الثلاثاء 26 ديسمبر 2017 / 18:55

أطفال فلسطين.. تاريخ من المقاومة

24 - حسين حرزالله

خاض أطفال فلسطين مراحل مهمة في قضية بلادهم منذ احتلالها وحتى اليوم، وبرز الكثير من الأسماء عبر التاريخ الفلسطيني للنضال المشروع ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وكان للأطفال خاصة، لما عانوه وواجهوه من ظلم واضطهاد وسلب للحقوق علاوة على قتلهم بدم بارد، دور في فضح الاحتلال وعنصريته وإرهابه في العالم وإيصال صورة عن معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي المغتصب.

وبرزت تسمية "أطفال الحجارة" خلال أحداث الانتفاضة الأولى عام 1987، بعد انتشار عدة صور لأطفال عزّل في المدن والقرى الفلسطينية، يحملون الحجارة مجتمعين في مواجهة الآليات العسكرية والرصاص الكثيف الذي كان يرد به جنود الاحتلال الإسرائيلي، ما أكسبهم تعاطفاً عربياً وعالمياً آنذاك.

إلا أن أطفالاً وأبطالاً حقيقيون، حُفرت أسماؤهم في الذاكرة الفلسطينية، وشكلوا رموزاً لمراحل القضية وللصمود في وجه الاحتلال ومقاومته، قائمة من الأسماء تزداد يوماً بعد يوم، مع تعدد الحروب والمواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.

وفيما يلي نستعرض أبرز الأطفال الفلسطينيين عبر التاريخ:

محمد الدرة
حادثة استشهاد الطفل محمد الدرة، احتلت شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام العربية والعالمية لعدة أعوام، إبان اندلاع انتفاضة الأقصى، أو الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أشعل الدرة (12 عاماً)، وعملية قتله برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهو يحتمي في حضن والده خلف حاجز اسمنتي، الشارع الفلسطيني وسرع من وتيرة الانتفاضة، مثيراً تعاطفاً وغضباً عالمياً.



وظل صوت والده حاضراً في أذهان الكثيرين حين صرخ: "مات الولد .. مات الولد".

وأثار إعدامه أمام الكاميرات، في يوم 30 سبتمبر (أيلول) 2000، في قطاع غزة، غضباً فلسطينياً سرعان ما تحوّل إلى مواجهات عنيفة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق عدّة في فلسطين، كما خرجت العديد من التظاهرات في العالم العربي تطالب بوقف أعمال القتل بحق الأطفال.


فارس عودة
وبعدها بشهرين تقريباً، في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2000، قام الاحتلال الإسرائيلي بإعدام الطفل فارس عودة، الذي أطلق عليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لقب "الجنرال"، وقالت أمه عنه: "لم يكن طفلاً عادياً، وهو في سن الـ6، كان يقول أريد طرد الاحتلال".



واستشهد فارس عودة (15 عاماً) بإطلاق النار على رقبته من مسافة قريبة، بعد أن كان يواجه بجسده دبابة "الميركافا" الإسرائيلية المدرعة، في معبر المنطار شرقي غزة، وتصدرت صورته حينها، مقاوماً الدبابة بحجر في يده، وسائل الإعلام والصحف العالمية. كما أثارت المجتمع الدولي حينها، ضد ممارسات الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين.

إيمان حجو
إيمان مصطفى حجو ابنة الـ4 أشهر فقط، خطفها الظلم والقهر الإسرائيلي من حضن أمها، بعد أن اخترقت شظية قذيفة جسدها الغض.



وفي 7 مايو (أيار) عام 2001، ومع استمرار انتفاضة الأقصى، قصفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي، مخيم خانيونس في قطاع غزة، واخترقت إحدى شظايا القصف جسد إيمان، بينما أصيبت أمها بجروح بالغة، في جريمة بشعة، أضيفت إلى انتهاكات الاحتلال.

هدى غالية
عرفت هدى غالية حين كانت في الـ12 من عمرها، بعدما قتلت بحرية الاحتلال الإسرائيلي 7 من أفراد عائلتها أمام عينيها على شاطئ قطاع غزة في 9 يونيو (حزيران) عام 2006.



وعرفت الحادثة باسم "مجزرة شاطئ غزة"، وتداولت وسائل الإعلام حينها الطفلة هدى وهي تصرخ: "بابا .. بابا"، وتبكي بالقرب من جثث أقاربها الذين استشهدوا بما فيهم والدها (49 عاماً) وأمها (30 عاماً).

