الخميس 18 يناير 2018 / 09:05

قطر صغيرة وضئيلة

هاني سالم مسهور- البيان

ستبقى قطر تشعر بحجمها الصغير جداً جداً جداً، وهذا الشعور يدفعها لافتعال أزمات بعد أخرى، لن تتوقف دويلة قطر من الاندفاع صوب الأعمال غير المسؤولة.

فتراجع الاقتصاد القطري وخسائر سوقها المالي يضع قيادتها في مأزق حقيقي يقودها لاختراق القانون الدولي للطيران المدني، اعتراض طائرتين إماراتيتين مدنيتين عمل غير مألوف عربياً ولم تعرف له شعوب الخليج العربي سابقة تذكر على مدى اختراع الطائرات، لم تعرف هذه الشعوب ما فعله النظام القطري إطلاقاً.

وهو النظام الذي يحاول سلخ الشعب القطري من هويته العربية، فمن أكثر ما يثير الأسئلة المتدافعة في أزمة قطر هي تلك التي تتعلق بهوية قطر وعروبتها، فهل يرى النظام الحاكم في قطر أن ارتماءه في أحضان الإيرانيين أو الأتراك هي مسألة تخضع كلياً للسيادة القطرية، فهل رؤية قطر بالتخلي عن دول جوارها العرب لصالح جارتها الشمالية الفارسية أمر مستحدث أم له جذور وشواهد سابقة دعت الأمير القطري إلى إثارة غضب جيرانه، ومن خلفهم دول عربية وشعوب استهجنت السلوك القطري.

يبدو القطريون كونهم نظاماً يعيشون ارتباكاً حقيقياً نتيجة ارتباطاتهم بأربعة محاور رئيسية ( محور إيران، محور تركيا، محور إسرائيل، محور "الإخوان")، المحاور الأربعة كلها ذات نزعة توسعية تعمل على إسقاط الأنظمة السياسية في ما حولها لتسيطر على الأرض والثروة، تهدف كل هذه المحاور في السنوات العشر الأخيرة تقريباً إلى زيادة نفوذها السياسي في البلدان العربية، الاستثناء الوحيد هو محور "الإخوان" الذي كان قد انتقل عملياً من رغبته في النفوذ إلى السيطرة على السلطة الحاكمة.

لا يمكن تجاهل أن الانقلاب الذي حدث في البيت القطري منتصف التسعينيات الميلادية من القرن العشرين الفائت حمل هذا النمط من الازدواج في النهج السياسي القطري، الخروج من دائرة الانتماء القومي العربي وحتى التملص من النسيج الخليجي مسألة لا تبدو مستساغة في سياق المنطق الذي يقول:

إن مكان قطر في نطاقها العربي وضمن نسيجها الاجتماعي والثقافي الخليجي، إذاً ما مسببات الاضطراب السياسي لدى السلطة الحاكمة في قطر، هل يمكن أن نعتبر السلوك القطري السياسي أنه (شذوذ سياسي)، نتيجة تراكمات ترى في أن المساحة الجغرافية لدولة قطر، والتي لا تتوافق مع ثرواتها المالية الضخمة سبب مباشر في الوقوع بهذا الشكل في محاور متضاربة المصالح متصارعة على النفوذ.

قطر التي استقلت في العام 1971م تعتبر من الدول الحديثة وذات مساحة صغيرة، وهذه ليست مسألة فيها استنقاص، بل إن قطر تعتبر من الدول الاقتصادية الصاعدة والتي نجحت في بناء شراكات اقتصادية مع أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، لكن هذا النجاح قابله شبكة واسعة تقاطعت مع الإرهابيين بداية من أفغانستان وتمددت في سوريا والعراق والتنظيمات الإسلامية المتشددة كحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن.

65 مليار دولار استثمرها النظام القطري في تمويل الثورات وشراء الذمم والولاءات خلال عقدين من الزمن، رقم هائل لو تم استثماره في مناحٍ أخرى لكان أنفع إلى أهل قطر ومستقبل أبنائهم، هدفت قطر من خلال تحالفاتها (الباطنية)، لتوسيع رقعة نفوذها السياسي والاقتصادي عبر استراتيجية تصدير الثورة الإيرانية، وتعميم الفكر الجهادي الحزبي الأممي (الإخواني).

تعتقد قطر أنها قادرة على السباحة في فلك غير الفلك العربي، وتعتقد أنها قادرة على اللعب بكل الخيوط السياسية على مدى زمني طويل، كما تراهن قطر على ما يمكن أن يوصف بأنه ابتزاز سياسي، من خلال التهديد بانتقالها إلى المحور الإيراني أو التركي، هنا يجب أن يقف حكام قطر ويضعوا في اعتبارهم أن انسلاخ الشعب القطري عن محيطه العربي والخليجي هو المحال بذاته، فهل تعي قيادة قطر مأزقها في الهوية والتاريخ ؟!