الهلال الأحمر الإماراتي يوزع مساعدات مدرسية لأطفال اليمن.(أرشيف)
الهلال الأحمر الإماراتي يوزع مساعدات مدرسية لأطفال اليمن.(أرشيف)
الأحد 28 يناير 2018 / 19:37

حساء الحجارة

من يشاهد قوات التحالف العربي بين جبال اليمن، ربما يسخر في قرارة نفسه من طبخة لا يرجى من وراء نارها إلا حساء الحجارة. لكن الأهداف السامية، والنية الصادقة، والجهود المخلصة، والتضحيات الغالية سوف تجعل من حساء الحجارة نظرية قابلة للتطبيق

غرابة الاسم تزول حين نعرف أنه ليس وجبة للأكل، بل هو وصفة للتغيير. القصة مستمدة من تراث الشعوب، فهي موجودة في التراث العربي، وتنسب –كالعادة- إلى جحا، وموجودة في التراث العالمي، وعليها استند الكاتب "بيل ليو" في أن يضع كتابه الذي أسماه: "حساء الحجارة: الوصفة السرية لصنع شيء من لا شيء" ثم يصنع من الكتاب نظرية يلهم بها الناس على التغيير وإن صعب عليهم الاستدلال على مقومات التغيير.

ملخص القصة أن عابري سبيل مروا على قرية واستضافوا أهلها، فلم يخرج لهم أحد، ولم يُفتح لهم باب. فأوقدوا ناراً في ساحة القرية، وطرقوا أقرب باب طالبين من صاحب الدار قدراً مع وعد بأن يذوق معهم حساء الحجارة. ولأنه لم يسمع بحساء الحجارة، فقد جاء ووقف معهم طامعاً به. وبالطريقة التي حصل بها المسافرون على القدر حصلوا أيضاً على الماء، والزيت، والخضروات واللحم من بقية السكان الذين قدموا ما لديهم آملين أن يذوقوا حساء الحجارة!! وفي النهاية قدموا لهم وجبة تشاركوا جميعاً في إعدادها، وتشاركوا جميعاً في الجلوس على طاولة واحدة أشعرتهم بأهمية المشاركة، وفهموا في النهاية مغزى حساء الحجارة، بعد أن كانوا ساخرين أو محاربين أو معاندين.

تطور الفكر البشري جعل من هذه الحكاية التي كانت تنتهي وهي توجه إلى فضيلة الدهاء والذكاء والحيلة، لتكون الفضائل أعمق وأكثر، ولتكون هذه القصة نظرية في الإدارة والتغيير الذكي.

والعبرة ليست ذاتية فحسب، أو مجتمعية في نطاق محدود، بل تحمل من الإسقاطات ما يمكن أن يعطي لها أبعادها الإنسانية ويجعل حياة البشر أفضل، وعلاقاتهم أصدق، وأفكارهم أعمق.

من يشاهد قوات التحالف العربي بين جبال اليمن، ربما يسخر في قرارة نفسه من طبخة لا يرجى من وراء نارها إلا حساء الحجارة. لكن الأهداف السامية، والنية الصادقة، والجهود المخلصة، والتضحيات الغالية سوف تجعل من حساء الحجارة نظرية قابلة للتطبيق. وسوف يعلم من رفض أو شكك أن الخير كان أمامهم لكنهم لم يكونوا يبصرون.

يشعر بهذا من رأى تلك الصور المعبرة لثلة من أطفال اليمن الذي جندهم الحوثي لقتال قوات الشرعية ثم وقعوا في أسر قوات التحالف الذي أحسن إلى طفولتهم، وأعادهم إلى أهليهم محملين بالهدايا والفكر الراقي.

يشعر بهذا من يرى قوافل خير الإمارات وهي تفتتح المدارس وتدعم كل جهد تنموي يجعل أهل اليمن يذوقون خيراتهم التي لم تستثمر، ويدركون أن الخير موجود لكنه كان يحتاج فكراً إدارياً راقياً. وهذا ما تفعله دولة الإمارات مع شقيقاتها في الوطن العربي، إنه النموذج الإماراتي الفريد من نوعه، إنه يسري في شريان الأمة "بالقوة الناعمة".