مقاتلون من داعش (أرشيف)
مقاتلون من داعش (أرشيف)
الإثنين 11 ديسمبر 2017 / 14:55

انشقاق دموي في صفوف داعش

بدأ تنظيم داعش الاستقرار عام 2014، بعدما تبنى عدد من مقاتليه الأجانب نمطاً قريباً من الحياة المدنية. فقد أمضوا معظم أوقاتهم في القراءة ومناقشة قضايا دينية، وإلقاء خطب حول رؤيتهم للدولة الإسلامية الفاضلة. ولكن أفكار أولئك المقاتلين لم تتطابق كلها مع مواقف داعش، وأخذ عدد منهم في الاختلاف مع التنظيم بشأن تفسيره للإسلام.

يختبئ هؤلاء حالياً داخل بلدانهم الأصلية ويحاولون نشر أفكارهم المتشددة، لكنهم لا يملكون الوسائل المالية ولا العسكرية التي توافرت لداعش. لكن إذا سحنت لهم الفرصة فسوف يكونون أشد تكفيراً وتشدداً من التنظيم الإرهابي

وكتبت، في مجلة فورين أفيرز، فيرا ميرونوفا، باحثة في الأمن الدولي لدى مركز بلفر التابع لجامعة هارفرد، وإيكاترينا سيرغاتسكوفا، صحفية مقيمة في أوكرانيا، وكرم الحمد، صحفي سوري مستقل، أن بعض المقاتلين الأجانب هربوا إلى تركيا، أو عادوا إلى مواطنهم الأصلية للنجاة بأنفسهم، بعدما أعدم داعش كل من خالفه الرأي.

الرد بعنف

ويشير كتاب المقال إلى أنه، حتى بمعايير داعش، كان المنشقون عنه أشد تطرفاً. فقد خرجوا على زعمائهم واعتبروا متشددين آخرين بمثابة "كفار"، وكانت تلك تهمة تستوجب القتل، بحسب رؤية داعش. ومن ذلك المنطلق، انقلب آلاف المقاتلين الأجانب ضد التنظيم ذاته.
وقد ردت قيادة داعش بقوة وعنف شديدين ضد أولئك المتطرفين، وقتلت عدداً كبيراً منهم. ولكن قلة تمكنت من الهرب، وهم حالياً مختبئون خارج الشرق الأوسط.

أشد تطرفاً
ويلفت الكتاب إلى بداية انشقاق متشددي داعش عن التنظيم عندما تبنوا أفكار أحمد الحازمي، داعية ألف كتاب "الجهل ليس مبرراً في الإسلام". ويعتقد الحازمي أن من يجدون الأعذار للجاهلين بدينهم، ويبرئون مسلمين لا يمارسون دينهم بصورة سليمة، هم أنفسهم "كفار" يجب قتلهم.

وعندما كان أتباع الحازمي يقاتلون في العراق وسوريا، رأى بعضهم أن سكاناً محليين من الذين لجؤوا إلى محاكم رسمية وشاركوا في انتخابات، كانوا كفاراً يجب قتلهم. وفي معظم الحالات، نادراً ما اهتم داعش بأمرهم، وقال مقاتل سابق من آسيا الوسطى، في عام 2016: "كيف يمكن لأحد السكان في دولة الخلافة أن يجهل حتى كيف يصلي".

وجوب قتل البغدادي
ويشير الكتاب إلى أن المشكلة الرئيسية بالنسبة لتنظيم داعش، والتي بدت شديدة الخطورة نشأت من خلال أفكار أولئك المتشددين، وتكفيرهم لمسلمين آخرين، إذا كانت ستقود لقتل البغدادي ذاته زعيم داعش. فقد صرح مقاتل سابق من جنوب وسط آسيا: "تركت الجماعة لأن أميري نفسه كان جاهلاً ولا يسير على خطا دينية صحيحة. ولكن لم أكن أصدّق أن البغدادي نفسه لا يعلم بذلك". وقد أوحى المقاتل بأن البغدادي كان كافراً أيضاً.

الإيديولوجيا أولاً
وما أثار قلق داعش، بحسب الكاتب، ميل الأشد تطرفاً من مقاتليه لتفضيل الإيديولوجيا على الضرورات السياسية. وعلى سبيل المثال، اعتبر الداعية أبو عمر الكويتي أن زعماء داعش كفار لأنهم رفضوا تدمير ضريح أحد الأئمة الصوفيين في الرقة. (قتل الكويتي لاحقاً على يد داعش). كما يختلف بعض التكفيريين مع مبدأ تطوع مقاتلي داعش لتنفيذ عمليات انتحارية باسم الدين.

وقال مقاتل سابق لكتاب المقال إن "هؤلاء المقاتلين يقومون بأعمال شريرة، لكنهم يعتقدون أنهم سيذهبون إلى الجنة لأنهم مستعدون لقتل أنفسهم. ليس هذا هو الإسلام".

رفض القتال
وأكد مقاتل سابق من وسط آسيا أنه رفض القتال باسم داعش لأنه اكتشف أنه غير إسلامي. وقال إن "راية إسلامية صحيحة يجب أن تحوي فقط الجزء الأول من الشهادة ( لا إله إلا الله)، من دون دائرة في وسطها مكتوب عليها محمد رسول الله.

ويخلص الكتاب إلى أن التكفيريين، الأشد تطرفاً أمضوا بعض الوقت داخل صفوف داعش، وفهموا أفكاره، فهم أكثر تأثيراً في إقناع آخرين بالامتناع عن التعاطف مع التنظيم. وقال أحدهم: "لا تدرك الحكومات أننا أوقفنا عدداً من الأشخاص عن الالتحاق بداعش أكثر مما حققته هي من خلال مراقبتهم".

وبحسب الكتاب، يختبئ هؤلاء حالياً داخل بلدانهم الأصلية ويحاولون نشر أفكارهم المتشددة، لكنهم لا يملكون الوسائل المالية ولا العسكرية التي توافرت لداعش. لكن إذا سحنت لهم الفرصة فسوف يكونون أشد تكفيراً وتشدداً من التنظيم الإرهابي.