الخميس 8 فبراير 2018 / 21:41

تركيا تجنّد داعش لضرب عفرين.. وتدربه على تغيير تكتيكه

كتب الصحافي باتريك كوكبيرن أن تركيا تجند مقاتلي داعش في الهجوم الذي تشنه على عفرين، ونقل عن مقاتل سابق في التنظيم الإرهابيّ أن "معظم الذين يقاتلون في المنطقة ضد وحدات حماية الشعب هم من التنظيم الإرهابي".

يساعد تجنيد مقاتلين سابقين في التنظيم على مدّ المهاجمين بالخبرة إضافة إلى أنّ الخسائر الثقيلة ستكون من نصيب هؤلاء المقاتلين عوض أن يكونوا من الجنود الأتراك

وقال فرج 32 عاماً، المقاتل السابق الذي ينحدر من شمال شرق سوريا والمحتفظ بتواصل وثيق مع التنظيم الإرهابي، أنّ تركيا درّبت هؤلاء على تغيير تكتيكات هجماتهم.

يشرح فرج من خلال اتصال هاتفي مع الإندبندنت أن "تركيا حاولت في بداية عمليتها إيهام الناس بالقول إنها تحارب داعش، لكنها في الواقع تدرب أعضاء داعش وترسلهم إلى عفرين".

وشنّ ما يقارب 6000 جندي تركي و 10 آلاف عنصر من الجيش السوري الحر هجوماً في 20 يناير(كانون الثاني) بهدف إخراج وحدات حماية الشعب من عفرين. إنّ معظم المنتمين إلى الجيش الحر المنخرطين في عملية غصن الزيتون التركية كانوا حتى الأمس القريب أعضاء في تنظيم داعش. ويشير كوكبيرن إلى أنّ بعض المقاتلين المتقدمين باتجاه عفرين يعبّرون علناً عن انتمائهم إلى القاعدة وفروعها.

ونقلت الصحيفة شريط فيديو متداول على الشبكة العنكبوتية لجهادي ينشد أخباراً عن معاركه السابقة في غروزني (الشيشان) وداغستان (شمال القوقاز) وتورا بورا(أفغانستان) وصولاً إلى عفرين التي "تناديهم" الآن.

يحاول إعادة بناء نفسه
عانى داعش من خسائر ثقيلة السنة الماضية بعدما خسر الموصل والرقة وقُتل أو تبدد معظم مقاتليه وقادته ذوي الخبرة، لكنه أظهر مؤشرات على محاولة إعادة بناء نفسه في سوريا والعراق خلال الشهرين الماضيين، عبر اغتيال معارضين محليين وإطلاق هجمات مباغتة ضدّ مناطق غير محصّنة بشكل جيّد.

ويضيف الكاتب أن مقاتلي داعش ينضمون إلى الغزو التركي لأنهم يتعرضون للضغط من قبل السلطات التركية. فمن وجهة نظر أنقرة، يساعد تجنيد مقاتلين سابقين في التنظيم على مد المهاجمين بالخبرة إضافة إلى أن الخسائر الثقيلة ستكون من نصيب هؤلاء المقاتلين عوض أن يكونوا من الجنود الأتراك.

تخوف تركي من فضح العلاقة
يشرح كوكبيرن أنّ لداعش وتركيا أهدافاً يسعيان لتحقيقها من خلال استغلال بعضهما البعض. يقول فرج للصحيفة إنه لا يحب وحدات حماية الشعب لكنه يشكك في النوايا التركية لأن أنقرة تحاول أن تتلاعب بداعش وتستخدمه حتى يحقق أهدافها وبعدها تقوم بالتخلّص منه. من جهة ثانية، تعلم تركيا أنّ تجنيدها لمقاتلين من داعش ليهاجموا عفرين حتى ولو تحت تصنيف الجيش الحر سيواجَه بانتقادات دولية.

ويقول فرج إن القادة الأتراك لم يشجعوا داعش على استخدام هجماتهم التكيتيكية التقليدية التي تركز على الانتحاريين أو السيارات المفخخة لأنّ ذلك سيجعل التعاون بين الطرفين مكشوفاً. ثم ذكر أن ضابطاً تركيا أخبر فصيلا من الجيش الحر: "نترك الهجمات التركية ليشنها، حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب حتى يقتنع العالم أنهم إرهابيون".

تفضيل داعش على الأكراد

ارتبطت تركيا بعلاقات متباينة مع المجموعات الجهادية منذ المراحل الأولى للنزاع السوري سنة 2011. في البداية، سمحت للمقاتلين المتطرفين والإمدادات العسكرية بعبور حدودها تجاه الأراضي السورية. ومع أنّ هذا التساهل تراجع بعد سقوط الموصل في يونيو(حزيران) 2014، أوضحت تركيا عبر سلوكها خلال حصار كوباني أنها كانت تفضل لو انتصر داعش في المدينة بدل أن تذهب إلى وحدات حماية الشعب.

ومع تقدم الوحدات بعد كوباني مدعومة من القوة الجوية الأمريكية، حاولت أنقرة أن تقوض دولة أمر واقع فرضها الأكراد في سوريا تحت حماية أمريكية.

والولايات المتحدة هي في موقف صعب، إذ إنّ الوحدات هي التي أمنت المقاتلين على الأرض لهزيمة داعش في العديد من المعارك. وكان ترامب قد اعترف في خطاب حال الاتحاد بأنه لولا هؤلاء المقاتلون لما كان هنالك من انتصار ضدّ داعش.

لكن الوحدات تواجه الآن مقاتلي داعش أنفسهم الذين اشتبكت معهم خلال السنوات الأربع الماضية. ولن يبدو الوضع مريحاً للأمريكيين إذا تخلوا عنهم الآن فقط لأنهم لا يريدون مواجهة مع تركيا.

موقف عسكري غير مريح
قد تكون هكذا مواجهة قريبة جداً بعدما هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع العملية العسكرية لتشمل منبج التي حررتها الوحدات من داعش سنة 2016 بعد حصار طويل. وأشار أردوغان إلى أنّ الأمريكيين "يقولون لنا، لا تأتوا إلى منبج. سنذهب إلى منبج ونسلّم هذه المناطق إلى أصحابها الحقيقيّين".

وأضاف كوكبيرن أن تركيا ليست في موقف عسكري قوي جداً بعد ثلاثة أسابيع تقريباً على دخولها عفرين. لا يمكن لتركيا أن تربح إلّا من خلال قصف شامل على مدار الساعة، وهي لا تستطيع تنفيذه من دون موافقة روسية لا يرجح الكاتب حصول أنقرة عليها. ولو قررت تركيا توسيع هجماتها فستحتاج إلى مزيد من الجنود بما يوفّر فرصة لداعش كي ينضمّ إلى حرب جديدة.