحث عمّا فيه من خبرات وفضل للنهوض به في الحاضر والمستقبل.

يقيناً أن معيار التحضر هو القدرة على الحفاظ على الأصالة والتراث، وموطن المعجزة هو الثقافة الوطنية المستحكمة للشعوب على مر اﻷجيال، كما تدل على حسن العهد والوفاء للأوطان. قال صلى الله عليه وسلم: "وإنَّ حُسنَ العَهدِ من الإيمان". وحسن العهد أي "الوفاء" النابع من الإيمان، ومكونات هذه القيمة تدخل من باب حسن العشرة بين زوج وزوجته، ووالد وولده، وإخلاص المواطن لوطنه، والوفاء بالحنين للماضي، وتفاني أهل الوطن لحكامهم.