أعلام كرددية في أسواق إربيل.(رشيف)
أعلام كرددية في أسواق إربيل.(رشيف)
الإثنين 23 أكتوبر 2017 / 12:27

أزمة أكراد العراق تمثل تحدياً للسياسة الخارجية الأمريكية

بعد تحرك الجيش العراقي وسيطرته على مدينة كركوك في شمال العراق، في الأسبوع الماضي، ناشد بعض المحللين الأمريكيين الإدارة في واشنطن التدخل من أجل حماية الأكراد، وحتى مساعدتهم لتحقيق آمالهم بإقامة دولة مستقلة. وقد وصل الأمر لدرجة تحذير صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحيتها من أن التخلي عن الأكراد "سوف يقوض المصداقية الأمريكية، وقدرة الرئيس ترامب على حشد الحلفاء ضد التوسع الإيراني في الشرق الأوسط".

في حال دعمت الولايات المتحدة مطالب الأكراد بالاستقلال، سيكون عليها أن تدعم عشرات من الحركات الانفصالية، بدءاً من تايوان وصولاً للكاتالونيا في إسبانيا

ويلفت الباحثان جون غلاسر، مدير قسم دراسات السياسة الخارجية، وزميله كريستوفر بريبل، نائب رئيس قسم دراسات السياسة الخارجية والدفاعية لدى معهد كاتو، إلى المظالم التي لحقت بالأكراد، والإساءات التي أصابتهم بما فيها إنكار حقوقهم السياسية الأساسية، طوال أكثر من قرن.

كما أشارا في تقرير في مجناشونال إنترست" إلى أن "الأكراد حلفاء للقوات الأمريكية في المنطقة، ويعتمد عليهم في طرق عدة". وقالا إن الأكراد يستحقون، من حيث المبدأ، الاستقلال وحق تقرير المصير، وتحقيق شيء ما يرضيهم، في نهاية المطاف.

دور رئيسي
ولكن، بحسب الباحثين، لا يمكن حصر السياسة الخارجية الأمريكية في ذلك النطاق، بل يفترض الأخذ في الاعتبار العالم كما هو، والاعتراف بالدور الرئيسي الذي ما زالت تلك القوة تلعبه في السياسات الخارجية. وعند هذه النقطة، تصبح قضية دعم الولايات المتحدة، من حيث المبدأ، استقلال الأكراد، مسألة شديدة التعقيد.

ويقول الباحثان إن الاستقلال الكردي بالطبع سيثير بالطبع غضب الأتراك الذين قاوموا طويلاً أي انفصال كردي. وقد رد بعض المتمردين الأكراد على التعنت التركي بواسطة أعمال عنف، وشن حملة إرهابية أدت لمقتل ما يزيد عن أربعين ألف شخص، خلال ثلاثين عاماً.
  
توتر علاقات
ويضاف إليه، كما يلفت الباحثان، تردي العلاقات الأمريكية – التركية، والتي يبدو أنها تشتد سوءاً. وقد قمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الحريات المدنية في بلده، وتحدى السياسة الأمريكية في سوريا والعراق. وفي الوقت ذاته، ما زالت تركيا عضواً في الناتو، وتستضيف قوات أمريكية في أكبر منشآتها العسكرية كقاعدة إنجيرليك الجوية. وقد يؤدي تحدي أردوغان ودعم الاستقلال الكردي إلى خلق حليف جديد لكن ضعيف، في مقابل خسارة حليف قديم وقوي نسبياً.

تعزيز نفوذ
إلى ذلك، يلفت غلاسر وبريبل للحالة في العراق، الذي قد يؤدي تقسيمه إلى دولتين، أو أكثر، إلى تعزيز النفوذ الإيراني في بغداد، والمناطق العراقية ذات الغالبية الشيعية، وهو أمر تقاومه السياسة الخارجية الأمريكية بانتظام. كما سيقوض ذلك أي أمل في خفض مستوى العنف في العراق.

استثناءات
وبرأي الباحثين، تعتبر الانفصالات السلمية، كما جرى عند تقسيم تشيكوسلوفاكيا إلى جمهوريتي التشيك وسوفاكيا، هي استثناءات وليست قاعدة. وعندما تحاول مجموعة أو منطقة الانفصال عن البلد الأم، فإن سنوات من القتال والتمرد تتبعها، على الأرجح. وفي الواقع. كانت غالبية الصراعات التي شهدها العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ناتجة عن دول تحارب دويلات ناشئة عنها، وليس مقاومة عدوان خارجي.

مؤازرة
ويقول الباحثان إنه في حال دعمت الولايات المتحدة مطالب الأكراد بالاستقلال، سيكون عليها أن تدعم عشرات من الحركات الانفصالية، بدءاً من تايوان وصولاً للكاتالونيا في إسبانيا.

ومن شأن اتباع سياسية كهذه أن يعقد، على الأقل، السياسة الخارجية الأمريكية، وقد يقود نحو مزيد من التدخل العسكري في مناطق عدة حول العالم من أجل خدمة أهداف ربما تتسم بكونها سامية، لكنها ليست هامة بالنسبة للأمن القومي الأمريكي.

من ثم يعود غلاسر وبريبل للتأكيد على أن رأيهما لا يعني تخلي الولايات المتحدة عن نفوذها في منع بغداد أو أنقرة، أو أي جهة كانت، من قمعها للشعب الكردي، وتشجيعهم على مقاربة القضية الكردية بحذر وعبر المفاوضات.