شعار برنامج فطن. (أرشيف)
شعار برنامج فطن. (أرشيف)
الأحد 22 أكتوبر 2017 / 20:05

ماذا يريد برنامج فطن؟

واجب برنامج فطن، التحذير الصريح من كل تلك الجماعات، تحذير الجيل القادم من الانخراط في تعاليم تلك الجماعات التي لم نجن منها إلا الانغلاق الفكري والتزمت العقلي ..ثم القتل .. فالانتحار

فطن هو برنامج أنشأته وزارة التعليم السعودية. وفي موقع البرنامج كُتب أنه يهدف إلى تعزيز الوقاية الفكرية والسلوكية لدى الطلاب في التعليم العام. ثم تأتي بعد ذلك أهداف أخرى مثل تعزيز المهارات الشخصية والاجتماعية والاسهام في بناء المواطنة الصالحة، والتحصين النفسي للطلاب بغرض وقايتهم من المخدرات والسلوكيات الخطرة.

هذه هي الرسالة التي يجب على هذا البرنامج القيام بها: وقاية المجتمع التعليمي، طلاباً ومعلمين، من الانحرافات الفكرية، وربما سعى البرنامج إلى الوصول إلى الأسرة والتعاون معها في هذا المضمار. كل ذلك من خلال إقامة البرامج التدريبية والمحاضرات التوعوية وتكوين فرق تطوعية لدعم التنفيذ.

دخلت موقع هذا البرنامج مرات عديدة في الماضي - وبصراحة - لم يعجبني ما رأيت، لم يكن هناك شيئاً جديداً يمكن الحديث عنه، والمقالات والأنشطة لا تخدم هدف البرنامج. كانت هناك مقالات منشورة في نفس الموقع، ومن الواضح أن من كتبوا تلك المقالات لا يخرجون عن إحدى حالتين: 1- أنهم لا يعرفون ماذا يريد برنامج فطن. 2- أنهم يعرفون ما يريده فطن لكنهم يحاولون الانحراف بالبرنامج بعيداً عن أهدافه.

يبدو لي أننا بحاجة لأن نصف برنامج فطن بالسلوب، أي بما ليس هو أولاً، لعلنا نصل بعد ذلك إلى ماهيته الحقيقية.
كل ما يقال وما يُكتب وجميع المحاضرات والدورات التي قام بها برنامج فطن في السابق تحوم حول الحمى ولا تدخل فيه، وكل ما قدمته هو نصائح أخلاقية متفق عليها. هذا السير خلال الخطوط العريضة التي تتحدث عن الإيمان والسلوك الحسن وحب الوطن والأخلاق الحميدة العامة، كل هذه الشعارات المتفق عليها, ليست غرضاً لبرنامج فطن.

كل تلك الدورات التدريبية التي ترعى الموهوبين وتشجع على الابتكار لا علاقة لها ببرنامج فطن. رعاية الموهوبين وتشجيع الابتكار، لهما جهاتهما المختصة، وليس للبرنامج أن يتسلل لمناطق غيره ومزاحمة البرامج الزميلة في تخصصها ومهامها، لأن هذا فيه تهرّب من مسؤولياته وإفراغ للطاقة في جيوب أخرى.

ليس من مهام برنامج فطن أن يتحول إلى محاضرات في تطوير الذات وقانون الجذب وقيمة التفاؤل وشناعة التشاؤم وتحقيق التفوق العلمي ومحاربة الفشل، ورفع مستوى التحصيل الدراسي، كل هذه التفاصيل ليست من تخصص البرنامج، قبل أن يجري الانجراف به إلى مضمار آخر غير الذي وضع له.

