أسلحة روسية تستخدم في سوريا.(أرشيف)
أسلحة روسية تستخدم في سوريا.(أرشيف)
الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 / 14:53

سوريا.. ميدان مثالي لاختبارات الجيش الروسي

لفت موقع "ستراتفور" الأمريكي إلى أن تدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية منذ عام 2015 قد حقق لها مكاسب عسكرية مهمة أبرزها فرصة اختبار قواتها وترسانتها العسكرية في ساحة المعركة السورية وإظهار قوة الجيل التالي للأسلحة الروسية من أجل الترويج لبيعها للدول الأجنبية، فضلاً عن تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.

تكبدت روسيا خسائر كبيرة في الصراع السوري، بحسب "ستراتفور"، شملت فقدان قيادات عسكرية رفيعة المستوى ومقتل العديد من المواطنين الروس أثناء خدمتهم في سوريا كمقاولين عسكريين

ويوضح "ستراتفور" أن التدخل العسكري الروسي في سوريا كان مدفوعاً برغبة موسكو في حماية مكانتها التاريخية في البلاد، ولكنها سعت في الأساس إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، وبخاصة في المحادثات الأوسع نطاقاً مع الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك ينطوي التدخل العسكري الروسي في سوريا على هدف آخر، غالبا ماً يتم تجاهله، وهو اختبار القوات والأسلحة والقدرات القتالية الروسية في ساحة المعركة بسوريا.

جسر جوي وبحري
وتختلف الحرب الأهلية السورية عن الصراعات الأخرى التي خاضتها روسيا منذ نهاية الحرب الباردة. فعلى عكس الحروب في الشيشان وجورجيا ومنطقة دونباس في أوكرانيا، فإن الصراع السوري لا يقع داخل الأراضي الروسية أو حتى على حدودها المجاورة؛ ومن ثم يعتمد التدخل الروسي في سوريا على قدرتها على توفير قوتها العسكرية في مسافات بعيدة. ونظراً لعدم توافر طرق برية، اعتمدت روسيا بالفعل على الجسر الجوي والبحري لنقل قواتها إلى سوريا وحافظت على وجود قواتها العسكرية على مدى فترة طويلة من العمليات القتالية، وحتى مع الصعوبات التي تواجهها موسكو، فقد أثبتت الأخيرة قدرتها على الحفاظ على قوتها العسكرية من الناحية اللوجستية في العمليات القتالية بعيداً عن الوطن.

تحديات ثقافية واجتماعية
ويشير موقع "ستراتفور" إلى أن الصراعات السابقة التي تدخلت فيها روسيا في فترة ما بعد الحرب الباردة حدثت في مناطق مألوفة إلى حد كبير بالنسبة إلى روسيا من حيث الخصائص الثقافية واللغوية والاجتماعية، وهو ما يتناقض مع الوضع بالنسبة إلى سوريا. وقد تطلب ذلك من الجيش الروسي إعطاء الأولوية لقدرته على التواصل والاستيعاب والشراكة مع القوات الحكومية السورية بشكل لم يعتد عليه في التدخلات السابقة. ولم تكن هذه عملية سهلة؛ إذ أشارت تقارير عديدة وشائعات إلى احتكاكات بين القوات الروسية وشركائها المحليين، ولكن في نهاية المطاف نجح الروس في أن يكونوا مقبولين من الجيش السوري كمستشارين وشركاء حاسمين. وعقب مقتل الجنرال الروسي فاليري أسابوف الشهر الماضي، قال الجيش الروسي إن أسابوف لم يكن مستشاراً فقط لقوات الحكومة السورية، وإنما تم دمجه أيضاً في سلسلة القيادة العسكرية السورية باعتباره قائداً لفيلقها الخامس.
  
اختبار الأسلحة الروسية
ويرى موقع "ستراتفور" أن الصراع السوري أتاح لروسيا فرصة اختبار طائراتها القتالية وكذلك الأسلحة والتكتيكات الروسية الجديدة، لاسيما أن روسيا تدخلت في سوريا عقب إجراء عملية تحديث كبرى لقدراتها العسكرية. وبالفعل اختبرت روسيا أكثر من 160 نوعاً جديداً من منظومات الأسلحة في سوريا، واستخدمت صواريخ كروز جديدة أطلقتها براً وبحراً، كما نشرت أنواعاً جديدة من أنظمة الدفاع الجوي وطائرات بدون طيار في المعركة، واعتمدت على الجيل التالي من أنظمة الحرب الإلكترونية على نطاق واسع.

وقد أسفر اختبار الأسلحة الروسية الجديدة في سوريا عن صفقات بيع الأسلحة الروسية للعديد من الدول الأجنبية لاسيما دول الشرق الأوسط، حيث تم مؤخراً شراء عدد من الأسلحة الروسية التي ذاع صيتها في الصراع السوري ومنها طائرات من طراز su-34 وsu-35 والأنظمة الصاروخية من طراز s-400.

مكاسب كبرى رغم الخسائر
وتكبدت روسيا خسائر كبيرة في الصراع السوري، بحسب "ستراتفور"، شملت فقدان قيادات عسكرية رفيعة المستوى ومقتل العديد من المواطنين الروس أثناء خدمتهم في سوريا كمقاولين عسكريين. وتحملت روسيا خسائر مادية من جراء استخدام الذخائر على نطاق واسع وصواريخ كروز، فضلاً عن فقدان العديد من الطائرات والطائرات بدون طيار والمركبات، ومن ثم فإن موسكو لا تعتزم البقاء في الصراع السوري لفترة طويلة؛ إذ تحاول تهيئة الظروف التي تسمح بخروجها من الحرب.

ورغم تلك التكاليف التي تكبدتها روسيا، يشير "ستراتفور" إلى أنها حققت الكثير من المكاسب وحافظت على نفوذها ووجودها في سوريا ووسعت نطاق انتشارها في الشرق الأوسط، وباتت لاعباً رئيسياً في المنطقة، وعلاوة على ذلك أتاحت المعركة السورية لروسيا فرصة اختبار قواتها ومعداتها العسكرية؛ إذ تواصل موسكو البحث عن سبل لتعزيز الفعالية القتالية لقواتها العسكرية.