متظاهرة إيرانية بين دخان قنابل دخانية أطلقتها الشرطة الإيرانية.(أرشيف)
متظاهرة إيرانية بين دخان قنابل دخانية أطلقتها الشرطة الإيرانية.(أرشيف)
الجمعة 5 يناير 2018 / 19:25

إيران تنتفض ... وماذا بعد؟

هذه الانتفاضة الصادقة المليئة بالغضب والتحدي مازالت بلا رأس، كما أنها مازالت بلا بيان أول يعلن ما هو المطلوب في اليوم التالي لسقوط النظام، ولهذا فإني أشعر بالخوف على هذه الشرارة، وأرى أن من الضروري أن تُرفد بالأوكسجين المتمثل بالمال والدعاية الإعلامية والسلاح

من الصعب التنبؤ بمصير الاحتجاجات الشعبية التي عمت مدن إيران خلال الاسبوع الماضي، ومن الصعب في الوقت ذاته إطلاق وصف انتفاضة عليها أو ثورة، ولكن من المؤكد أن الشارع الإيراني قد كسر حاجز الخوف بشكل يشبه ما جرى مع الشارع الإيراني عندما كسر حاجز الخوف والصمت على حكم الشاه محمد رضا بهلوي وعلى جهاز السافاك الإجرامي وقتذاك، ففي مثل هذه الحالة تبدأ الثورة بكسر الحاجز النفسي وهو حال الثورات على مر الزمن.

كل الظروف الموضوعية التي تفترض قيام ثورة جماهيرية ضد نظام الملالي في إيران موجودة وبدرجة ناضجة جداً، ولكن وبكل أسف إن ثورة ناجحة في بلد كبير وضخم مثل إيران لا تستطيع فيه الجماهير الغاضبة من القهر والفساد مراكمة ثورة شعبية مؤثرة وقادرة على التغيير دون روافع خارجية مهمة ونوعية، فعندما نعود إلى التاريخ ونعيد قراءة الثورة الشعبية على الشاه عام 1979 سنجد أن الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الشاه "مسيّسة" من اليوم الأول، وقد ساهم في ترتيب تنظيمها حزب "تودة" الشيوعي، والوطنيون الإيرانيون"، ومجاهدي خلق وبعض القوى المعارضة الأخرى من قوميات مثل الكرد والبلوشستان وغيرها، ولان كل تلك القوى لم تكن تعني القوى الدولية المعنية بالملف الإيراني في ذلك الوقت تم "بيع" الثورة للتيار الديني الشيعي ممثلاً بالخميني الذي رعته المخابرات الفرنسية والمخابرات الأمريكية حسبما ورد في الكتاب الهام والمميز للكاتب الإيراني ( احسان نراغي) المعنون "من بلاط الشاه إلى سجون الثورة ".

هذه الانتفاضة الصادقة المليئة بالغضب والتحدي مازالت بلا رأس، كما أنها مازالت بلا بيان أول يعلن ما هو المطلوب في اليوم التالي لسقوط النظام، ولهذا فإني أشعر بالخوف على هذه الشرارة، وأرى أن من الضروري أن تُرفد بالأوكسجين المتمثل بالمال والدعاية الإعلامية والسلاح لأن هذا النظام الدموي لن يسمح باستمرار الاحتجاجات، ولذا فإنه سيقدم على ارتكاب جرائم لإرهاب الناس وترويعهم لكسر شوكة هذه الهبة الجماهيرية مبكراً قبل أن تنمو وتتطور وتنتقل لمراحل أخطر.

إن فشل هذه الاحتجاجات بفعل الدعم الروسي لنظام الملالي على الأصعدة كافة، سوف يضعف إرادة التغيير لدى الشعوب الإيرانية، ولسوف يعطل لعقود قادمة مغامرة الثورة والتغيير في إيران.

خيارات عباس !
ما تقوم به حكومة نتانياهو من إجراءات تصعيدية يتم بالضرورة بتفاهم كامل مع إدارة ترامب، الإدارة الأكثر صهيونية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكي، وهذا التفاهم والتناغم بين واشنطن وتل أبيب هدفه خلق وقائع جديدة على الأرض تنهي تماماً إمكانية أي حل سياسي أو تسوية سياسية تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام أو حل الدولتين وتغلق آفاق التسوية للقضايا المطروحة على أجندة الحل النهائي، " فالقدس" أغلق ترامب النقاش حولها بإعلان اعتراف إدارته بأنها عاصمة أبدية وموحدة للكيان الإسرائيلي، وما يسعى اليه نتانياهو من رزمة التشريعات المعروضة على الكنيست الإسرائيلي هو استكمال إغلاق الطريق على أية حلول ممكنة في المستقبل وتحديداً مشروع قانون فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغزة، وذلك "لشرعنة" المستوطنات وشرعنة قضم الأرض، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف للسلطة الفلسطينية أن تتصدى لهذه الإجراءات؟

في الإجابة نقول إن السلطة الفلسطينية مازالت تمتلك عدداً من الأوراق التي تمكنها من مواجهة تلك الإجراءات، أهمها على الإطلاق الإنهاء الحقيقي للتنسيق الامني الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام انتفاضة جماهيرية ضد جيش الاحتلال وقواته في الضفة الغربية، أما الخيارات السياسية والدبلوماسية فهي كثيرة، ولكنها تصبح أكثر فاعلية حين تتخذ بالتزامن مع الانتفاضة التي ستعيد الوجه البشع لإسرائيل كدولة احتلال مارقة ومتمردة على الشرعية الدولية.

تزامن انطلاق الانتفاضة الفلسطينية مع الانتفاضة الإيرانية سيعطى صورة حقيقية للحالتين الإسرائيلية والإيرانية من حيث القمع والدموية والاستهتار بالقيم الإنسانية والمواثيق الدولية وبخاصة ما يتعلق منها بحقوق الإنسان .