الغرض الذي وضع له برنامج فطن هو الحماية الفكرية للطلاب والمعلمين على حدٍ سواء من الأفكار السامة الثورية التي دمرت مجتمعاتنا العربية والإسلامية، مثل فكر القاعدة وداعش وجماعة الإخوان المسلمين وتفرعاتهم الكثيرة. لقد أعلنت الدولة في 2014 أنها تعتبر الإخوان المسلمين من الجماعات "الإرهابية" فلا مجال لفصلها عن داعش والقاعدة. هذا هو توجه الدولة ومن يعمل مع الدولة عليه أن يثق بقرارات قيادتها وعليه أن يسير في مضمارها، أو أن يترك العمل فيها.

لا يمكن للوزارة أن تكون في وادٍ والدولة في وادٍ. الدولة أعلنت أسماء وجهات تعتبرها إرهابية ولم يصدر عنها منذ ذلك التاريخ ما يدل على أنها غيرت رأيها بهذا الخصوص. هذا هو واجب برنامج فطن، التحذير الصريح من كل تلك الجماعات، تحذير الجيل القادم من الانخراط في تعاليم تلك الجماعات التي لم نجن منها إلا الانغلاق الفكري والتزمت العقلي ..ثم القتل .. فالانتحار.

من مهام فطن تعزيز الشعور الوطني لدى المعلمين والطلاب بحيث نطوي وراء ظهورنا تلك المقولة "ما الوطن إلا حفنة من التراب". هذه من أهم المهام ومن أعظم الواجبات، أن نتجاوز ذلك الفكر الأممي الذي لا ينطلق من مركز وطني، ولا يعرف لنفسه مركزاً سوى مركز الإخوان المسلمين في جبل المقطم بمصر والتعليمات التي يرسلها بالفاكس لأتباعه.

لا بد للوزارة أن تكون صريحة وواضحة مع الجميع بهذا الخصوص. الصراحة (إلى حد البجاحة) والوضوح من أهم الأدوات لتحقيق الأهداف، بل إنهما من أهم العوامل لتعجيل تحقيق تلك الأهداف.

لا بد من الشعار slogan في أي برنامج دعائي، سواء أكان برنامجاً للانتخابات الرئاسية الأمريكية أو برنامجاً ترويجياً لشطّة توباسكو. الشعار أمر في غاية الأهمية، وعندما ترفع الوزارة شعاراً واضحاً، بأنه لم يعد من المقبول أن يكون أحداً من منسوبي وزارة التعليم منتمياً أو متعاطفاً (وهم الأكثرية) مع تلك الجماعات فإنها بذلك تختصر المسافات الطويلة.

لا بد أن يُعلم أن برنامج فطن يسعى لمحو كل أثر للجماعات في التعليم بحيث يعاد تشكيل التعليم من جديد، مع احتفاظه بهويته الإسلامية، وبحيث ينطلق نحو المستقبل، نحو "صناعة الحياة" بدلاً من "صناعة الموت". الولاء لله ثم للمليك والوطن، والحقبة الماضية ستطوى إلى غير رجعة، ومن أراد من أن يركب معنا فليركب ومن أبى فلا مكان في التعليم لمن باع ولاءه لجهات أجنبية وشعارات تكفيرية ثورية.

الوضوح سيجعل هذا شعاراً يجتمع الناس من حوله ويسعون ويتكاتفون لتحقيقه. سيحدث هذا عندما يوجد الوضوح، الوضوح هو الحل، ولو أننا سألنا أنجح إداري أو أثرى رجل أعمال في العالم عن سر نجاحه، لأخبرنا أن وضوح الأهداف ووضوح المطالبة بها، ووضوح متابعتها، ووضوح مساءلة الموظفين، كان من أهم الأسباب لتحقيق تلك الأهداف.

لقد استبشرنا جميعاً بتعيين د. سعد بن عبد الله المشوح مديراً عاماً لبرنامج فطن لأنه يبدو واضحاً وصريحاً في رغبته واستعداده لقيادة التغيير وحرصه على المتابعة والتفاعل مع ما يحدث على الأرض. ولهذا لا يسعنا إلا أن نهنئه بالثقة التي وضعت فيه، ونتمنى له كل التوفيق.