رجل يسعف طفلاً أصيب بالقصف على الغوطة.(أف ب)
رجل يسعف طفلاً أصيب بالقصف على الغوطة.(أف ب)
الأربعاء 21 فبراير 2018 / 13:13

مذبحة الغوطة الشرقية...العالم يتجاهل سريبرنيتتشا أخرى

24- زياد الأشقر

تناول سيمون تسيدال في صحيفة "غارديان" البريطانية القصف المدمر الذي تتعرض له الغوطة الشرقية من قصف من القوات التابعة لنظام بشار الأسد، قائلاً إنه مع كل طفل يموت، ومع كل وحشية تفلت من العقاب تقترب الغوطة الشرقية من وصف أطلقه مرة كوفي أنان على سريبرنيتشا في البوسنة، بأنها أسوأ جريمة ترتكب على الأرض الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945، مضيفاً أن الغوطة الشرقية تتحول إلى سريبرنيتشا.

مجدداً يقتل المدنيون وبينهم أعداد كبيرة من الأطفال. ومجدداً ترفض القوى الغربية، التي تنشر قوات في سوريا، التدخل

وعلى غرار الجيب البوسني المسلم عام 1995، فإن الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق، تخضع للحصار منذ المراحل الأولى للحرب السورية. وقد أخفقت سنوات من الاستنزاف في طرد فصائل الثوار التي تسيطر عليها. وكما كان الحال في سربرينتشا، فإن إمدادات الغذاء والدواء قد تم قطعها. وفي عام 1993 أعلنت الأمم المتحدة سريبرنيتشا "منطقة آمنة". والعام الماضي، أعلن الروس الغوطة الشرقية منطقة "خفض تصعيد" جزءاً من عملية أستانة الفاشلة. وكما كان الوضع في البوسنة، لم يحاول أحد حماية السكان عندما بدأ هجوم النظام في ديسمبر عقب إخفاق المفاوضات. إن الغارات الجوية تتسبب الآن بسقوط أعداد مرعبة من الضحايا، وهي تُشن متمتعة بالحصانة من قبل النظام وداعميه الروس.

توسل هدنة إنسانية

وأشار إلى أن الأمم المتحدة توسلت إلى الإئتلاف المؤيد للأسد، الذي يشمل أيضاً ميليشيات تقودها إيران، كي يوافق على هدنة إنسانية فورية. وقد تم تجاهل هذا النداء. كذلك ذهبت أدراج الرياح مناشدة من منظمات الإغاثة. وينصب اهتمام القوى الكبرى-الولايات المتحدة وروسيا- واللاعبين الإقليميين، مثل تركيا، على لعبة استراتيجية كبرى تجري على جثث نصف مليون من السوريين، ذلك أن أنظارهم تتجه إلى السيطرة المستقبلية لبلد جرى تقسيمه لمناطق نفوذ.

كبح جموح إيران
وبالنسبة إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعني هذا كبح جموح إيران عن بناء "جسر بري" من هرات في أفغانستان إلى وادي البقاع في لبنان. وبالنسبة إلى الأتراك فإن الأمور كلها تتمحور حول سحق الكراد. وبالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المسألة تعني القوة. لكن بالنسبة إلى سكان الغوطة الشرقية، فإن المسألة هي البقاء. وقد قتلت أعداد كبيرة في الساعات ال36 الماضية لتتجاوز أيه أعداد أخرى سقطت في هذه المنطقة منذ 2011، عندما بدأت الحرب. ولقي مئة شخص مصرعهم وجرح 500 وتعرضت خمس مستشفيات للقصف. إن العنف لا يرحم وبلغ وحشية لا يمكن احتمالها.

جرائم ضد الإنسانية
وذكّر الكاتب بمقتل نحو 8 آلاف رجل وطفل في بضعة أيام في سريبرنيتشا، وأُرغم ما بين 25 و30 ألف امرأة بوسنية على النزوح وتعرضن لمعاملة سيئة. وقررت المحكمة الجنائية ليوغوسلافيا السابقة في وقت لاحق أن هذه الجرائم ترقى لجرائم ضد الإنسانية. ووقتذاك، وقف العالم متفرجاً على جنرال صرب البوسنة راتكو ميلاديتش وهو يُطبق على الجيب المسلم متجاوزاً قوات حفظ السلام الهولندية. وكانت الأسرة الدولية تعلم جيداً ما في استطاعة ملاديتش فعله. لكنها أشاحت بوجهها.

ولفت إلى أن محنة الغوطة الشرقية التي شهدت هجوماً بالأسلحة الكيميائية عام 2013، هي أبطأ لكن تم تجاهلها على نحو مشابه. ومجدداً يقتل المدنيون وبينهم أعداد كبيرة من الأطفال.

 ومجدداً ترفض القوى الغربية، التي تنشر قوات في سوريا، التدخل. ومجدداً تقف الأمم المتحدة عاجزة، ومجلس الأمن معطل بالفيتوات الروسية.