ساحة اللوفر في باريس.(أرشيف)
ساحة اللوفر في باريس.(أرشيف)
الأربعاء 15 نوفمبر 2017 / 15:24

اللوفر ليس متحفاً فحسب...إنه القوة الناعمة لفرنسا

24- زياد الأشقر

كتب الباحث روبرت زارتيسكي في مجلة "فورين بوليسي" أن مؤشر القوة الناعمة 30، الذي أعدته مجموعة بورتلاند الاستشارية ومركز جامعة جنوب كاليفورنيا للديبلوماسية العامة، لاحظ أن فرنسا قد تجاوزت الولايات المتحدة بصفتها القوة الناعمة الأعظم في العالم.

ماكرون يستغل انسيابيته اللغوية والثقافية، للتأثير على أمم أخرى من خلال الجذب والإقناع

واعتبر أن هذه الأنباء يجب ألا تشكل مفاجأة كبيرة. فالرئاستان المبتدئتان لدونالد ترامب وإيمانويل ماكرون قدمتا حتى الآن درساً في التناقضات الصارخة، ولكن ماكرون يستغل انسيابيته اللغوية والثقافية، للتأثير على أمم أخرى من خلال الجذب والإقناع، بينما يزدري نظيره الأمريكي اللغة الناعمة، بما يعكس قناعته بأن الإكراه هو أحد أكثر أشكال التأثير نفوذاً.

ماكرون في أبو ظبي
وقال زارتيسكي إن زيارة ماكرون لدولة الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع لتدشين أول فرع لمتحف اللوفر في العالم، تؤكد على هذه الإختلافات.

فبعد وصوله إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، عقب إلقاء ترامب خطاباً في سيول تضمن تهديداً علنياً باستخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية، كانت لماكرون رسالة مختلفة حيال مضيفيه: "من فضلكم، اختبروننا، ليس فقط من خلال النبيذ والكماليات، ولكن أيضاً من خلال ثقافتنا والقيم العالمية والإنسانية التي تنعكس من خلال ذلك". وكما هو واضح في خطاب ماكرون الرسمي خلال افتتاح لوفر أبوظبي، فإن هذا المتحف الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل- القوة المحركة التي تقف خلف معهد العالم العربي في باريس- لديه القدرة على تغيير تاريخ المستقبل (بنعومة) للبلد المضيف وللمنطقة عموماً.

دوافع فرنسا
ولفت زارتيسكي إلى أن دوافع فرنسا في متابعة هذا المشروع في الأصل واضحة. وعندما أعلن عن مشروع المتحف أول الأمر عام 2007 في أواخر ولاية الرئيس جاك شيراك، كان ماكرون لا يزال يعمل بصفته مفتشاً مالياً رسمياً. ويتساءل المرء ما إذا كان بصفته المهنية قد فكر حينذاك بالشروط المالية المربحة لفرنسا. وفي مقابل استئجار اللوفر لمدة 30 عاماً وافقت دولة الإمارات العربية المتحدة على دفع 525 مليون دولار. وبالإضافة إلى تحمل أعباء تكاليف البناء، التزمت الإمارات دفع نحو 750 مليون دولار للوفر وللمتاحف المتفرعة منه.

القوة الناعمة
والمفارقة أن يكون في الإمكان تفسير خطاب ماكرون المؤثر على أنه ليس فقط انتقاداً للقوة المتشددة المتجسدة في سياسة ترامب الخارجية، وإنما أيضاً كإنعكاس للطريقة التي يمكن القوة الناعمة أن تساعد وتحرض القوة الخشنة. وبدا ذلك بوضوح خلال زيارة ماكرون في اليوم التالي للقاعدة البحرية الفرنسية في أبو ظبي( لقد افتتحت هذه القاعدة عام 2009 وهي الأولى من نوعها التي أنشأتها حكومة فرنسية منذ 50 عاماً، وكانت بقرار من الرئيس المحافظ نيكولا ساركوزي، الذي كان مهتماً بإنشاء قواعد عسكرية أقل من اهتمامه ببناء متاحف).

عالم متقلب
وقال ماكرون أمام البحارة في القاعدة :"إن وجودنا-وفي الحقيقة وجودكم هنا...هو علامة على أن فرنسا تتحمل مسؤولياتها، سواء كانت عبر الديبلوماسية، أو عندما تقتضي الضرورة، عبر العمل العسكري". وأكد "أنها علامة على أن فرنسا تحافظ على مكانها في عالم متقلب".