طائرة هليكوبتر في صحراء الإمارات.(أرشيف)
طائرة هليكوبتر في صحراء الإمارات.(أرشيف)
الخميس 14 ديسمبر 2017 / 20:08

حقائق تاريخية تعكس أصالة الشعوب

لإماراتي كان يتعاون بطريقة جماعية في النشاطات الحيوية سواء في مزارع النخيل وصناعة المراكب، وحصاد التمور خاصة في فصل الصيف في واحات ليواء، والغوص في المياه اجنوب الخليج

في التاريخ حقائق كثيرة تعكس أصالة الشعوب وانتصاراتها وأمجادها التليدة، ومواقفها المشرفة، والتي تتوارى فيها بوارق النهضة الحديثة. وفيما كان الإماراتي من فرسان الرمال والبحار، لابد أن أشير بإيجاز الى الحجة العلمية والتاريخية والفكرية من خلال المصادر والرحالة والمستشرقين الذين دونوا مشاهداتهم، وأثنوا على حكمة واستنارة شيوخ الامارات. وقال أحد الرحالة "سبنسر" spencer - وهو يطل من بعيد على حافة الساحل الإماراتي: "أنا أصف باستفاضة الشاطئ السعيد الذي أتوق للوصول إليه منذ أمد بعيد. التربة تبدو جميلة من بعيد، ومليئة بالمخزون بكل ما هو حي وعزيز ولذيذ".
 
على الرغم من الطبيعة القاحلة والقاسية التي تجاوزها الإماراتي بحنكته وإصراره، ومجتمع شديد التماس بمكوناته ومرتبط بقيمه العليا، التي لم تستطيع الحداثة والتحضر طمس معالمها الحية والنابضة،  يبدو أن استيعاب هذه المعطيات مهمة تاريخية للأجيال الصاعدة لتعطي إشارة واضحة عن الزخم الهائل الذي يحمل بين طياته حقيقة وخلفيات "للحاكم الملهم" و"القيادة العبقرية"" والمشيخة الحكيمة" لتجعل من هذه البقعة القاحلة محطة تنوير وعمران وحضارة برهنت للعالم أن تلك الذهنية والعقلية الثاقبة شكلتها البيئة المحلية والمناخ العام. وامتزجت هذه الخصائص بالثنائية بين تأثير أخلاق أهل السواحل البحر- وبيئة ابن الصحراء، لتوهب له الطبيعة سعة وخصب الخيال لرؤية المستقبل واستشرافه، وكان الآبداع والآصالة بمثابة حجر الزاوية في أي رؤية يتطلع بها إلى للريادة.

يُثبتُ ابن خلدون أن البدو أقرب إلى الفطرة الأولى والخير والشجاعة، فضلاً عن كونهم حذرين في كل خطوة يخطونها، واثقين من أنفسهم. وبذلك "صار لهم البأس خُلُقًا والشجاعة سجية، يرجعون إليها متى دعاهم داع". وأضاف المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله يدعم وجهة النظر الخلدونية هذه في سيرته الذاتية حيث يقول: وأهل الصحراء أحسن صحة وأصفى ذهناً وأخلاقاً وأكثر قبولاً للمعارف.

كما يعدّ ارتباط الإماراتي بالبحر مصدر إلهام ورؤية، لقربه من ضفاف الشواطئ الساحرة، فالبحر ليس ذاك الامتداد الذي لا يحدّه نظر، بل هو التعاطي مع الأحلام الكبرى والآمال العظيمة التي ليس لها حدود، ليشكل إضافة فارقة في الوعي الإنساني، والقدرة على التسامح، وحب والهدوء والسلام، واختلاطهم مع الشعوب في رحلاتهم البحرية، وكلّها تدلّ على الصفاء النفسيّ الذي يؤمّنه اللون الأزرق.

لا غرو بأن ثقافة الاتحاد عبر الحضارات الإنسانية سمة للقوة والسلطة والنفوذ، فالإماراتي كان يتعاون بطريقة جماعية في النشاطات الحيوية سواء في مزارع النخيل وصناعة المراكب، وحصاد التمور خاصة في فصل الصيف في واحات ليوا، والغوص في المياه جنوب الخليج، والرعي في الظفرة والصحراء المحيطة في فصل الشتاء، مروراً بواحات العين، الواجهة الأولى المؤدية إلى أسواق السواحل الأخرى ومدها بالفاكهة والخضروات والحبوب، بالإضافة إلى تأسيس مستوطنة في جزيرة دلما. كل ذلك عوامل من الكفاح المقدس، ليؤسس المواطن بذلك العمل عنواناً لمنظومة قيمية رائعة من الروابط والوحدة المجتمعية، مما يسرع في عملية الاتحاد وتمتين أواصرها.