مشجعتان كوريتان في الألعاب الأولمبية في لندن عام 2012.(أرشيف)
مشجعتان كوريتان في الألعاب الأولمبية في لندن عام 2012.(أرشيف)
الخميس 18 يناير 2018 / 15:11

الألعاب الأولمبية في بايونشانغ لن تحقق مصالحة بين الكوريتين

مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018، والمتوقع إجراؤها بين التاابع من فبراير ( شباط) المقبل و25 منه في بايونشانغ، في كوريا الجنوبية، استأنف ممثلون عن الكوريتين محادثات مباشرة، علقت منذ عامين.

تجربة ألعاب سيؤول الصيفية لعام 1988، لم تؤد، ولحسن الحظ، لوقوع مأساة بشرية، ولكن ألعاب سيؤول تلك، كما كانت ألعاب ميونيخ، قد تقدم ما يعتبر حكاية تحذيرية لأولمبياد بيونشانج 2018

وقرر نظام كيم جونغ أون الانعزالي إرسال فريق إلى الألعاب. ومن جانبها، يتوقع أن تقترح كوريا الجنوبية توحيد الفريقين ضمن مسيرة ستجرى في الحفلين الافتتاحي والختامي للألعاب خلف "راية كورية" موحدة.

مجاملات
وكتب كلاي لارج، زميل بارز لدى معهد الدراسات الأوروبية لدى جامعة كاليفورنيا، في مجلة "فورين بوليسي"، أن تلك المجاملة تتطابق مع المثال الذي وضعه مؤسس الألعاب الأولمبية المعاصرة، الفرنسي بيير دي كوبيرتين. وقد توخى أن يكون مشروعه كعجلة تدفع نحو تحقيق سلام دولي وتفاهم عالمي.

تاريخ حقيقي

ولكن، بحسب لارج، عوضاً عن الادعاءات المنمقة التي أطلقها كوبيرتين وأمثاله، إن عدنا للتاريخ الحقيقي للألعاب الأوليمبية، تبدو الوعود الحالية بتحسين العلاقات الدولية وإجراء مصالحة داخلية كورية، مجرد أقوال فارغة. وكثيراً ما وجدت دول مشاركة في الأولمبياد فرصاً مثالية لإثبات سيادتها فوق مسرح دولي كبير.

حقائق مؤلمة
وتظهر لنا وقائع تاريخية بشأن وجود تناقض بين مثل وقيم الأولمبياد وحقائق مؤلمة منذ بداية الألعاب المعاصرة في أثينا في عام 1896. فقد جرت أولى الألعاب على خلفية صراع يوناني – تركي، وخلت تلك الألعاب من لاعبين أتراك. كما رفض رياضيون مجريون المشاركة كجزء من فريق امبراطوري نمسوي – مجري، فيما رفضت إيرلندا الظهور في صف واحد مع فريق إنغليزي ضمن فريق شارك باسم الإمبراطورية البريطانية. ومن ثم تمكن الوفد الألماني من المشاركة في اللحظة الأخيرة إثر انتهاء حرب فرنسية – ألمانية.

توترات
وكان البريطانيون والأمريكان في حالة خصام شديد إبان الألعاب الأولمبية في لندن لعام 1908. فقد رأى الأمريكيون في تلك المواجهة فرصة للمشاركة في استعراض لتحد أوسع للزعامة السياسية والاقتصادية البريطانية الأكبر حول العالم. وخلال حفل الافتتاح، تعمد أعضاء الفريق الأمريكي عدم خفض رايتهم عند مرورهم أمام الملك وزوجته. وحصلت صدامات بين مشجعي البلدين.

أيلول الأسود
وبرأي لارج، لا يمكن بالطبع نسيان ما جرى إبان الألعاب الأولمبية في ميونيخ عام 1972، عندما حصلت اشتباكات بين فريقي ألمانيا الغربية والشرقية، ونُفّذ هجوم من قبل تنظيم أيلول الأسود على فريق أولمبي إسرائيلي أدى لمقتل 11 لاعباً إسرائيلياً.

ويلفت الكاتب لاختيار جماعة أيلول الأسود للألعاب الأولمبية من أجل تنفيذ عمليتهم لأن تلك المناسبة وفرت أكبر مسرح عالمي ممكن للفت الأنظار لمأساة الشعب الفلسطيني. وعوضاً عنه، فاقمت "مجزرة ميونيخ" حالة العداء بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وساعدت على دفع دورة العنف والعنف المضاد التي ما زالت مستمرة حتى اليوم.

حكاية تحذيرية
ويقول لارج إن تجربة كوريا الجنوبية الوحيدة مع استضافة الأولمبياد، ألعاب سيؤول الصيفية لعام 1988، لم تؤد، ولحسن الحظ، لوقوع مأساة بشرية، ولكن ألعاب سيؤول تلك، كما كانت ألعاب ميونيخ، قد تقدم ما يعتبر حكاية تحذيرية لأولمبياد بيونشانج 2018.

وبحسب الكاتب، إن كان سجل الألعاب الأولمبية السابقة يعني أي شيء، فإن بيونشانج لن تحقق مصالحة حقيقية بين شطري شبه الجزيرة الكورية الشمالي والجنوبي، ولن تجعل العالم مكاناً أكثر تناغماً وسلاماً. وكما لم تمنع الألعاب الأولميبة لعام 1936 هتلر من إعادة التسلح والاستعداد للحرب، لن تقنع هذه الألعاب الكورية كيم جونغ أون بتدمير ترسانته النووية، وأقله التخلي عنها.