يشار إلى أن هدى، ورغم ما تعرضت له من صدمة نفسية بالغة، أثرت على حياتها لأعوام، أنهت مؤخراً في صيف 2017، دراستها الجامعية في قطاع غزة.


محمد أبو خضير
خطف الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير من قِبل مستوطنين إسرائيليين، وعذب وأحرق حياً يوم 2 يوليو (تموز) 2014، وعُثر على جثته في أحراش دير ياسين.

حادثة الطفل محمد أبو خضير (16 عاماً)، المقدسي من مخيم شعفاط، أثارت موجة غضب واسعة في القدس والمدن الفلسطينية، إضافة إلى إدانة دولية.



وفي الـ8 من نفس الشهر، تصاعدت وتيرة الغضب الفلسطيني، والقصف بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، وكان الطفل أبو خضير شرارة الحرب الثالثة على القطاع صيف 2014.

علي دوابشة
في 31 يوليو (تموز) 2015، شيع الفلسطينيون جثمان الرضيع علي دوابشة (18 شهراً)، الذي أشعل غضباً في الشارع الفلسطيني وأعاد المواجهات آنذاك، بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في القدس ومدن الضفة.



وكان أشعل مستوطنون إسرائيليون حريقَاً في منزل عائلة دوابشة في قرية دوما، بمحافظة نابلس في الضفة المحتلة، توفي على إثره الرضيع إلى جانب والديه، وأصيب أخاه أحمد (4 أعوام) بجروح خطيرة، كما أثارت الحادثة إدانة واستنكاراً دولياً.

أحمد مناصرة
أصيب الطفلان أحمد وحسن مناصرة بعد مطاردة المستوطنين الإسرائيليين وجيش الاحتلال لهما في مستوطنة "بزغات زئيف" شمال القدس المحتلة، في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، ما أدى إلى استشهاد حسن واعتقال أحمد بتهمة تنفيذ عملية طعن وإصابة مستوطن بجروح.



وكان انتشر مقطع فيديو يظهر اعتداء المستوطنين على الطفل أحمد مناصرة (14 عاماً)، بعد إصابته بجروح خطيرة، إلى جانب سبه وشتمه بألفاظ بذيئة.

كما اشتهر الطفل مناصرة برده على ضباط التحقيق الإسرائيليين بعبارة "مش متذكر"، التي تداولها ناشطون كثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي حينها.

وفي أغسطس (آب) الماضي، وافقت المحكمة الإسرائيلية العليا على تخفيض الحكم على الطفل الأسير أحمد مناصرة، ليصبح 9 سنوات ونصف بدل 12 عاماً، بعد أن أدين بمحاولتي قتل وبحيازة سكين.


عهد التميمي
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي عهد التميمي (17 عاماً)، والتي عرفت منذ طفولتها بمواقفها الشجاعة أمام الجنود المدججين بالسلاح، إلى جانب دفاعها عن والديها أثناء اعتقالاتهما المتكررة.



وشاركت عهد منذ عمر الرابعة مع والديها في العديد من المسيرات والمظاهرات رفضاً للسياسات التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد منطقتها، وأجري معها عدة مقابلات تلفزيونية، وظهرت في عدة فيديوهات في طفولتها المبكرة، كما ذكرت أنها تؤمن بما تفعل تماماً، وترى أن الخروج في المسيرات المناهضة للاحتلال حافزاً للناس للاستمرار في النضال من أجل حقهم المسلوب.

وقررت محكمة "عوفر" العسكرية غرب رام الله أمس الإثنين، تمديد اعتقال عهد، التي انتشر لها مقطع فيديو مؤخراً وهي تلطم جنود الاحتلال وتطردهم من ساحة منزلها في قرية النبي صالح قضاء مدينة رام الله، لمدة 4 أيام، زاعماً بأنها تشكل "خطراً على أمن الدولة"، وكان قوبل اعتقالها بموجة تضامن واسعة فلسطينياً وعالمياً.


هذه سلسلة من الأسماء، لا شك أطول مما ذكرنا بكثير، فهناك آلاف من الأطفال الذين ماتوا دون أن تراهم الكاميرا أو تتداول بطولاتهم وسائل الإعلام، وحتماً لن تقف هنا، لأن أطفال فلسطين أثبتوا دوماً وقبل الكبار أنهم لن ينسوا ولن يتهاونوا في الدفاع عن حقهم وكرامتهم.