الإثنين 15 يناير 2018 / 08:43

القيمة المضافة والتنمية

د. عبدالله محمد الشيبة- الاتحاد

شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة في الأول من شهر يناير الحالي في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، تنفيذاً لقرار مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذا الصدد، إذ اعتمدت دول المجلس تطبيق إطار موحد لضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% لدعم استدامة التدفقات المالية للحكومات في ظل العديد من التحديات الاقتصادية، من أبرزها الهبوط الواضح في أسعار النفط. والجدير بالذكر أن نسبة الـ 5% تُعد من أقل نسب ضريبة القيمة المضافة بين نحو 180 دولة تطبق نفس الضريبة.

وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة مركبة غير مباشرة تفرض على فارق سعر التكلفة وسعر المبيع للسلع، إذ يتم فرضها على تكلفة الإنتاج. وقد قام الفرنسي "موريس لوريه" بالدعوة لفرض تلك الضريبة، حيث قام بوضع قواعدها الرئيسية عام 1953، ثم ظهرت للمرة الأولى في السياسات الاقتصادية للدول في عام 1954. ويتلخص تعريف ضريبة القيمة المضافة التي يتم تطبيقها في كل مرحلة من مراحل الدورة الاقتصادية بأنها الفرق بين قيمة السلع المنتجة، وقيمة المواد التي دخلت في إنتاجها، وهو ما يعرف بالاستهلاك الوسيط في عملية الإنتاج.

وقد اهتمت دول العالم بتطوير الضرائب نظراً لأهميتها بما يتناسب والتطورات الاقتصادية العالمية. ولذلك تحتل الضرائب، ‬مرتبة ‬متميزة ‬في ‬الدراسات ‬المالية، لأنها ما ‬زالت ‬الوسيلة ‬الرئيسية ‬والمهمة ‬التي ‬تحقق ‬أهداف ‬الدولة ‬في ‬التنمية ‬الاقتصادية. ‬وتٌعتبر ‬الضرائب ‬أيضاً ‬إحدى ‬المصادر ‬الرئيسية ‬للتمويل، ‬والوسيلة ‬الناجعة ‬التي ‬تتمكن ‬الدولة ‬من ‬خلالها ‬من ‬التدخل ‬في ‬الحياة ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية ‬للشعب ‬لإعادة ‬تنظيم ‬العادات ‬الاستهلاكية ‬وتوجيه ‬عوائد ‬الضرائب ‬لطريق ‬التنمية ‬والتطوير.

ومن هنا جاء قرار حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً حول سُبل الاستفادة من الأموال التي يتم تحصيلها من ضريبة القيمة المضافة. فقد أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إقرار الحكومة توزيع عوائد ضريبة القيمة المُضافة في الدولة بحيث تحصل الحكومات المحلية على 70% من هذه العوائد بما يحقق خدمات محلية أفضل وتنمية مجتمعية أكبر ودعم أوسع مباشر لمواطني الدولة باستخدام هذه العوائد. وقال سموه أيضاً إن هدف الحكومة تحقيق دفعة كبيرة للمشاريع التنموية والخدمية المقدمة للمواطن، مؤكداً أن الحكومة ستكون شفافة حول طبيعة هذه المشاريع. كما أكد سموه على حزم الجهات الحكومية المعنية في فرض الرقابة على الأسواق لمنع رفع الأسعار في الوقت الذي سيستمر فيه التشاور مع المواطنين في كل ما يخدم مصلحتهم ويحقق العيش الكريم لهم ولأسرهم.

واستناداً للأرقام المنشورة مسبقاً، من المتوقع أن تبلغ إيرادات ضريبة القيمة المضافة في الدولة في العام الأول من 10 إلى 12 مليار درهم؛ أي من المتوقع تخصيص ما يقارب 7 إلى 8 مليارات درهم للحكومات المحلية. وبالتالي فإن توجيه 70% من عوائد تلك الضريبة لخطط التنمية للحكومات المحلية لأبلغ ترجمة واقعية للهدف الرئيسي من فرض الضرائب وهو تطوير المجتمعات. وبالتالي فإن الإمارات السبع ستحظى بنصيب عادل من عوائد ضريبة القيمة المضافة، مما سيُعزز من قدرة الجهات المعنية على التخطيط الاقتصادي الاستراتيجي السليم. ولذلك فمن المتوقع أن تقوم الحكومات المحلية بتوجيه تلك الإيرادات نحو تنفيذ مختلف الخطط والمشاريع التنموية التي تصب في مصلحة سعادة وتطور وأمن المواطن في مجالات التعليم والبنية التحتية والخدمات الصحية وغيرها.

وبناء عليه فإن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ما زالت تستمر في ضرب أروع الأمثلة في وضع ودعم وتنفيذ خطط التنمية بكل مجالاتها، وتسخير مقدرات الدولة لما فيه مصلحة المواطن واستقراره في كل بقاع الدولة بلا استثناء أو تفرقة، لتستمر مسيرة بناء وتطوير الدولة للأمام.