مقاتلون مؤيدون لروسيا يقفون على دبابة أوكرانيا غنموها في شرق أوكرانيا.(أرشيف)
مقاتلون مؤيدون لروسيا يقفون على دبابة أوكرانيا غنموها في شرق أوكرانيا.(أرشيف)
الجمعة 19 يناير 2018 / 13:44

بعد سوريا... أين ستقاتل جيوش بوتين السرية؟

كشف الكاتب أوين ماثيوز، في تقرير تحليلي مطول بمجلة نيوزويك "الأمريكية"، عن الجيوش العسكرية السرية التي يستخدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتوسيع نفوذ روسيا في سوريا وشرق أوكرانيا.

العلاقة الوثيقة بين الجيش الروسي والشركات العسكرية الخاصة السرية أو "المرتزقة" يسمح للكرملين بنشرهم كجنود سريين في أماكن لا يستطيع الجيش الروسي الذهاب إليها رسمياً، فيكونون أداة مثالية للكرملين في الحرب الهجينة

وعلى الرغم من أن استخدام المرتزقة يُعد غير قانوني بموجب القانون الروسي، فإن موسكو استخدمت الجنود المرتزقة من خلال تعاقدات مع شركات عسكرية خاصة منذ تسعينيات القرن العشرين باعتبارهم وكلاء سريين للتدخلات العسكرية الروسية في الخارج، وخلال السنوات الأربع الماضية، عمد بوتين إلى زيادة التعاقدات مع القوات السرية بشكل كبير والتي باتت جزءاً حاسماً في سياسته الخارجية لتوسيع نفوذه في الشرق الأوسط وشرق أوكرانيا.

مغامرات الكرملين الجيوسياسية

ويوضح تقرير "نيوزويك" أنه مع اندلاع الحرب في شرق أوكرانيا في صيف 2014، بدأت الاستخبارات العسكرية الروسية في إرسال الجنود السريين أو "المرتزقة" للقتال شرق أوكرانيا، وسرعان ما أصبحوا عنصراً رئيسياً في مغامرات الكرملين الجيوسياسية سواء في أوكرانيا أو حتى في سوريا، وبخاصة لأن الاستعانة بالقوات السرية تتيح للكرملين الادعاء بأنه غير متورط رسمياً في حرب أوكرانيا وكذلك لا يضطر الكرملين إلى الإعلان عن الخسائر في الأرواح ووقوع إصابات في تورطه المعلن في الحرب بسوريا من أجل الحفاظ على دعم وتأييد الشعب الروسي.

ويلفت التقرير إلى أن العلاقة ما بين الجيش الروسي والشركات العسكرية الخاصة (التي تعمل سراً في سوريا وأوكرانيا) لا تزال غير واضحة، ولكن الكرملين لم يخجل من تكريم كبار مسؤولي الشركات السرية للمرتزقة لخدماتهم المشرفة للوطن، وفي الوقت نفسه توجد صلات واضحة بين الكرملين والكولونيل الروسي المتقاعد ديمتري أوتكين مؤسس شركة واغنر الروسية (المورد الرئيسي للقوات الروسية السرية في سوريا وأوكرانيا). وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، بات أوتكين أكثر شخصية معروفة في العالم الغامض لشركات المقاولات العسكرية السرية الروسية، ولاعباً أساسيا في الانتشار العسكري لبلاده، ولكن جنود أوتكين الذين يُطلق عليهم "قوات واغنر" ليست لديهم أي علاقة رسمية مباشرة مع وزارة الدفاع الروسية، رغم أنهم "وكلاء مباشرون لروسيا".

قوات واغنر

ويشير التقرير إلى أن قوات واغنر شاركت في إسقاط طائرة أوكرانية في مطار لوغانسك الدولي خلال عام 2014، كما ساعدت الكرملين على اغتيال قادة المتمردين الذين رفضوا تنفيذ الأوامر، ولكن قوات واغنر برزت بشكل كبير مع التدخل الرسمي لروسيا في الحرب السورية في سبتمبر (أيلول) عام 2015؛ إذ قامت بإرسال قرابة 3000 مجند من قواتها إلى سوريا في الفترة ما بين عامي 2015 و2017، وهو ما يعادل تقريباً العدد الرسمي للقوات العسكرية الروسية (4000 من القوات النظامية والجنود الذين خدموا هناك). وقادت قوات واغنر معارك إستراتيجية منها إستعادة مدينة تدمر من داعش، وكانت قوات واغنر تقاتل على الخطوط الأمامية وساعدت على تحويل الحرب لصالح الرئيس السوري بشار الأسد.

طموحات الكرملين
وبحسب تقرير "نيوزويك"، يرى بعض المحللين أن العلاقة الوثيقة بين الجيش الروسي والشركات العسكرية الخاصة السرية أو "المرتزقة" يسمح للكرملين بنشرهم كجنود سريين في أماكن لا يستطيع الجيش الروسي الذهاب إليها رسمياً، فيكونون أداة مثالية للكرملين في الحرب الهجينة؛ إذ يحشد قوات سرية من المرتزقة والشركات الخاصة لتحقيق أهداف الدولة وشن الحروب في الخارج.

ويختتم التقرير قائلاً: "لقد أعاد التدخل الروسي في سوريا طموحات الكرملين في أن يكون وسيطاً للسلطة في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه توفر الجيوش السرية لروسيا وسيلة مثالية لإسقاط الأنظمة الحاكمة من دون مشاركة رسمية من جانب الكرملين، وقد ثبت أن قوات واغنر ذات فائدة كبيرة ولديها تنظيم جيد، والآن مع انتهاء التورط العسكري الروسي في سوريا، يتساءل الكثيرون عن المحطة التالية التي سوف يرسل إليها بوتين جيوشه الخاصة.