قوات عراقية داخل كركوك.(أرشيف)
قوات عراقية داخل كركوك.(أرشيف)
الأربعاء 18 أكتوبر 2017 / 12:16

أي دور لعبته طهران في إسقاط الأكراد في كركوك؟

توازياً مع طرد داعش من العراق، خرجت إلى السطح توترات كامنة بين طوائف وإثنيات عراقية، ومن أوضح صورها ما يجري من معارك الآن بين ميلشيات الحشد الشعبي العراقي والبشمركة العراقية، حول مدينة كركوك وضواحيها الغنية بالنفط.

ورأى سيث فرانتزمان، صحفي وباحث مقيم في القدس، أن إيران هي من تدير هذا الصراع عبر ميليشيات شيعية، تأتمر بطهران وتنفذ سياساتها.

وأصدر البنتاغون يوم الأحد 15 أكتوبر (تشرين الثاني)، بياناً طالب فيه قوات أمنية عراقية وقوات البشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان(كي إر جي) بـ" تجنب مواقف تصعيدية". وقالت الولايات المتحدة إنها عارضت "العنف من أي جانب"، وأن أي تصعيد عسكري يهدد بزعزعة العراق، وتشتيت التركيز عن الحرب ضد داعش.

أحداث مفاجئة
ولكن أحداث مفاجئة تجاوزت بيان البنتاغون. فقد أمر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قوات عراقية بالعمل على "حماية قواعد ومنشآت فيدرالية في محافظة كركوك". وعندها تحركت طوابير من سيارات هامفي مطلية باللون الأسود، تابعة لقوات النخبة العراقية في العمليات الخاصة في مكافحة الإرهاب (إيسوف)، وأخرى من الشرطة الفيدرالية والجيش العراقي، نحو حدود كردستان عند طازا وطوز خرماتو، جنوب كركوك. وبالإضافة إلى تلك القطعات، سعت عناصر من عدة ميلشيات شعبية تابعة لقوات الحشد الشعبي، لمهاجمة مواقع كردية. وبحسب تقرير نشره معهد الدراسات الحرب، ضمت تلك القوات لواء بدر المدعوم إيرانياً، ووحدات عصائب الحق. وتقدم هؤلاء باتجاه قاعدة عسكرية تسمى K1، مهبط للطائرات وحقل نفط قريب من كركوك. وانسحب البشمركة الأكراد من عدة مواقع، في مواجهة قوة نارية عراقية كبرى.

صراعات أعمق
ويقول الباحث في تقريره في مجلة "ناشونال إنترست" إن الصراع الحالي حول كركوك ذو جذور تعود لعام 2014، ولصراعات أعمق مع بغداد. فقد أجرت حكومة كردستان العراق في 25 سبتمبر (أيلول) استفتاء على استقلال الإقليم حاز على موافقة 92٪ من المقترعين. ولكن بغداد هددت بإغلاق الحدود مع الإقليم ذي الحكم الذاتي، وأغلقت مطاري أربيل والسليمانية. وترغب بغداد بمعاقبة الأكراد عبر سيطرتها على كركوك، وما تحويه من حقول نفطية. ولكن الأطراف المشاركة في العملية العسكرية تظهر أن العملية أعمق من مجرد تنفيذ لاستراتيجية رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

عامل ضغط وحيد
وبحسب الباحث، لم تكن بغداد ومعها مستشارون أمريكيون من قوات التحالف وعدة أطراف أخرى، هم وحدهم من مارسوا ضغطاً على كركوك، بل كان هناك قادة ميليشيات شيعية. وقبل يوم من إعلان العراق عن هجومه على محافظة كركوك، في 26 أكتوبر(تشرين الأول)، توجه إلى المدينة قياديان من الحشد الشعبي، هادي العامري وأبو مهدي المهندس، للتفاوض مع زعماء أكراد من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وقد نشر فضل حورامي، صحفي مقيم في كركوك، صوراً للقياديين عند زيارتهما للمدينة.

ويقول فرانتزمان إن العامري حارب إلى جانب الإيرانيين ضد صدام حسين في الثمانينيات، وتحول "لواء بدر" الذي يتزعمه إلى حزب سياسي بعد عام 2003. كما يدير عنصر من هذه الميليشيا وزارة الداخلية العراقية، والتي تشرف على الشرطة الفيدرالية. وأما المهندس فهو زعيم نشط في ميليشيا كتائب حزب الله، وقد هرب من العراق عندما أدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمة الإرهاب.

وصول سليماني
وتربط الرجلان، العامري والمهندس، علاقات وثيقة بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وهو مسؤول العمليات الخارجية في الحرس الثوري.

وبحسب وكالة رويترز، وصل سليماني، إلى كردستان العراق في 15 أكتوبر (تشرين الأول).
ويرى الباحث أن وجود سليماني في الإقليم يظهر بوضوح فاضح الدور الإيراني الكبير في الهجوم على كركوك، وهو ما يتناقض تماماً مع السياسة الأمريكية التي تحولت مؤخراً لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

هاجس
ويخلص الباحث إلى أن الصدامات حول كركوك تؤشر لدخول العراق مرحلة جديدة بالتوازي مع انهيار داعش. ويبدو أن الأولوية حالياً بالنسبة لبغداد تتمثل في إعادة السيطرة على منطقة كركوك. وأما بشأن النفوذ الإيراني المتنامي في العراق، والذي تم تجاهله خلال الحرب ضد العدو المشترك، داعش، فقد أصبح، بنظر صناع السياسة الأمريكية، بمثابة هاجس كبير.