تعزيزات تركية على الحدود مع سوريا.(أرشيف)
تعزيزات تركية على الحدود مع سوريا.(أرشيف)
الإثنين 22 يناير 2018 / 12:00

هل وصل التحالف بين أمريكا وتركيا إلى نقطة اللاعودة؟

كتب تيد غالين كاربنتر، زميل بارز في قسم دراسات السياسة الخارجية والدفاعية لدى معهد "كاتو"، ومحرر في مجلة "ناشونال إنترست"، أن من أهم ما تتوقعه الولايات المتحدة من حليف لها، هو أن يعتمد سياسات تتسق مع أهداف السياسة الخارجية الأمريكية. ونظراً لأنها تعتبر نفسها دولة رائدة للديمقراطية والحرية، فمن المفترض بحليف لها أن يجسد تلك القيم أيضاً.

في ظل قيادة أردوغان، لم يعد بالإمكان اعتبار تركيا عضواً شرعياً لا ضمن تحالف ديمقراطي، ولا كشريك أمني جدير بالثقة

ولكن، عند التدقيق في سجل واشنطن، ثمة ما يدعو للدهشة في إبقاء كل من إدارتي أوباما وترامب على علاقات وثيقة مع تركيا، رغم تفكيك رئيسها، رجب طيب أردوغان، وبصورة متعمدة، مؤسسات علمانية وديمقراطية تركية. وربما يعاني مسؤولون أمريكيون من حالة إرباك عندما يجسد عضو في الناتو، نظاماَ ديكتاتورياً، يعتقل معارضين سياسيين وصحفيين مستقلين.

سلوك دولي
ومع ذلك، يلفت كاربنتر إلى أن تجاوزات أردوغان الداخلية لا يبدو أنها كافية لتنفير صناع السياسة الأمريكية منه، فطالما لم تعمل تركيا على تقويض أهداف واشنطن، يغض زعماء أمريكا الطرف عن أخطائه. ولكن سلوك أنقره الدولي بات يهدد اليوم أسس ما يجعل من تركيا حليفاً للولايات المتحدة.

تطورات

وبرأي الكاتب، كانت المواقف حيال مقاتلين أكراد في سوريا، من أبرز النقاط التي تضادمت عندها الأهداف التركية والأمريكية. وقد أدت الخلافات بين واشنطن وأنقره لنتائج سلبية. فالقادة الأمريكيون يعتبرون الأكراد حلفاء مفيدين في الحرب ضد داعش ومتطرفين إسلاميين آخرين. وحتى رغم تكبد داعش خسائر كبيرة في سوريا خلال العام الماضي، ما زالت واشنطن تعتقد أن التنظيم يشكل خطراً كبيراً في الداخل السوري، وفي الشرق الأوسط عامة، وهو ما جعل وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، يؤكد أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا والعراق، بغض النظر عن رغبات أي من الحكومتين.
  
تهديد
لكن، وكما يشير كاربنتر، تجد أنقرة في طموحات كردية بإقامة دولة مستقلة في كلا البلدين بمثابة تهديد فتاك لوحدة الأراضي التركية. ولذلك شددت أنقرة مؤخراً من ضغوطها على واشنطن كي توقف تسليحها لأكراد سوريين، إلى أن استجابت إدارة ترامب، على مضض، وأعلنت تلبية المطلب التركي.

ولكن يبدو أن ذلك التنازل لم يكن كافياً لإرضاء أردوغان. فقد أعلن في منتصف يناير ( كانون الثاني) عن نيته لإطلاق هجوم واسع النطاق داخل مناطق كردية في سوريا. وقد بدأ هجومه بالفعل.

جفاء
ويشير الكاتب إلى أن الخلافات بشأن السياسة التركية لا تشكل المؤشرات الوحيدة على الجفاء بين حليفين في الناتو. فقد سعى أردوغان، منذ أكثر من عام، لتحقيق تقارب مع روسيا. وقد أثمرت مصالحة بين تركيا وروسيا لتوقيع صفقة لشراء منظومة صواريخ روسية من طراز S-400 . وقد أزعج ذلك التطور الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو، لأن الاتفاق يجسد تطور التعاون العسكري بين تركيا وروسيا، فضلاًِ عن توقيع الحكومتين ( إلى جانب إيران) اتفاقاً للتنقيب عن النفط والغاز، ومد خط أنابيب لنقل الغاز يمر عبر البحر الأسود، ويتجاوز أوكرانيا.
  
سلوك أردوغان
وبرأي كاربنتر، فإن سلوك نظام أردوغان المارق على الساحة الخارجية، علاوة على سياساته القمعية الداخلية، يوشك أن يجعل من المستحيل تبرير الإبقاء على علاقات أمريكا الأمنية مع أنقرة سواء بشكل ثنائي أو ضمن حلف الناتو. وكخطوة أولى تجاه تبني موقف جديد أكثر واقعية، يفترض بواشنطن أن تطالب، على الأقل، بتعليق عضوية تركيا في الناتو.

ويختم الكاتب رأيه بالإشارة إلى أنه في ظل قيادة أردوغان، لم يعد بالإمكان اعتبار تركيا عضواً شرعياً لا ضمن تحالف ديمقراطي، ولا كشريك أمني جدير بالثقة.