الزعماء العرب في القمة العربية في الظهران                                                                                                                                                                           (أرشيف)
الزعماء العرب في القمة العربية في الظهران (أرشيف)
الخميس 19 أبريل 2018 / 20:21

قمة توازن الخطاب

منذ وصل الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وأغرق العالم بوعوده ومواقفه الخارجة بمعظمها عن المألوف الأمريكي، تشوش العالم العربي كثيراً، وفتح الباب على مصراعيه لمقولات أثارت شكوكاً لدى الملايين العربية، حول الاتجاه الذي تغير بصورة جذرية.

مبادرة خادم الحرمين الشريفين بتسمية القمة التي انعقدت في الظهران بقمة القدس، حملت مدلولاً طمأن الفلسطينيين والعرب والمسلمين إلى الموقف من واحدة من أهم العواصم الروحية في العالم، والتأكيد على إدانة الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل

وظهرت مقولة أن الدول العربية النافذة غيرت القواعد الثابتة في الموقف من إسرائيل، ووجد من يروج لفكرة أنّ العرب تحولوا من عدو لإسرائيل الى صديق وحتى حليف، وقد وقع هذا القول على الفلسطينيين تحديداً وقع كارثة ألّمت بالمصير.

كان بنيامين نتانياهو هو المروج الأول والأفعل لهذه الفكرة الشاذة، فما من محفل تحدث فيه، إلا ونشر مقولة تحول العرب، وطبعاً بفضل سياسته، من أعداء الى حلفاء.

وإذا ما قورن ما قاله نتانياهو مع ما يفعل على الأرض، ومع مستوى علاقته الاندماجية مع الرئيس ترامب ووعوده، فإن خوفاً لابد وأن يدب في قلوب الفلسطينيين، حتى أن كثيرين منهم هتفوا بكلمة مرعبة "يا وحدنا".

كان لا بد من فعل نوعي علني، يُبدد هذه الأقوال ويخلص القضية الفلسطينية من قبضة اليأس والإحباط، لم تكن التصريحات التي تنفي تغيير الأولويات كافية لتبديد المخاوف وإزالة الشكوك، فانتظر الجميع مؤتمر القمة الذي وضع تحت أضواء كاشفة لمعرفة ما إذا كان هنالك ولو بتلميح طفيف ما يشي بتغيير الاتجاه.

وفي اعتقادي أن القمة العربية فعلت ما كان ضرورياً، ورغم تطور العلاقات الثنائية بين العديد من الدول العربية والولايات المتحدة، إلا أن هذا التطور الثنائي لم يمس جذر الموقف من القضية الفلسطينية.

مبادرة خادم الحرمين الشريفين بتسمية القمة التي انعقدت في الظهران بقمة القدس، حملت مدلولاً طمأن الفلسطينيين والعرب والمسلمين إلى الموقف من واحدة من أهم العواصم الروحية في العالم، وتأكيد إدانة الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل والتعجيل في نقل السفارة الأمريكية إليها كان أيضاً موقفاً في محله، ليتكامل مع الموقف الدولي الشامل الرافض لهذه الخطوة الأمريكية الأحادية وغير المسؤولة.

والقرار بتفعيل المبادرة العربية للسلام ودعم المبادرة الفلسطينية التي عرضت في مجلس الامن، أحدث قدراً من التوازن يستطيع به العرب والفلسطينيون مواجهة صفقة القرن من موقع سياسي أفضل، وفي وقته جاء الدعم الاستثنائي السعودي للقدس ومرافقها، وكذلك دعم الأونروا والذي سيفتح الباب بالتأكيد لدعم واسع النطاق لتعزيز صمود المدينة المقدسة وإبقاء قضية اللاجئين على قيد الحياة. كل ذلك بدد الشكوك والمخاوف، وأعاد التوازن الى الموقف العربي، ويفترض أن يكون اغلق الباب أمام رياح التيئيس والتشكيك التي هبطت على حياتنا خلال الفترة الماضية.

لعل الذين اجتمعوا في الظهران اعترفوا فيما بينهم بأنهم ليسوا شركاء فعالين في اللعبة الدولية التي تجري على أرضهم ونموذجها الصارخ مجلس إدارة سوريا الذي لا عرب فيه، فهل بوسع القمة التي أنقذت القضية الفلسطينية من قبضة اليأس أن تنقذ الأمة بأسرها من قبضة التهميش والإبعاد؟.

ولو طبق العرب قراراتهم جميعاً فلن يكونوا مجرد شركاء فيما يجري على أرضهم بل يصيرون قوة تملك التعطيل والتمرير، وكون الأمور تجري على أرضها فبوسعها أن تملك قوة حسم تؤثر على مصير المنطقة بأسرها.