خراب في إدلب.(رشيف)
خراب في إدلب.(رشيف)
الجمعة 9 فبراير 2018 / 14:02

بعد سبع سنوات من الحرب الوحشية.. لا فائزين في سوريا

على الرغم من استمرار الصراع العراقي الطائفي الوحشي بسوريا قرابة سبع سنوات، فإن اهتمام العالم بدأ يتأرجح بعيداً عن الحرب، إذ يرى البعض أنها انتهت، ولكن الكاتب ديفيد غاردنر، كتب في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن الحرب السورية لم تنته بعد، وأن الجميع خاسرون.

بوتين استخدم سوريا كنقطة انطلاق لعودة موسكو كقوة عالمية بعد تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة، لكن آفاق وجودها في سوريا لا تبدو وردية

ويشير غاردنر إلى أن الشعب السوري هو أكبر الخاسرين في هذا الصراع؛ حيث تفيد التقديرات بمقتل حوالي نصف مليون سوري فضلاً عن نزوح أكثر من 11 مليون نسمة (أي نصف السكان البالغ عددهم قبل الحرب 23 مليون نسمة)، ولا تزال أعداد القتلى والنازحين في صعود مستمر بسبب استمرار قصف نظام بشار الأسد للمستشفيات والأسواق في إدلب بالشمال الغربي لسوريا، إضافة إلى استخدام غاز الكلور ضد المعارضة في الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق.

المعارضة ثاني أكبر الخاسرين

ويعتبر غاردنر أن قوات المعارضة هي ثاني أكبر الخاسرين، فقد تحولت الانتفاضة المدنية التي بدأت قبل سبع سنوات بشكل سريع إلى حرب أهلية بمجرد أن قرر الديكتاتور بشار الأسد تحويلها إلى بركة من الدماء، وفي الوقت نفسه تحولت حركة الانتفاضة، التي جمعت في بدايتها أغلب الطوائف الدينية للمجتمع السوري، إلى تمرد سني، وبخاصة بعدما عمد الأسد إلى تأجيج الصراع الطائفي.

وبمرور الوقت، سيطر الجهاديون السلفيون على تيار المعارضة. وللأسف ساعدت الولايات المتحدة ودول أوروبا على حدوث هذا التحول من خلال رفض تسليح المعارضة المعتدلة بالوسائل اللازمة للإطاحة بنظام الأسد، واعتمد الغرب على مصادر خارجية مثل قطر وتركيا لدعم المعارضة، وأسفر ذلك عن خلق فراغ ملأته الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة.

الأسد تحت الوصاية

ويشير غاردنر إلى أن نظام الأسد، الذي كان على وشك الانهيار مرات عدة، أنقذ بسبب التدخل العسكري الروسي (الجوي والبري) إلى جانب القوات البرية والميليشيات الشيعية التي وفرتها إيران. وعلى رغم أن الرئيس السوري بشار الأسد يبدو فائزاً فإنه لا يزال تحت وصاية قوتين: روسيا وإيران، ويرأس دولة "عاجزة" مقسمة بسن عصابات شبه عسكرية وجيوش خاصة، والواقع أن نفوذه محدود حتى مع هزيمة داعش.

ومن الناحية الظاهرية يبدو أن الأكراد السوريين (الأقلية السورية) استفادوا من الفوضى، حيث استولت وحدات الشعب الكردية على ربع البلاد تقريباً، بدعم من القوات الجوية الأمريكية لمحاربة داعش، ولكن تركيا تدخلت بغزو عفرين في الجزء الغربي من المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد؛ من أجل إحباط طموح الأكراد في بناء منطقة للحكم الذاتي في شمال سوريا، وذلك خشية من إشعال التمرد الكردي في جنوب شرق تركيا.

ويوضح غاردنر أن الأكراد السوريين ربما يبالغون في تقدير مدى استعداد إدارة ترامب لدعم طموحاتهم؛ حيث تفتقر الولايات المتحدة إلى وجود سياسة متماسكة إزاء سوريا. ومنذ النتائج الكارثية لغزو العراق في 2003، فقد فقدت الولايات المتحدة معظم قدرتها على تشكيل الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.

تركيا ليست فائزة
أما تركيا، التي يستعرض رئيسها رجب طيب أردوغان قدرته على التدخل العسكري في سوريا، فلا يمكن اعتبارها فائزة، بحسب غاردنر، وبخاصة لأن أردوغان بدا "مرتبكا" حيث كان يستهدف بالأساس الإطاحة بنظام الأسد واستبداله بنظام آخر بقيادة الأخوان المسلمين. وفي سبيل تحقيق ذلك، حولت أنقرة تركيا إلى منشأة لمساعدة متطوعي المعارضة وهو ما أتاح الفرصة للجهاديين لترسيخ جذورهم. ويصب التدخل العسكري التركي بشمال غرب سوريا في صالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ حيث أن روسيا تسيطر على هذا المجال الجوي.

ويلفت غاردنر إلى أن بوتين استخدم سوريا كنقطة انطلاق لعودة موسكو كقوة عالمية بعد تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة. وفي حين أن هذا الأمر يشكل فوزاً لروسيا، فإن آفاق وجودها في سوريا لا تبدو وردية. وخلال الأسبوع الماضي، أسقطت القوات المرتبطة بتنظيم القاعدة في إدلب طائرة حربية روسية. وفي ما يتعلق بالقوات البرية، ينبغي على موسكو الاعتماد على الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية المدعومة من إيران.

الهلال الشيعي
وقبل أكثر من أسبوع، استضافت روسيا قمة سورية في سوتشي، ولكنها لم تحقق شيئاً إزاء تشكيل مرحلة انتقالية من الحرب، والتي من دونها سيكون من الصعب إعادة بناء سوريا؛ حيث يرفض الاتحاد الأوروبي المشاركة في العملية من دون التوصل إلى تسوية سياسية والاتفاق على مصير الأسد.

وبحسب غاردنر تبدو إيران الفائزة في هذا الصراع، وبخاصة في ظل إستراتيجيتها الواضحة لتثبيت محور الشيعة من خلال العراق وسوريا إلى لبنان والبحر المتوسط، ومن خلال قوات الحرس الثوري الإيراني، المنتشرة داخل إيران وخارجها، وجعلت إيران المنطقة "شبة عسكرية" لصالحها، بيد أنها أيضاً خسرت الفرصة لجعل جيرانها يشعرون بالراحة إزاء صعودها كقوة إقليمية، فضلاً عن تصاعد الخلاف مع السعودية والدول العربية السنية.
ويختتم غاردنر بالتأكيد على أنه من الصعب تحديد أي فائز في كابوس الحرب الأهلية السورية البائسة التي لا يستفيد منها سوى أمراء الحرب والجهاديين.