رئيس كردستان العراق مسعود البارزاني.(أرشيف)
رئيس كردستان العراق مسعود البارزاني.(أرشيف)
الأحد 22 أكتوبر 2017 / 13:08

مَن المسؤول عن أزمة أكراد العراق.. بارزاني أم طالباني؟

يبدو أن حلم إقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق أصبح بعيد المنال، بعدما هاجمت، في الأسبوع الماضي، قوات عراقية ضخمة قوات البشمركة الكردية، ما أجبرها على الانسحاب من مناطق استولت عليها منذ سنوات، ومن أهمها محافظة كركوك الغنية بالنفط، شمال العراق.

في ظل غياب وسائل ديمقراطية لاختبار زعيم بدلاً من البارزاني، أصبح الجيب الكردي معرضاً للتمزق إلى إقطاعيات متناحرة، كما جرى خلال الحرب الأهلية الكردية في تسعينيات القرن الماضي

وتقول مجلة "إيكونومست" إنه بعدما هزمت قوات عراقية جهاديي داعش، التفتت نحو أكراد ساهموا في تحقيق ذلك الانتصار.

اتهامات بالخيانة

وبحسب المجلة، عندما يفقد زعيم ما نصف أرضه، ومصدر الموارد الرئيسية لحكومته، وتنهار أحلام شعبه بالاستقلال، في خلال يومين، يتوقع منه تقديم اعتذار. لكن مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، لم يعتذر، بل اتهم أنصار جلال طالباني بـ"الخيانة".

وفي وجه تقدم عراقي خاطف، انسحبت قوات كردية، في الأسبوع الماضي، من مناطق سيطرت عليها منذ سقوط صدام حسين في عام 2003. ولكن البارزاني حمل "خونة" مسؤولية الهزيمة وقال بأنه سيقاتل في يوم آخر.

وعود
وتقول "إيكونومست" أن الانهيار المفاجئ لمقاتلي البشمركة، وما رافقه من تلاشي حلم الأكراد بإقامة دولتهم المستقلة، يتناقض تماماً مع وعود مبالغ بها قدمها البارزاني، قبل شهر. فقد أصر على إجراء استفتاء على استقلال كردستان، لا ضمن حدود الإقليم الأصلية، بل أيضاً داخل مناطق استولت عليها قواته أثناء الحرب ضد داعش، منذ عام 2014. وقد ضمت تلك المناطق محافظة كركوك الغنية بالنفط، والتي كانت بمثابة البقرة الحلوب للدولة الكردية.

نداءات غربية وإقليمية

وتلفت المجلة إلى نداءات وجهها حلفاء غربيون، ودول مجاورة وأطراف كردية أخرى، من أجل الإحجام عن الاستفتاء. لكن البارزاني اقترب أكثر فأكثر من حافة الهاوية. فقد تعمد، في الأسبوع التالي للاستفتاء، أثناء جنازة جلال طالباني، الرئيس العراقي السابق، وخصمه الكردي سابقاً، عزف النشيد الوطني الكردي، وأهان شخصيات عراقية، حضرت من بغداد لتقديم العزاء، بوضعهم في صف متأخر. وعندما أرسلت كل من تركيا وإيران والعراق دباباتها إلى حدوده للضغط عليه للتراجع عن الاستفتاء، وصف تلك التحركات بأنها مجرد استعراضات.

وقال: "ما كسبناه بالدم سندافع عنه بالدم، ولو قتل مئات الآلاف، ستولد الدولة الكردية".

اكتساح
ولكن، بحسب المجلة، تلاشت كلمات البرزاني بعد منتصف ليلة 16 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما بدأت قوات عراقية تقدمها نحو كركوك. وبحلول الصباح تمكنت تلك القوات من السيطرة على مطار المدينة، وقاعدتها العسكرية الرئيسية، وحقولها النفطية. من ثم اقتحمت القوات العراقية مكتب محافظ كركوك في قلب المدينة، ومعها محافظ جديد معين، عربي. وفي اليوم التالي، تابعت القوات زحفها نحو مقار كردية أخرى، واستعادت السيطرة على مساحة 36 ألف كيلومتر مربع. وبحلول 18 أكتوبر ( تشرين الأول)، سيطرت القوات العراقية على الخاصرة الجنوبية الكردية، بالقرب من بلدة ربيعة عند الحدود السورية، عبر الهضاب الاستراتيجية لسنجار وسد الموصل على نهر دجلة، باتجاه خانقين عند الحدود الإيرانية.

انهيار عسكري
وتقول "إيكونوميست" إن الضحايا في صفوف الأكراد كانت قليلة جداً لأنهم لم يقاتلوا، بل هرب البشمركة نحو الهضاب، مع قرابة 60 ألف مدني. ومعهم تلاشت توقعات بإقامة دولة، لأنه في غياب 300 ألف برميل نفط تنتجه كركوك يومياً(يعادل نصف عائدات الحكومة الكردية)، لا تستطيع تلك الدولة البقاء.

وفي ظل غياب وسائل ديمقراطية لاختبار زعيم بدلاً من البارزاني، أصبح الجيب الكردي معرضاً للتمزق إلى إقطاعيات متناحرة، كما جرى خلال الحرب الأهلية الكردية في تسعينيات القرن الماضي. فقد اتهم زعماء عشائر كردية بعضهم البعض بالخيانة. وقال لاهور طالباني، زعيم إحدى وكالتي استخبارات في كردستان، ومرشح لخلافة عمه (جلال طالباني) كزعيم للقسم الشرقي من الإقليم: "قاتل البرزاني من أجل النفط، ونحن قاتلنا من أجل الأرض".

ورد نيشروان البارزاني، ابن أخ مسعود البارزاني، ورئيس وزرائه: "ارتكب أنصار طالباني خيانة كبرى تاريخية بحق الشعب الكردي". ولكن عدداً كبيراً من الأكراد يحملون مسؤولية ما جرى للفريقين الكرديين معاً.