الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 / 09:12

مصر واحات الشهداء

د.يوسف الشريف - البيان

يقول الله في محكم كتابه (وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) [يوسف: الآية 99]، ولكي تبقى مصر آمنة مطمئنة هناك من يقدم روحه فداء أرض مصر، بل هناك من يوهب حياته بأكملها لحفظ أمنها وتثبيت دعائم استقرارها، ولن تتوقف "أم الدنيا" عن تقديم أرواح أبنائها شهداء في وجه الإرهاب والإرهابيين.

قدمت مصر كوكبة من الشهداء بحادث الواحات الإرهابي في محافظة الجيزة مساء الجمعة الماضي، قدمتهم لحماية أبنائها وشعبها من مخطط مشين هدفه زعزعة الأمن والاستقرار وتنفيذ عمليات إرهابية إرعابية بحق الآمنين من الشعب المصري.

مصر وعلى مر التاريخ قدمت الكثير من أرواح أبنائها شهداءً في خدمة أوطانهم وأوطان العروبة، والتاريخ سطر أسماء شهداء أرض الكنانة وزفهم للرفيق الأعلى طاهرين ومطهرين الأرض من شرور الإرهابيين ممن أرادوا خراب الأمة العربية فأرادوا لـ "مصر" أن تنحني لإرهابهم وتستسلم لجرائمهم، ولكن لم نعهد ولن نعهد من القوات المصرية الاستسلام، بل وجدناها وسنجدها دوماً رافعة لرايات النصر والانتصار على الإرهاب وتنظيماته وشخوصه ومخططاته.

إن كانت أهرامات الجيزة ثلاثة فبأسماء شهداء الواحات كما تم تسميتهم في وسائل الإعلام ومن سبقهم ومن سيلحقهم من شهداء القوات المصرية أصبحوا أربعة أهرامات، فمهما بلغت عظمة الأهرامات وما دونته بطون الكتب عن عظمة هذا الصرح التاريخي إلا أن الشهداء وما يقدمونه من تضحيات في سبيل أمن غيرهم ووطنهم أعظم بكثير، فهؤلاء لم يسطروا التاريخ فقط إنما حموا هذا التاريخ من التدنيس الضلالي الذي يحمله فكر الجماعات الإرهابية وأعضاؤها ممن صورت في عقولهم أن الوطن ورجال الأمن هم العدو.

مصر ليست وحيدة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين ممن أنتشر فكرهم ولوث الكثير من العقول، والتي تشبعت أفكاراً سوداوية هدفها تقويض الأمن وزعزعة الاستقرار وتعطيل مسيرة التنمية والتقدم والازدهار، بل هناك جهود عالمية تعمل على نبذ التطرف والإرهاب ومحاربة جميع أشكاله ومقوماته وتنظيماته ودول ومصادر دعمه واحتوائه وناشري أفكاره، ولكن من الواضح أن المواجهة لا تزال مهمة صعبة تحتاج للكثير من الجهود المشتركة بين الدول وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية من جهة، ومن وسائل الإعلام والمنظمات والمؤسسات الدينية والفكرية وأيضاً الجامعات والمدارس من جهة أخرى لتتكاتف معاً في مواجهة الفكر الإرهابي ومحاصرته من جميع الاتجاهات لمنع تسرب أفكاره وقطع دابر من تسول له نفسه أن يعبث بأمن الآمنين ويعرض حياة الأبرياء للخطر بمبرر أفكار مغلوطة عن الجهاد والاستشهاد وبلوغ الجنان والحور العين.