مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في الرقة.(أرشيف)
مقاتلون من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في الرقة.(أرشيف)
الأحد 22 أكتوبر 2017 / 13:03

أخطار وتحديات.. ماذا بعد تحرير الرقة؟

رأى الباحثان ديفيد كين ولاري أتري، أن طرد مقاتلي داعش من الرقة ربما يكون السبيل لدحر هذا التنظيم الإرهابي، ولكن تداعيات الحرب والأسباب التي أدت إلى اندلاعها لا تزال باقية، ومن المحتمل أن يعود هذا التهديد (الذي يتراجع الآن) في أشكال جديدة على جبهات مختلفة.

على الرغم من أن الغالبية العظمى من السوريين تحتقر داعش، فإن الدمار والقتل في الرقة من شأنه أن يقود إلى مضاعفة مظالم العديد من السوريين الذين يشعرون بأن المجتمع الدولي قد تخلى عنهم

وبحسب المقال الذي نشره الباحثان في موقع "أوبن ديموكراسي" يواجه صناع القرار في الغرب تحديات خطيرة إزاء كيفية حماية السوريين والضغط من أجل التوصل إلى نهاية دائمة للحرب السورية المريرة؛ وبخاصة لأن تحرير الرقة لن يكون نهاية للحرب السورية التي عمد خلالها نظام الأسد إلى رعاية التهديد الجهادي من أجل التمسك بالسلطة.

نظام قمعي
ولا يزال نظام الأسد يستخدم أساليبه القمعية ضد شعبه في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وفي الوقت نفسه تستمر روسيا وإيران في دعم نظام الأسد الذي لا يشعر بالندم على ممارساته، وسوف يتذرع نظام الأسد بـ"قتال الإرهاربيين" لمهاجمة المدنيين والمستشفيات في مناطق المعارضة لإجبارها على الخضوع لسيطرته. ومن ناحية أخرى تتمتع هيئة تحرير الشام (التابعة لتنظيم القاعدة والمعروفة سابقاً باسم جبهة النصرة) بنفوذ قوي في إدلب، وتدخلت تركيا عسكرياً من أجل القضاء على طموح المسلحين الأكراد في الاستقلال.

تخاذل المجتمع الدولي
ويقول الباحثان: "على الرغم من أن الغالبية العظمى من السوريين تحتقر داعش، فإن الدمار والقتل في الرقة من شأنه أن يقود إلى مضاعفة مظالم العديد من السوريين الذين يشعرون بأن المجتمع الدولي قد تخلى عنهم؛ فعلى مدى ست سنوات فشل المجتمع الدولي في حماية السوريين من نظام الأسد وكذلك في الحصول على المساعدات وتوصيلها إلى المناطق المحاصرة، الأمر الذي دفع العديد من السوريين اليائسين إلى الانضمام إلى الجماعات الجهادية المسلحة بصورة جيدة منذ بداية الحرب، وسوف يظل هذا الوضع قائماً طالما أن الجهات الغربية الفاعلة تركز فقط على مكافحة الإرهابيين المتطرفين في سوريا من دون وضع إستراتيجية أكثر شمولاً لإنهاء الصراع الذي يشكل بيئة خصبة لمثل هذا التطرف".

أربع أولويات إستراتيجية
ويستعرض المقال أربع أولويات إستراتيجية لإنهاء الحرب السورية، أولها الانتقال من "الحرب على الإرهاب" إلى إستراتيجية "أكثر شمولا" تركز على بدائل لاستخدام القوة وعدم قتل المدنيين، فضلاً عن دراسة أسباب انضمام الأفراد إلى الجماعات الإرهابية المسلحة، وبخاصة لأن العديد من السوريين انضموا إلى الجماعات الجهادية في سوريا هرباً من نظام بشار الأسد وليس بسبب أي تقارب أيديولوجي، وهناك آخرون التحقوا بداعش بسبب معاناتهم من العوز والبطالة والانهيار الكامل للخدمات.

ويشير المقال إلى أن الإستراتيجية الثانية يجب أن تركز على معالجة قلة الموارد ومساعدة الفارين من الرقة على نطاق أوسع. وعلى الرغم من استعداد الغرب لدفع الكلفة الباهظة للأعمال العسكرية، فإنه يرفض تقديم المساعدات الكافية بهدف تقويض نظام الأسد، ولكن المجتمع السوري يحتاج إلى المزيد من الدعم لا إلى الإغاثة فقط، لاسيما أن غياب المعونات الاقتصادية لسوريا يصب في مصلحة نظام الأسد والمنتفعين من الحرب والتنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة.

حل دبلوماسي وفترة انتقالية
أما الإستراتيجية الثالثة فتتمثل في مضاعفة الجهود للتوصل إلى حل دبلوماسي؛ إذ ينبغي على الحكومات الغربية استخدام نفوذها لضمان حقوق السكان النازحين والضغط من أجل فترة انتقالية مقبولة، ويبدو أن روسيا ونظام الأسد هما الأكثر نفوذاً ولكن في حقيقة الأمر يعاني نظام الأسد من الكثير من الضعف ويواجه معارضة عامة هائلة وشرسة، ومن ثم فإنه إذا تم إقناع روسيا وإيران (داعمي الأسد) بقبول فترة انتقالية فإن الأسد لن يكون لديه أي خيار، وحتى مع أن روسيا لا تدعم "تغيير النظام" ومن المستبعد أن تستسلم لمطالب رحيل الأسد عن السلطة، ولكنها في الوقت نفسه لن تتحمل الإلتزام المادي المكلف لدعم نظام مكروه لأجل غير مسمى، وليس بإمكان روسيا أيضاً أن تتحمل فاتورة إعادة إعمار سوريا، ومن ثم فإنه يمكن للدول الغربية الضغط على روسيا.

الأكراد.. قضية شائكة
وتشمل الإستراتيجية الرابعة، التي يقترحها المقال، تعزيز ظهور ترتيبات جديدة لنظام الحكم، في حال إذا كان السلام ممكنا، ذلك أن المطالبة بتغيير النظام لن تنجح من دون توافر خطة ذات مصداقية تتضمن تقاسم السلطة واللامركزية. وعلى الأطراف الغربية عدم فرض رؤيتها الخاصة وإنما البحث عن سبل لمنع روسيا وإيران ونظام الأسد من فرض رؤيتهم، والأولوية هي تمكين السوريين وحمايتهم ودراسة جميع الخيارات علناً، فضلاً عن مساعدة المجتمع المدني والشباب والنساء في القيام بدور فعال في عملية السلام وإعادة الإعمار.

ويختتم الباحثان بأن التوصل إلى اتفاق سلام لا يعني القضاء على الكثير من التهديدات الأخرى وأبرزها اضطهاد الأقليات والقضية الشائكة للحكم الذاتي للأكراد لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وإذا أراد الغرب فعلاً التغلب على مشاكل الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، فإنه سيكون في أشد الحاجة إلى استراتيجيات سلام واسعة النطاق تضع حلولاً للصراعات التي تغذيها.